هو لقاء مثير وصارم وحامل لكل الأوراق المكشوفة والمستورة بين طرفين كبيرين على الساحة الافريقية، هو لقاء المسح الجديد للصراع الثنائي عبر المواجهات التاريخية التي كان فيها المغرب خلال السنين الأخيرة سيد النتائج على الفيلة، لكن ما هو حاضر أن لغة الثأر حاضرة من لدن الفيلة التي أجهضت أحلامها الأخيرة عبر سيادة المغرب، لكن هنا يختلف الأمر، لأن الفيلة عادة للرش بخراطيمها عشوائيا، وربما قد تكون في الموقعة بعنوان جديد.
عاصفة الشك 
وإن كان الفوز القيصري محمولا بالهدية غير المرفوضة من ناميبيا في مباراة مشنوقة بالحرارة المفرطة، وإن كان ذلك مقبولا أيا كانت المخاوف تهزنا بين الفينة والأخرى لأشكال الإهتزاز الوسطي وحتى الدفاعي، فإن مباراة كوت ديفوار هي على النقيض من ذلك في توجهات البحث عن التأهل الرسمي، لكن في قراءة الأشياء تختلف الفيلة على ناميبيا كثيرا، ولهم ما يحفزهم لأن يكونوا ظاهرة الحدث وليس النظر إلى المغرب وحيدا، لأنه جزء من معادلات قراءات المباريات خطوة بخطوة، وما يضعنا في الشك الجديد، هو كيفية معالجة نقاط قوة الفيلة ونقاط ضعفهم أولا في معالجة ما يمكن أن يزحف على الأروقة الدفاعية لدرار وحكيمي اللذين سيتعذبان أمام سرعة غرادل وبيبي، ثم مناقشة متوسط الدفاع لعملاقية كودجيا الهداف الدائم للفيلة في كل الأحداث، وأيضا قراءة سيناريوهات العبور الإستراتيجي للفيلة عبر رئات الوسط المقاتلة في شخص سيري ديا وفرانك كيسي ومرورا بجون سيري الموزع الذكي ورجل القرار الهجومي، وهؤلاء جميعا يعتبرون مفتاح الفيلة في قراءة مدربهم مثلما هو الحال لدى البدلاء المعروفين من ولفريد بوني وكورني وزاها على مستوى خط الهجوم، ولو حرص الأسود على قراءة ذلك، لن يطرح الشك مطلقا على أرض الواقع.
الطقس لن يكون خصما 
هذه المرة سيكون عامل الحرارة قد نزل تلقائيا من جحيم الأربعين درجة التي عانى منها الأسود في المباراة الأولى، وسيكون عليهم قراءة هذا المعطى لأنه ملعوب على الطرفين، وربما قد يكون ذلك دافعا معنويا لأنهم تكيفوا مع الأجواء، وقد يرفعون درجة الثقة نحو فصل العبور حتى ولو كان ذلك أمام الفيلة الخصم المرشح فوق العادة، ومع نزول الحرارة تدريجيا، قد يتفاعل الأسود مع المناخ على أنه خصم يجهد القدرة البدنية، ومن تم وجب التكيف معه حسب ظروف ايقاع المباراة وطريقة لعب الخصم، والفيلة عادة ما يتكيفون مع الحرارة لأن مورفولوجيتهم وجينيتهم ملائمة حتى ولو كانوا يلعبون بأوروبا، وفي النهاية يفترض أن يكون رونار قد استنتج المكشوف من أجواء السادسة مساء، ومن أشكال الوجه المفترض أن يحضر به الفيلة.
هل سيتغير السيناريو؟ 
قد يتغير سيناريو التشكيل المغربي أمام الفيلة باستثناءات قليلة قد تكون إما على الوسط بعودة بلهندة المشروعة أو على خط الهجوم، أو تغيير الإستراتيجية لإقفال محطات العبور الافواري، طبعا سيكون على رونار قراءة المستوى البدني للفريق الوطني المفترض أن يجاري سياقات الأداء الإيفواري بالشكل الذي يراه رونار جديرا بالقراءة لكون الرجل عاين مباراة الفيلة أمام جنوب إفريقيا ووقف على الكثير من المعطيات التقنية الخاصة بالتناغم والإنسجام وتماسك الخطوط والضغط العالي في كل المحاور مع شكل المهارات التقنية العالية والضربات الثابتة وغيرها من التنويع الأدائي للفيلة التي يعرفها رونار عن قرب ولو أن فيلة العامين الماضيين ليسوا هم فيلة اليوم على مستوى تلاحم المجموعة، ولذلك من المنتظر أن يكون رونار قد قرأ مضامين الخصم جيدا وربما سيختار له رجاله الصارمين. 
زادهم وزادنا 
في نفس القراءات، يظهر أن رونار إكتشف ظرفيات الجهد البدني الموزع في المباراة الأولى، وسيكتشف بالذكاء مدى قدرة الكوموندو على مجاراة إيقاع الفيلة المهاريين شريطة أن يكون الاسود جاهزين بنفس الزاد الهجومي بالاشكال المطروحة لدى زياش وبلهندة والأروقة البنائية، ومن فرضيات قراءة الخصم في مباراة جنوب افريقيا وما فعله الفيلة بالتدرج الحراري ومناسبات خلق الفرص لا بد أن يكون ذلك مرسوما في ذهنية من سيوقف زحف الفيلة ومن يستدرجهم في خط دفاعهم لزعزعة مواقعهم، ولذلك سنكون جميعا امام فصول مباراة محمولة على الصرامة والقتالية على المواقع ومراقبة من يشكل الرعب أساسا، وكما لهم زادهم على مستوى الوسط والهجوم، لدينا أيضا من الزاد البشري ليشكل الإستثناء الجديد في ملحمة سيضع الطرفان معا في بوصلة التأهل أمام حالة التعادل، لكن الفوز سيبقى ضرورة ملحة لحسم الأمور براحة البال.
كوموندو الودي 
مثلما تفاعل المدرب كامارا مع اختياراته الرسمية في ودية زامبيا الأخيرة والتي اكتسحها بأربعة لواحد، لم يناقش أيا كان من طاقمه التقني في تغيير نمط الرجال، وحرص على الإبقاء عليهم كرسميين في مباراة جنوب إفريقيا استدلالا بالحفاظ على التكامل الذي صنعه الإيفواريون في بروفة زامبيا، وبالطبع شكل حضور الفيلة أمام جنوب إفريقيا انطباعا جيدا على مستوى النتيجة المحصل عليها بصعوبة في مباراة ملعوبة على إيقاع الحرارة المفرطة ، لكن بفرص قليلة مع هدايا مقدمة من جنوب افريقيا على شاكلة فرصة الإنذار الذي وجهه القناص كودجيا في الدقيقة 31 من هدية الدفاع واستغله وجها لوجه ليضيع افتتاح الحصة قبل أن يكون هو صانع الفوز في الدقيقة 64 من تمريرة غرادل الجناح السريع نحو متوسط الدفاع الفارغ ويسجل بهدوء، قلت أن الناخب كامارا، أبقى على الوجوه النارية والخبيرة بداية من الحارس غبوهو، والعميد أوريي كظهير أيمن وكوليبالي من اليسار وهو اللاعب الوحيد الممثل للبطولة الإيفوارية من أسيك أبيدجان، مع متوسط دفاعي بين طراوري وكانون ولفريد، فيما قدم رجلي الإرتداد سيري دي وفرانك كيسي في الوسط مع ثلاثي البناء الهجومي من جون سيري كصانع ألعاب وغرادل كجناح أيسر ونيكولاس بيبي كجناح أيمن وكودجيا كقلب هجوم، وهذه الشاكلة هي التي وضعت المنتخب جنبا إلى جنب مع المغرب في الصدارة. 
حاضرون للثأر 
لا ينسى الإيفواريون كأس إفريقيا الأخيرة عندما كان المغرب هو قاتل أحلام كوت ديفوار عندما أخرجهم من النهائيات بهدف رشيد عليوي الساحر والوحيد، كما لم ينسوا حتى الهزيمة التريخية بميدانهم أمام المغرب بهدفي درار وبنعطية عن إياب إقصائيات كأس العالم بروسيا، وهذه القصص الدرامية يريدها الإفواريون أن تنمحي أمام مواجهة ثالثة على التوالي في سياق آخر يدخلونه من باب الثأر والوعيد، وربما قد تكون هذه المعادلة منصفة لهم من أجل رد الدين بفوز يؤهلهم رسميا حتى ولو كان باب التعادل يؤهلهما معا، ولكن في كرة القدم ليس هناك أي توادد في الرقعة، لأن تاريخ كوت ديفوار تلطخ بالخسائر الاخيرة أمام هيرفي رونار مدربهم السابق، وفي ذلك إشارة واضحة على أن النزال لن يكون سهلا على الإطلاق للطرفين ولو أن الفيلة استحضرت كل شيء من أجل رد الدين.
الرعب من هؤلاء
يظهر المنتخب الإفواري على درجة عالية من التناغم الهجومي ولو أن كثيبتهم في الأسطول تضم 13 لاعبا من القدامى وهم من يشكلون النواة الأصلية، ويعتبر ما اختاره الناخب زبد الكرة الإفوارية بداية من الهداف الرئيسي نيكولاس بيبي الذي سجل 22 هدفا بفرنسا ويليه ماكس غرادل مهاجم تولوز بـ 11 هدفا و6 تمريرة حاسمة، وثالثا ولفريد زاها مسجل 10 أهداف وثاني هداف مع كريستال بالاس الانجليزي و10 تمريرات حاسمة، ورابعا أسالي روجير بـ 9 أهداف و11 تمريرة حاسمة، وجوناتان كودجيا بـ 9 أهداف أيضا، وكورني بـ 7 أهداف و5 تمريرات حاسمة، وأخيرا بوني ولفريد بخمسة أهداف، وكل هذه الأسماء التي تسجل لها طابع العمل المشترك في صناعة الأهداف الحاسمة وورائها وسط بنائي رائع أيضا، وهذه الزوبعة تبعث على الإرتياح التقني ولكنها تصعد من عملية الإختيار لرجال المعركة سيما في ترسيم الأقوى من لدن القرار الصعب لدى المدرب، وشاهدنا جميعا كيف سجل كودجيا وكورني وجون سيري وبوني رباعيتهم في ودية زامبيا قبل أن يعود كودجيا لرسم الفوز الرسمي على جنوب إفريقيا، ما يعني أن كمارا اختار جون سيري كصانع ألعاب وبيبي كجناح أيمن وغرادل كجناح أيسر وكودجيا كقلب هجوم، وبالتالي فرض عليه ذلك ترسيم شاكلة 4 – 3 – 3 أمام جنوب افريقيا، ولذلك على المنتخب المغربي أن يأخذ حذره من رعب هؤلاء لأن الناخب بحكم سيطرته على مجريات المباراة، أشرك كلا من زاها وبوني بديلين لجون سيري وكورني مكان غرادل، وربما قد يعتمد المدرب على نفس التشكيلة أو خلق توازنات جديدة لمنح الهجوم وصناعة اللعب قوتها الاضافية.
البرنامج
الجمعة 24 يونيو 2019
بملعب السلام: س18: المغرب ـ كوت ديفوار