لا يمكن أن أقرأ تفاصيل ما حدث اليوم، وقد انتهت مداولات لجنة الإنضباط التابعة للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم إلى ما انتهت إليه من قرارات بشأن إياب نهائي عصبة أبطال إفريقيا بين الترجي التونسي والوداد البيضاوي، إلا من زاوية ما بات يعرف اليوم بالحكامة الرياضية، لأقول أن محكمة التحكيم الرياضي كسرت رأس الكونفدرالية وجاءت بعدها لجنة الإنضباط التابعة لها لتكشف عن عوراتها، وليتأكد لنا أن المؤسسة الوصية على كرة القدم الإفريقية موبوءة ويلزم الكثير من الوقت لإزالة ما علق بها من أوبئة.
عندما ألغت محكمة التحكيم الرياضي "طاس" قرار اللجنة التنفيذية الصادر عن اجتماعها ليوم 5 يونيو الماضي والقاضي بإعادة نهائي عصبة الأبطال بين الترجي والوداد الموقوف في الدقيقة 58، لعدم الإختصاص، كانت "طاس" تكشف عن ضعف بين في ممارسة السلط داخل الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، وهي درجة أولى في حكامة التسيير، فكيف تفتقد إذا مؤسسة وصية عن الكرة الإفريقية لخبرات قانونية تدلها على التنزيل العادي والسليم لأحكام ومقتضيات النصوص؟
وقد كنا سنتجاوز عن هذا التشوه الفاضح لغياب سند قانوني، لولا أن ما جاء في منطوق أحكام لجنة الإنضباط التي هي من الأجهزة التابعة للكاف، صدمنا جميعا بل وعزز لدينا الإعتقاد أن مؤسسة الكاف مفصول رأسها عن جسدها، إذ المفروض أن يكون هناك تناغم بين الأجهزة الصانعة للقرارات داخل الكاف، لا أن يوجد هذا التنافر الدال على ضعف الحكامة.
وحتى قبل أن أناقش لجنة الإنضباط في صيغة القرارات وفي التعليلات القانونية المقدمة من قبلها، سأقف عند مصدر الصدمة، وهو أن لجنة الإنضباط جلدت بهذا المعنى اللجنة التنفيذية التي هي الجهاز التنفيذي بل الجهاز الأعلى في الكونفدرالية بعد الجمعية العمومية، فإن قالت اللجنة التنفيذية يوم 5 يونيو بإعادة النهائي في بلد محايد استنادا على ما هو منصوص عليه في المواد الإنضباطية، فكيف تقرر لجنة الإنضباط عدم إعادته بالعودة لذات المواد؟
فإما أن تكون اللجنة التنفيذية قد استعجلت القرار أو أنها  لم تحصل على قراءة سليمة للمواد الإنضباطية أو أنه غرر بها؟ وإما أن تكون لجنة الإنضباط نفسها قد أعادت لاعتبارات خارجية قراءة الفصول وقضت بما قضت به في تعرية سافرة لعورات مؤسسة الكاف؟
وطبعا عندما تتحدث لجنة الإنضباط عند تعليلها لقرار عدم إعادة المباراة، على انسحاب لاعبي الوداد فإن هذا يتعارض مع حقيقة ما جرى وهو أن لاعبي الوداد البيضاوي رفضوا استئناف اللعب ولم ينسحبوا، وأي رجل قانون يستطيع أن يوضح الفرق الكامن بين فعل الإنسحاب وفعل رفض استئناف اللعب بسبب غياب مبدإ تكافؤ الفرص لعدم تشغيل الڤار، وبسبب غياب شروط السلامة لمواصلة اللعب كما هو منصوص عليه في تعليل قرار تنفيذية الكاف.
كنت سأقبل على الرحب والسعة قرار لجنة الإنضباط، وأقبل بحرمان الوداد البيضاوي من الكأس، لو لم أشعر للأسف بوجود ازدواجية في تفسير المواد الواردة في اللائحة الإنضباطية، وبوجود لوبيات تدعي أنها تريد إخراج الكاف من الوحل بينما الحقيقة أنها تزيد إغراقها في الوحل.
في جملة واحدة، كانت الفيفا محقة بأن تصدر للكاف أمينها العام فاطمة سامورا، لعلها تفلح مع معاونيها في ضرب أعشاش وأوكار الفساد داخل الكونفدرالية، شخصيا أسأل لها الشجاعة والصبر وطول النفس لضرب كل جيوب المقاومة.