لونحن قمنا بتصنيف وتقييم عدد من الوجوه المحلية اللامعة رفقة فرقها وحققت طفرة في البطولة كما حققتها قاريا في مختلف المسابقات التي ظهرت فيها، سنجد كريم باعدي واحدا من الذين يتصدرون القائمة المحلية وواحدا من الوجوه التي نجحت وفي ظرف قياسي من أن تثبت أقدامها داخل المنتخبات الوطنية.
وحين يعز علينا البحث عن ظهر في البطولة، كمن يتحرى عن إبرة في القش فلا نجد غير كريم باعدي الأكاديري الرائع ليمنحنا هذه الثقة ويشعرنا ببصيص الأمل في المستقبل.
باعدي الصريح والعفوي والتلقائي أحد مكاسب الفريق الوطني يغوص معكم في الحوار التالي في عديد المحاور التي تبرز لكم فكر وطموحات هذا الفتي الخلوق.

ــ المنتخب: في ظرف قياسي أقصد منذ عام تقريبا وأنت في نسق تصعدي وثبات في المستوى يجسده حضورك الدائم مع المنتخبات الوطنية في كل قوائمها، هل نضج كريم كما ينبغي؟
كريم باعدي: أعتقد أنك لخصت كل شيء من خلال هذا الحديث، لأنني أشعر حاليا بأنني قمة النضج الكروي وحتى الفكري وعلى أنني تطورت كثيرا عن أولى الإطلالات وهذا يلمسه المقربون مني كما يلمسه الجمهور السوسي.
الحمد لله مثل هذه الأشياء لا تأتي صدفة، لكنها تتطلب تضحيات وتتطلب اجتهادا مضنيا، وأنا لما احترفت هذه الكرة وعدت محيطي وأسرتي بأنني سأتفرغ لها كي تعطيني لا أن أتركها تأخذني.

ــ المنتخب: دائما بصدد نفس التساؤل، ما الذي ساعد باعدي كي ينفجر ويبرز نفسه بهذه الصورة؟
كريم باعدي: لا نجاح إلا وخلفه تضحيات كما يقف وراءه محيط وبيئة، ويستحيل أن تصادف إنسانا ناجحا في حياته دون أن يكون لنجاحه هذا أسس وقواعد منها الأسرة ونظام الحياة ونمط العيش.
الحمد لله والشكر الذي حباني بأسرة محافظة غرست بداخلي القيم المثلى وعلمتني معنى احترام الذات الأمارة بالسوء كي لا تطغى على صاحبها قبل أن أحترم الغير.
لذلك أنا مدين للبيئة التي نشأت بها ومدين بطبيعة الحال للحسنية التي كان لها فضل كبير فيما بلغته حاليا وهذا أمر لا أنكره.

ــ المنتخب: حين تستحضر أنك اللاعب الوحيد من البطولة الذي حضر بالكان، ما الذي تمثله لك هذه الذكرى؟
كريم باعدي: قبل السفر للكان تواجد معنا عدد من لاعبي البطولة وأخبرنا المدرب السابق هيرفي رونار على أن المنافسة ستكون مشتعلة على حجز مكان في اللائحة.
بطبيعة الحال تواجد في المعسكر لاعبون محترفون آخرون محليون سبقوني بسنوات لحمل قميص الفريق الوطني وأكثر خبرة مني٬ لذلك كان اختياري كي أمثل اللاعب المحلي بمفردي في "الكان" حافزا وخطوة لن أنساها أبدا.

ــ المنتخب: تقول هذا رغم أنك لم تشارك ولم تلعب أي مباراة؟
كريم باعدي: بودي أن أوضح هذه النقطة، فتجربة المشاركة في "الكان" واكتشاف أجوائه مع نجوم الكرة الإفريقية العالميون شيء لا يقدر بثمن، لأنه لو كتب الله سبحانه وتعالى مشاركة أخرى في هذه المسابقة فسيكون الأمر مختلفا، لآن ما عشته كان شبيها بـ «سطاج» ناجح بكل المقاييس.

ــ المنتخب: عدم مشاركتك لأي سبب يمكن أن نرجعها؟
كريم باعدي: الآن وبعد أن طوينا هذه الصفحة لا يمكن أن أرهق نفسي  أتساءل لماذا لم ألعب  لما لم يلتفت إلي المدرب في تلك المباراة مثلا.
فطيلة تواجدي في معسكرات الأسود كنت ألمس قدر الرعاية والعطف الكبير من المدرب رونار ومن مصطفى حجي،كما استفدت الكثير والكثير وهنا أتحدث عن تجربة مهمة في الحياة.

ــ المنتخب: كل لاعب إلا ويحتكم لمشاعره في حالات كثيرة، في حالتك متى راودك الإحساس أنك ضامن لمكانتك مع الفريق الوطني؟
كريم باعدي: حتى لا أقدم إجابة على الفترة الحالية التي يملك المدرب مطلق الصلاحية اختيار من يشاء، فإنني أستحضر مباراة قربتني كثيرا من رونار وكانت أمام مالاوي على ملعبه الصعب في تصفيات "الكان".
خلال هذه المباراة ورغم الظروف الصعبة وغير المساعدة مناخيا كنت موفقا في تقمص الدور الذي طلبه مني رونار، ولعبت 75 بشكل جيد، وبعدما استبدلني المدرب ربع ساعة قبل النهائي، أبلغني إشادته الكبيرة بمردودي التقني.

ــ المنتخب: مع وحيد الأمر إختلف عما كان عليه مع رونار، أقصد أنك لعبت رسميا من ثاني مباراة، ما تعليقك؟
كريم باعدي: لكل زمن رجال وقد أكون صالحا للعب مع وحيد وليس مع رونار مثلا.
خاصية اللعب تبنى بالخطط وليس بشكل عشوائي، وكل مدرب له مرتكزات الخطة والتكتيك ويلائم عليها العناصر التي سيعتمد عليها.

ــ المنتخب: سواء مع الحسنية أو المنتخب الوطني تابعناك تلعب في الرواقين معا، بل وأحينا جناحا مزورا ولم تشتك، أين ترتاح أكثر؟
كريم باعدي: أرتاح أكثر حين يكون لدي عمل قليل وتداريب غير شاقة ولا إلتزامات مهنية، وحين تجتمع كل الظروف فإنها تفرز شخصية لطيفة وهادئة ومستعدة لتبادل صاحبها الوفاء والذي أقصد به استعدادي وجاهزيتي للعب في أي مكان أو رقعة أو دور يطلب مني.

ــ المنتخب: لكن الكثيرون رأوا أنك بحضور أفضل نسبيا حين تتقمص دور الظهير الأيسر الذي هو إحدى معضلات الفريق الوطني، هل تشاطر هذا التقييم؟
كريم باعدي: صدقني لا أشعر بأي نوع من الإختلال أو الضعف كما لا أرى نفسي متوترا أو متأثرا بهذا التوظيف على حساب الثاني.
الكثيرون يجهلون أني ألعب بالرجلين معا وبذات المستوى وهذا أمر تدرجت عليه منذ كنت صغيرا في السن، لذلك أنا قلتها للناخب السابق كما الحالي جاهز لكل الأدوار ولأنافس بالشرعية على مكان لي داخل الفريق الوطني.

ــ المنتخب: أثرت قلق الجماهير السوسية وجماهير الفريق الوطني وأنت تغادر مصابا أمام النيجر؟ حدثنا عن طبيعة الإصابة وفترة الغياب؟
كريم باعدي: كل شيء كان على أفضل ما يرام لغاية الدقيقة التي أصبت فيها التي كان الملعب السيء أحد أسبابها، كانت هناك حفرة مكسوة بالرمل إصطدمت بإحداها لأشعر بآلام حادة على مستوى الكاحل وهنا تدخل المدرب للتغيير.

ــ المنتخب: وما الذي أفرزته الفحوصات التي خضعت لها ومنعتك من مرافقة ناديك صوب تونس؟
كريم باعدي: خضعت بعد المباراة بيوم واحد لفحص طبي دقيق في أكادير بالأشعة أثبت أن هناك تمددا على مستوى أربطة الكاحل،  وأي تفكير في اللعب سيمثل مخاطرة لأنه حتى بعض أربطة الركبة تأثرت بفعل إصابة ملعب مراكش، وبطبيعة الحال وبعدما نلت الترخيص الطبي وهذه الشهادة التي تؤكد الوعكة، كان من المستحيل أن أكون مع الفريق ولاعبي الحسنية في ليبيا ولو مجرد مرافق، أولا لتفادي أية مضاعفات بشأن الإصابة وثانيا لأن الحسنية والمنتخبات الوطنية يحتاجونني أكثر مستقبلا وليس الآن.
(يتبع)