أيا ما تكون النتائج التي أفضت إليها التحقيقات التي خضع لها عبد الرزاق حمد الله في النيابة العامة بالرياض على خلفية مشاداته الكلامية مع مسؤولة بمطار الملك خالد، فإن كل القرائن تؤكد أن هداف البطولة السعودية لم يعد أبدا كما كان في الموسم الماضي، ذلك اللاعب الوديع، المسالم ،الهادئ، والذي لا يخرج عن طوعه سوى لحظة مواجهته للشباك فقط. وكأن حمد الله أصابه المس، فأصبحت أعصابه مثل الزجاج تنكسر بسهولة أمام أي اهتزاز.

كان حمد الله عدوانيا أمام الشباك لاغير، وكان ينهي معاركه دائما بانتصار كبير لموهبته الفائقة في التهديف.. ومن فرط ما كان يهدد منافسيه، لم تكن الحالة النفسية لحراس المرمى في السعودية تدعو للاطمئنان.. لكن فيما يشبه انقلاب السحر على الساحر، تغيرت مزاجية حمد الله إلى النقيض مع انطلاق منافسات هذا الموسم، وفقد زمام السيطرة على أعصابه، وأضاع القدرة على التمييز بين الهدوء والتوثر، وبين السكون والانفعال، فصار يتصرف بغضب زائد إلى حد العدوانية.. فما الذي غيره؟

بدأ حمد الله موسمه بشكل مثالي وسجل هدفه الأول في الدورة الأولى أمام ضمك (2 – 0) وبدا أنه سيخطو بثقة وثبات نحو الدفاع عن لقبه هدافا للموسم الماضي. وفي الدورة الثانية أمام الفتح (1 – 0 للنصر) بدأت تظهر عليه بدأت بوادر التوثر والغضب والانفعال بعدما عجز عن التهديف، وازداد الأمر سوءا في الدورة الثالثة أمام نادي الشباب (0- 0) عندما وقع في المحظور عقب شعوره باستفزاز من حارس الشباب التونسي فاروق بن مصطفى، فصدرت منه ردة فعل قوية تجاهه ليحصل الطرفان على بطاقة صفراء لكل منهما بعدما كادا يشتبكان بالأيدي لولا تدخل الحكم وباقي لاعبي الفريقين.

وفي الدورة الرابعة أمام الحزم (خسر النصر 0 – 1)، وفقَدَ حمد الله أعصابه مرة أخرى، ووضع نفسه في موقف حرج بعدما اتُّهم بالبصق على لاعب من الحزم، ورصدت كاميرات التصوير يومها حمد الله وهو يهم بالنهوض بعدما سقط أرضا بسبب احتكاك مع منافسه، وبصق في اتجاهه، وأحدث ضجة كبيرة في السعودية بسبب مطالب العديدين بضرورة إنزال عقوبة شديدة عليه.

وفي الدورة الخامسة أمام الأهلي (0 – 0) جن جنون حمد الله واحتج على حكم المباراة كثيرا بعدما طالب بضربة الجزاء مرتين، إثر سقوطه في منطقة العمليات، وحصل على الإنذار في المرة الثانية، وكاد الاحتجاج أن يكلفه البطاقة الحمراء حيث اتجه إلى الحكم بعد صافرة النهاية ليدخل معه في نقاش حاد كاد يتطور إلى ما لا يحمد عقباه لولا أن تدخل زميله في الفريق بيتروس وسحبه بقوة من أمام طاقم التحكيم.

وبات الاحتجاج على الحكام الصفة الملازمة لحمد الله، لذلك تكرر الاحتجاج المبالغ فيه خلال مباراة النصر والسد في منافسات عصبة أبطال آسيا، فعابت عليه الجماهير ذلك مرة أخرى، فتعرض لهجوم شديد، كما عابت عليه تصرفه مع زميله ومواطنه نور الدين أمرابط خلال مباراة النصر وأبها في الدورة 9 من منافسات البطولة، عندما رفض أن يسمح لم بتنفيذ ضربة جزاء، وهو التصرف الذي أدانه واستنكره ذات يوم حمد الله نفسه بعدما رفضه من زميله في المنتخب المغربي فيصل فجر الذي منعه من تسديد ضربة جزاء في مباراة دولية ودية.

ولم يكد هذا الحدث يهدأ حتى تفجرت "قضية المطار"، ودخل هذه المرة في مشاداة كلامية مع موظفة أمن، وفقد السيطرة على أعصابه، وكان من نتائج ذلك أن تدخلت النيابة العامة في الرياض لتخضع الطرفين للتحقيق الذي لم يعلن نتائجه بعد.

وبعدما كان حمد الله الهداف المثالي الهادئ الذي يناضل من أجل هز الشباك فقط، بات سجله العدلي داخل وخارج الملعب مليء بالسوابق والأحداث المؤسفة.. وكل ذلك بسبب الغضب السريع والاحتقان الزائد والانفعال المبالغ فيه.