دخل ميغيل أنخيل غاموندي مدرب حسنية أكادير نهائي كأس العرش وهو منتشٍ بالانتصار الكبير و"التاريخي" الذي حققه على حساب إعلامية سألته في الندوة الصحفية التي مهدت لهذا النهائي، حول جبهة هجوم فريقه، وأسباب تضييع لاعبيه للعديد من فرص التهديف السهلة، وهو ما اتضح فعلا أمس أمام الاتحاد البيضاوي.

غاموندي استقوى على الصحافية التي طرحت عليه سؤالا عاديا وبريئا في إطار تأدية واجبها الإعلامي، واستعرض عليها عضلاته.. وفيما يشبه التوبيخ لامها لأنها لم تكن لاعبة كرة القدم سابقة، ولا تفقه شيئا في التدريب، ولا تفهم أساسيات مهنة المدربين ولا تتذكر من هم هدافو المغرب في السنوات الماضية.. وما إلى ذلك، كما دعاها لحضور بعض حصصه التدريبية حتى تتعلم!! وكانت رسالة غاموندي واضحة، وهي أنه لاداعي لأي إعلامي بأن يسأل أو ينتقد أو يتحدت عن عمل المدرب لأنه وحده من يفقه "علمه الخاص" الذي يتفوق به على من هم دون المدربين، ونسي المدرب "الفذ" أن تخصص الإعلامي أن ينقل رسالته ويؤدي واجبه وفق شروط المهنة وقوانينها التي منحته هذه الصفة وكفلت له الحقوق مثل الواجبات.

ADVERTISEMENTS

كما نسي غاموندي أن التاريخ لم يذكر أن عشرات الصحافيين الذين غطوا حدث تفجير القنبلة النووية في الأربعينيات من القرن الماضي درسوا علم الذرة.. كما لم نقرأ في كتب الأولين أن الإعلاميين الذين تحدثوا عن الإنجاز الكبير الذي قام به نيل أرمسترونغ عندما صعد إلى سطح القمر، في ستينيات القرن المنصرم،  تحولوا إلى رواد الفضاء.. كما لا تشير أي من التقارير الإعلامية التي عطت وتغطي الحروب في كل بقاع الأرض أن الإعلاميين الذي يتناولون أخبارها ويأتوا من ميادينها بالجديد في كل دقيقة، درسوا حياة ألفريد نوبل مخترع البارود! أوخضعوا لمعسكرات التدريب في قواعد عسكرية، أو أنهم درسوا ماهية النزاع المسلح، ويجيدون إدارة المعارك، وتفكيك الأسلحة، وإبطال مفعول القنابل، وما إلى ذلك.. والأمثلة كثيرة ومتعددة بالطبع، لا يسع المجال لأن نُذكِّر بها "العظيم" و"المنتشي" بانتصاره "التاريخي" غاموندي.

يريد غاموندي أن يقنعنا بأن انتقاد أي مدرب والحديث عن عمله هو ضرب من الخيال بالنسبة لأي إعلامي، يريد أن يقنعنا بأن التطرق إعلاميا لعمل المدربين يحتاج إلى علم "كروي" ودراسة "كروية" وتخصص "متفرد" في مجال التدريب.. وما إلى ذلك.

وأنا واثق من أن غاموندي لو فاز بكأس العرش لازداد زهوا وانتفاخا واستقواء!! وسيكون على الإعلاميين بعد ذلك أن يستيقضوا باكرا جدا جدا، ومع تهليلات الفجر، إن هم أرادوا التحدث إليه أو مقابلته في ندوة صحفية!!

ADVERTISEMENTS

كان بإمكاننا تذكير غاموندي بكل هذا، وأكثر، مباشرة بعد الندوة الصحفية المذكورة، لكن مراعاة لظروف حسنية أكادير وهو مقبل على مباراة النهائي، ومراعاة لأحاسيس الجماهير السوسية التي كانت تتهيأ لمآزرة فريقها، ارتأينا تأجيل الموضوع لما بعد المباراة، حتى لا يتهمنا أحد بالتشويش على مدرب استصغر إعلامية، وتصرف معها باحتقار واضح!!