باتت آنا عاملة تنظيف من سكان روما، من "الفقراء الجدد" في إيطاليا بعدما حرمت من مصدر رزقها بسبب تفشي كوفيد-19 وارغمت على الاعتماد على المساعدات الغذائية، وتخفي هويتها لكنها تقول إنها "تشعر بالعار".

وتقول الخمسينية التي عبرت المدينة للحصول على حصة غذائية توزعها جمعية "روندا ديلا سوليداريتا" في وسط روما التاريخي، "من حين لآخر آتي إلى هنا عندما تكون الأمور صعبة جدا. وأشعر بالعار". وتسعى للتوفير في الطعام لتتمكن من دفع إيجارها. وفي ذلك اليوم تم إنتزاع الحصص ال130 خلال 10 دقائق.

ودخلت إيطاليا فترة ركود تاريخية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، متوقعة نسبتها بين 8 و10%. وفي شباط/فبراير وجد الوباء أرضا خصبة مع اقتصاد ضعيف وانعدام المساواة ودين عام كبير وبطالة بمعدل 9% وعمل غير قانوني على نطاق واسع خصوصا في الجنوب.

وبحسب نقابة "كولديرتي" الزراعية زاد عدد الأشخاص المعتمدين على المساعدات الغذائية بأكثر من الثلث ليبلغ 3,7 مليون شخص أي أكثر بمليون من السابق، ووصفتهم ب"الفقراء الجدد".

والمشكلة عالمية. بحسب منظمة "أوكسفام" غير الحكومية قد يعيش 500 مليون شخص في العالم في الفقر بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد. في بريطانيا طلب مليون شخص تقريبا أي 10 أضعاف أكثر من الأوقات العادية، مساعدة من الدولة. في الولايات المتحدة بلغ عدد العاطلين عن العمل 20 مليون نسمة.

لكن إيطاليا تدفع ثمنا باهظا من الناحيتين الإنسانية مع أكثر من 30 ألف وفاة، واقتصاديا. وكانت مناطقها الشمالية الأغنى تؤمن 45% من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد، وهي الأكثر تضررا بالوباء.

لكن الوعود سصيعب الوفاء بها بما في ذلك لموظفين ظنوا بانهم في منأى من الأزمة. وتقول ماريا لوبريتي (65 عاما) التي جاءت تطلب المساعدة من مركز توزيع تديره جمعية كاريتاس في ضاحية ميلانو "أشعر بخجل كبير".

وقبل فيروس كورونا المستجد كانت تعمل في غرفة جمع المعاطف في مسرح لاسكالا، ما كان يسمح لها بالعيش إذ كانت تخصص راتبها التقاعدي كأرملة لدفع الإيجار و60 يورو شهريا لشراء الأدوية. لكن مسرح الأوبرا الشهير في ميلانو أغلق أبوابه واستغنى عن خدماتها.

وتضيف المرأة المتطوعة في جمعية تساعد المشردين "أجد نفسي اليوم في وضع هؤلاء الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة".

وتقول "قلت دائما لنفسي +يا إلهي ما عساهم يشعرون؟ والآن أشعر أنا بهذا الألم. إنه أمر يجرح كرامتكم كإنسان".

ومنذ تسريحه من وظيفته كطاه قبل عام، كان أنطونيو دي غريغوريو (64 عاما) يؤمن معيشته من خلال العمل كسائق لدى مسنين. وهو أب لفتاة في التاسعة من العمر، وبات يعيش من الحد الأدنى للدخل الذي تؤمنه الدولة للمحتاجين وقدره 400 يورو. ويقول "بحلول منتصف الشهر يتبخر المبلغ".

ويؤكد دي غريغوريو أنه رأى أشخاصا يسرقون الطعام في متاجر في ميلانو وهي ظاهرة سجلت أيضا في الجنوب الفقير. ويقول "على عجلة الاقتصاد أن تتحرك مجددا وإلا سنشهد حربا أهلية لأن الأشخاص يائسون".

وتقول كاريتاس إن طلبات المساعدة في مراكزها زدات أكثر من الضعف منذ بدء تفشي الوباء (+114%). وجمعية "نونا روما" التي تساعد الروم في العاصمة الإيطالية، كانت تساعد 300 أسرة وباتت تساعد أربعة آلاف كما ذكر رئيسها ألبرتو كامبايا لفرانس برس.

ويضيف "لم يعد الأمر يتعلق بالأسر التي تعيش في فقر مدقع بل الأشخاص الذين يعملون بشكل غير قانوني والعمال المستقلين والشباب والمهاجرين. ليس لهؤلاء وظائف".

وتوزع "نونا روما" المواد الغذائية الأساسية كل نهاية أسبوع. ويؤكد كثيرون يستفيدون منها لفرانس برس إنهم لم يتلقوا بعد القسائم الغذائية بقيمة قصوى من 100 يورو أسبوعيا ولكل أسرة. وبحسب البلدية تم توزيع 60 ألف قسيمة لكن الجمعيات تقدر أنها بحاجة إلى 90 ألفا.

وتقول الفيليبينية ماري-طيريز التي جاءت تأخذ حصة غذائية من جمعية "نونا روما" إنها في أفضل حال من غيرها. وقرب مسكنها لم يعد المشردون يجدون طعاما وسط النفايات "لأن أحدا لم يعد يرمي شيئا".