إلى اليوم وحتى في اللحظات العصيبة التي يعيشها حسنية أكادير، وقد أكره على مواجهة الوداد البيضاوي في غياب حزمة من لاعبيه الأساسيين، بسبب إصابة بعضهم بفيروس كورونا، وبسبب إصابات عضلية لبعضهم الآخر، لا يظهر الدولي المحلي سفيان بوفتيني في متوسط دفاع الحسنية إلى جانب زميله ياسين الرامي، بسبب ما قال الحبيب سيدينو رئيس الفريق أنه إجراء عقابي وتأديبي تعرض له سفيان، بإحالته على فريق الأمل، في أعقاب مغادرته غير المبررة لمعسكر الفريق المغلق وهو على أهبة مواجهة الفتح الرباطي.
معاقبة لاعب في هذه الظرفية بالذات، والفريق مقبل على حدث تاريخي واستثنائي متمثلا في خوضه يوم 19 أكتوبر الحالي، لمباراة نصف نهائي كأس الكونفدرالية أمام شقيقه النهضة البركانية، أثارت حفيظة مناصري الفريق، بخاصة منهم الذين يعرفون أن قصة غريبة تختفي وراء هذا الإجراء التأديبي، أجملها سيدينو وهو يقول، بأن الحسنية لن تقبل بأن يلوي بوفتيني ذراعها، ما يعني أن ظاهر الإجراء التأديبي هو مخالفة بوفتيني للوائح ومغادرته للمعسكر بدون مبرر معقول ومن دون ترخيص لإدارة الفريق، ولكن باطنه يقول بأن بوفتيني تشبت بحقه في خوض تجربة احترافية خارجية هي الأولى له، عندما تلقى عرضا من نادي الباطن السعودي بقيمة 300 ألف دولار، في حين تريد الحسنية أن تبيع اللاعب وقد تبقى له سنة واحدة من عقده لفريق مغربي، قال سيدينو أنه دفع أكثر مما دفعه الفريق السعودي، وذاك الفريق لا يخرج عن أحد الإثنين، الوداد البيضاوي وشباب المحمدية.
وأيا كان الأمر، فهناك بالتأكيد سوء تدبير للحالة، قد نعاتب ونلوم بوفتيني على أنه تهور في استقبال قرار رئيسه سيدينو وهو يرفض العرض السعودي، بعد أن وافق عليه قبل ذلك، ولكن العتاب واللوم كله يقع على المكتب المسير للحسنية وعلى رأسه سيدينو، لأنه لم يتصرف بحكمة إزاء هذا الطارئ، ولم يتفاوض لا مع نادي الباطن ولا مع لاعبه بوفتيني بما يتناسب مع الظرفية الإستثنائية ومع مصلحة الحسنية الذي يحتاج لاعبه على الأقل لغاية الإنتهاء من منافسات كأس الكونفدرالية.
ولو نظرنا للقضية من زاوية رياضية، لتبين أن المكتب المسير للحسنية يحمل بوفتيني خطأ ارتكبه بسبب أن المكتب المسير للحسنية أساء تدبير الحالة، بل هو من أوصلها للنقطة الخلافية، وترك بوفتيني وحده يؤدي ثمنها، مع أنه ليس الجاني الوحيد فيها.
ولو نظرنا للقضية من زاوية مالية، فإن الحسنية إن لم تقنع لاعبها بوفتيني بتمديد عقده قبل سنة واحدة من نهايته، فإنها يجب أن تظهر ذكاء كبيرا في بيع السنة المتبقية من عقد لاعبها، وفي كل الأحوال فإن ذلك لن يكون أبدا تحت الإكراه ومن دون رضا اللاعب، بحسب ما تنص عليه الأعراف القانونية.
فإن لم تقبل الحسنية كما قال سيدينو أن يلوي بوفتيني ذراعها، فحتما إن جلست الحسنية مع أندية وطنية أو أجنبية لطاولة التفاوض، لبيع ما تبقى من عقد لاعبها بوفتيني، فلن تستطيع هي الأخرى أن تلوي ذراعه ليقبل باللعب لأي فريق لا يحترم شروطه المالية بل ولا يتوافق مع أهدافه الرياضية، ولا أن تمضي أي عقد من دون رغبته هو، وفي كل الحالات فإن هذا الصدع المفتعل، وهذا التهويل لسلوك متهور يتكرر كثيرا في مشهد الأندية، بسبب أن رؤساء الأندية ينقلبون على لاعبيهم، لن يفيد لا الحسنية التي تقف على بعد أيام من مباراة تاريخية تحتاج فيها إلى كل دعاماتها البشرية، ولن يفيد بوفتيني الذي تصبب عرقا ومعاناة وهو يتنقل مع زملائه في الأحراش والأدغال الإفريقية ليبلغ المربع الذهبي لكأس الكونفدرالية، وليكتب مع فرسان الحسنية ملحمة إفريقية ما زالت لفصولها بقية.
أما ما يسوق له سيدينو وبعض الشعبويين من شعارات جافة لا تقبل بها كرة القدم الإحترافية، فإنه كلام للإستهلاك ليس إلا..