• 16 أسدا يكتشفون لأول مرة الكأس القارية
• مشوارنا داخل الحدود هل يكبح جماح الأسود؟

ككل دورة وفي كل الدورات، جريا على تقليد إطلاق العنان لأشرعة احلامنا كي تنطلق وتحلق عاليا، فإننا نعود لأرض الواقع قبل أن نستغرق في عمق هذه الأحلام والتوقعات.
وقبل أن نواكب رحلة فريقنا الوطني على الملاعب الكامرونية سعيا خلف ثاني الألقاب بعد الأول المنجز منذ أكثر من 4 عقود، فإننا ندقق في هذه المتابعة في جزئيتين هامتين، بقدر ما يرى البعض أنها تمثل عائقا وشوكة في حلق الأحلام، آخرون يستحضرون نموذجي الدنمارك واليونان للإستدلال على ما قد تحمله نفس الجزئية من أخبار سارة لرجال وحيد خليلودزيتش كيف ذلك؟ 
هذا التحليل يكشف كل شيء، ومعه سنكتشف لاحقا بمشيئة الله تعالى ما يمثل محاذير سلبية للأسود وما هو مؤثرات إيجابية وتحفيزاته تقدمه على منافسيه؟

• أسود تكتشف عوالم الكان
لم يركن وحيد خليلودزيتش للمعايير التقليدية وهو يختار الكومندو الذي سافر معه صوب الكامرون، هذه المعايير التي تتأسس على ثنائيتي «الخبرة والتجربة» لأنه حتى في معرض تبرير الإختيار دلنا على تجارب منتخبات أوروبية تمردت على الإمتيازين أو ما نراه نحن امتيازا ولا يراه الناخب الوطني كذلك، «الدنمارك واليونان» لما توجا بلقب اليورو، الأول حل ضيفا في آخر لحظة والثاني مع  المدرب أوطو ريهاغل شارك بفيلق لم يسبق له وأن تعرف على أجواء الكأس الأوروبية وصعق كافة المنتخبات الكبيرة.
لذلك لا يقيم خليلودزيتش مندبة كبيرة بسبب افتقار 16 أسدا من المدعوين لهذا المحفل القاري لخبرة الكان، وحين نقول 16 لاعبا فإنه ليس في استعراض الرقم أدنى مبالغة، وهو ما يضع فريقنا الوطني ضمن أصغر منتخبات الدورة سنا بمعدل أعمار يقل عن 25 عاما وفتوة وأقلها أيضا خبرة بأجواء الكان.
ماسينا والعكوش، ثم شاكلا وسامي مايي، مع بانون وشيبي ونايف أكرد في الدفاع، أملاح وبرقوق مع الحدادي وأوناحي مع لوزا وشاعر بخط الوسط، وانتهاء بالهجوم الذي يضم ريان مايي والكعبي، ثم رحيمي وتيسودالي وبوخلال، وهنا نصل لرقم مهول فعلا، أي 17 لاعبا سيمخرون عباب "الكان" لأول مرة، وسيكتشفون عوالم هذا التجمع الكروي المغلق والغريب عنهم كما لم تسعفهم الظروف لذلك من قبل، فهل سيمثل هذا عائقا أمام عناصرنا الوطنية؟ أم أن الأمر كما خمن وقرأ وحيد باستحضار تجربتي الدنمارك واليونان هو حافز وليس بمركب النقص كما شرحته الأغلبية؟

• الإنغلاق في التصفيات
لو نحن تركنا هذه الجزئية جانبا وسايرنا قراءة الناخب الوطني في نسبيتها وجاريناه في الطرح في انتظار إفرازات الميدان لتكون الحكم والفيصل، فسنأتي للجزئية الثانية وهي مستنبطة من «النعمة التي في طياتها نقمة».
نعمة خوض التصفيات داخل المملكة الشريفة، ونعمة استقبال كافة منافسينا في تصفيات المونديال داخل المغرب بين الرباط والدار البيضاء، بل أنه حتى عندما كانت الجامعة تقترح قبل الجائحة خوض مباريات ودية في ملاعب إفريقية، كان وحيد يركن للخيار العكسي ليلعب  كل مبارياته الودية بين ملاعب الرباط، الدار البيضاء، طنجة، أكادير، مراكش ووجدة.
لذلك ومن أصل أكثر من 21 مباراة لعبها وحيد معنا منذ تقلده مهامه على رأس العارضة التقنية للأسود، فإنه اكتفى بخوض 3 مباريات فقط في ملاعب إفريقية وكلها كانت في تصفيات الكان، الأولى في بوجمبورا ببورندي والثانية بنواكشوط أمام موريتانيا والثالثة بالكامرون تحديدا التي استقبلت مباراتنا أمام افريقيا الوسطى، وبقية القصة تعرفونها، إلغاء مباراة غينيا بعد رحلة كوناكري بسبب حادث الإنقلاب العسكري.
لذلك هذا الجيل الجديد لرجال وحيد، أغلبهم لا يملكون خبرة الكان فحسب، بل لم يسبق لأي منهم أن لعب في إفريقيا، والكان هو مناسبة مزدوجة ومكررة لاكتشاف أجواء العرس الإفريقي وخصوصياته من جهة، ومعنى اللعب في إفريقيا بمؤثراتها المناخية المتقلبة وإمكانية مشاهدة كافة الفصول الأربعة في يوم واحد من معيقات اللوجيستيك والتحكيم وطول النفس الذي تتطلبه البطولات المجمعة من جهة ثانية. فكانت هذه هي ثاني الجزئيات التي يرى فيها خبراء الكرة الإكراه الثاني المكمل للأول.
• وماذا عن اللوجيستيك؟
لطالما تحدث فوزي لقجع وهو يعرض لمقارباته التي استقاها من أرض الواقع من أجل تمرد المشاركات المغربية على التواضع والعودة المخيبة من الكؤوس الافريقية، لحتمية التعايش مع هذا الواقع مبكرا في التحضيرات.
لقجع قال وهو يكتشف أول «كان» له رئيسا بالغابون 2017 لما أصر على أن يقيم بفندق غير مصنف أو تصنيفه ليس بالجودة ومعايير النجوم المتعارف عليها عندنا، مثل باقي اللاعبين في مدينة أوييم التي ما كانت الأشغال لتكتمل فيها بعد، لا على مستوى الملاعب ولا الوحدات الفندقية ولا المعابر الطرقية وقد سافر الوفد الإعلامي عبر عبارة بالبحر وسط مخاطر وأخطار من زمن الأدغال بالفعل.
لذلك قال لقجع، أنه يلزم التحضير لهذه المسابقات في بلدان بنفس معايير التجهيزات، كي لا يصعق اللاعبون بالواقع المر بين الظروف المخملية المثالية التي ألفوها في مجمع محمد السادس وبين واقع اللوجيستيك المتدهور ليس بالكامرون، بل في كل البلدان التي سيزورونها مستقبا، خاصة وأن هيكل الفريق الوطني قوامه من المحترفين بأوروبا. 
تنزيل هذه المقاربة لأرض الواقع سيصطدم، بإكراه الجائحة وغلق المجال الجوي بين المغرب وعدد من البلدان واستحالة التحضير في بلد قريب من الكامرون، لذلك ومنذ لحظة الوصول فعلا لمس اللاعبون فوارق صارخة بين تجهيزات المجمع وما حظي بهم أغلبهم هناك في ملحق أحمادو أحيدجو.
لذلك ونحن نجمع هذه الإكراهات ونتعمق فيها، فإنها لا تبرر بأي شكل من الأشكال استباق أي إخفاق أو فشل، ولن تمثل للاعبين أو المدرب شماعة لتعليق انتكاسة لا نرجوها بطبيعة الحال، فقد سبقهم لهذا الكان أسود صناديد شاركوا لأول مرة ولم ترهبهم المشاركة، فأبدعوا ولنا استحضار نسخة إثيوبيا 1976ونيجيريا 1980 وتونس 2004، كما لم يركنوا لمعيقات اللوجيستيك وقد كانت يومها الأدغال أدغالا بالفعل وليس مثل واقع اليوم، حيث جهزت الكامرون وهذا واقع سيلمسه الجميع، ملاعب بتصميم عالمي وأوروبي.