ما كان يجب بعد الذي شاهدناه في مباراة غانا، أن نمعن في القلق وأن ندمن التوجس، والفريق الوطني يقبل على مباراة مفصلية أمام جزر القمر، فقد كان واضحا أن الصورة ستتغير بتغير المنظور الفني، وباقتناع كامل من الربان وحيد خليلودزيتش، أن المقاربة البشرية والتكتيكية لنزال جزر القمر ستكون مختلفة..
ما أملى حقيقة هذه المتغيرات، ثلاثة أشياء..
أولها أن ما بات معروفا عن وحيد خليلودزيتش، قراءته الجيدة للمنافس، فأمامه توضع في العادة مجسمات مدعومة بالأرقام لشاكلة لعب المنافس وخصوصياته وحتى متغيراته، لذلك يميل وحيد إلى ضبط منظومة اللعب مع طبيعة، بل ومع إكراهات المباراة، لذلك كان اليقين كبيرا من أن وحيد لن يواجه جزر القمر بذات الأدوات وبذات الأسلحة التي واجه بها منتخب غانا.
ثانيها، أنه مع استعادة لاعبين مهاجمين، هما أيوب الكعبي ويوسف النصيري، سيصبح ممكنا، تنويع الخيار الهجومي باللعب كعادتنا في المباريات الأخيرة برمحين هجوميين، وهو ما أثمر ثنائية هجومية رائعة مشكلة من الكعبي وريان مايي، لم نشاهدها حتى الآن، بفعل الإصابة التي ضربت ريان وغيبته عن أول مباراتين للأسود.
ثالثها، أن الفوز الرائع والإستراتيجي على غانا في أول المباريات، لن يكون له معنى ولا ذا قيمة، فيما لو لم يعقبه فوز ثان أمام منافس لا نستطيع أن نضعه لا تاريخيا ولا بشريا ولا حتى فنيا في نفس المستوى مع البلاك ستارز.
وطبعا الفوز على جزر القمر والذي سيعبر بالفريق الوطني واحدة من أصعب المراحل التي تواجهها المنتخبات في المسابقات المجمعة، لن يأتي إلا إذا كان الفريق الوطني سيدا للقرار، بمعنى أن يكون مبادرا وحاسما ومقررا أيضا..
هذه الأشياء الثلاثة، هي التي حضرت لتدفع بوحيد إلى أن يجري ثلاثة تغييرات على تشكيلته وحتى على شاكلته وعلى نواياه التكتيكية أيضا، فبالعودة لشاكلة 4-3-3 ومع إدخال كل من أمرابط أساسيا والإعتماد على الكعبي وتسيودالي كرأسي حربة مع بوفال، ستتغير الصورة وشكل الأداء.
وللأمانة فإن المنتخب الوطني في مباراة جزر القمر، مع ما يوجد من فوارق، سيتمكن من وضع البصمة وتأكيد الهوية واللعب على مستواه، بأن أحكم القبضة على المباراة من أولها لنهايتها، وحتى عندما تخلى بشكل طبيعي عن الكرة ليضيعها فترات في زمن المباراة، فإنه ما تخلى في ذلك عن المراقبة الدفاعية الصارمة، ومن إفراغ المنافس من حمولاته الهجومية على ضحالتها..
نعم، قدم الفريق الوطني الدليل على ارتقاء الأداء للأفضل، وأقنعنا يلياقته البدنية التي لم تترك أي فراغات على صفحة المباراة، وأنتج عددا قياسيا من الجمل الهجومية (19 تهديدا لمرمى جزر القمر)، تمكن من استغلال إثنين منها، وهو ما يعتبر النشاز الوحيد في هذه المباراة، لأنه من غير المعقول أن نهدر كل تلك الفرص التي أتيحت لنا..
ولو أنني أفضل ألف مرة أن ننتج بسخاء فرص التهديف ونضيعها، على أن لا نخلق أساسا أي فرصة!!