• البداية بإسقاط صقور الجديان والنهاية رباعية ولا في الأحلام
• الأرقام لا تكذب، الأسود إلى كأس العالم بعلامة الجودة والإستحقاق
في مباراة تاريخية ذكرتنا بمباريات ظلت عالقة في التاريخ، وكانت عنوانا للعبور نحو العالمية، حقق الفريق الوطني برباعية الجدارة فوزا على فهود الكونغو الديمقراطية ليعلن بشكل رسمي متأهلا لنهائيات كأس العالم قطر 2022، ويضمن بذلك حضوره السادس في الحدث الكروي الكوني عبر تاريخ كرة القدم الوطنية، والحضور الثاني تواليا.
مسار أكثر من رائع للفريق الوطني في مشوار التصفيات إنطلق يوم 2 شتنبر 2021 بفوز على صقور الجديان بهدفين نظيفين، وانتهى بتبوريدة رباعية أمام منتخب الكونغو الديمقراطية.
للتاريخ وللذاكرة هذا سرد للأدغال والأحراش التي عبرها أسود الأطلس بلا أدنى خطإ قبل الوصول إلى نقطة الهدف، التأهل طبعا لكأس العالم بعلامة شبه كاملة.
• البداية اصطياد صقور الجديان
إلى تصفيات كأس العالم 2022 التي قررت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم تغيير نمطها ونظامها، جاء الفريق الوطني وعلى رأس عريضته التقنية مدرب جديد هو وحيد خليلودزيتش، برهان تحقيق التأهل الثاني تواليا لنهائيات كأس العالم، لعله يكرر ما أنجزه قبل سنوات عندما تأهل لمونديالين متتاليين (أمريكا 94 وفرنسا 98).
بعد المرور من الدور التمهيدي الذي أعفي منه الفريق الوطني، توزعت المنتخبات 40 على 10 مجموعات، كل مجموعة من أربعة منتخبات، يتأهل بعد بطولتها المجمعة المنتخب المتصدر للدور الحاسم والفاصل.
أوقعت القرعة إذن المنتخب المغربي في المجموعة التاسعة إلى جانب منتخبات غينيا، غينيا بيساو والسودان.
كانت بداية الرحلة بالمغرب تحديدا بمجمع الأمير مولاي عبدالله بالرباط يوم الخميس 2 شتنبر 2021، بعد العودة للتباري الرياضي إثر توقف طال أمده بسبب جائحة كورونا.
وفي مباراة معقدة وصعبة أمام منتخب السودان قبض الفريق الوطني على النقاط الثلاث الأولى له بفضل بفوز شبه قيصري على الصقور بهدفي نايف أكرد ومدافع السودان أبوعقلة ضد مرماه.
هذا الفوز كان لزاما أن يدعمه الفريق الوطني بهدف البقاء في صدارة المجموعة وهو يتنقل إلى كوناكري لمواجهة منتخب غينيا في الجولة الثانية، ولا أحد كان يتوقع هذا الذي سيحدث.
• جحيم كوناكري، رب ضارة نافعة
وصل المنتخب المغربي إلى كوناكري وهو متحفز أيما تحفيز لاقتناص النقاط الإستراتيجية في واحدة من أصعب مباريات المسار الإقصائي، وبينما كان الأسود في طريقهم إلى مواجهة منتخب السيلي بكوناكري، إذا بالعاصمة الغينية تعيش على وقع انقلاب عسكري أوقف الحركة تماما وألغى المباراة، وفرض على الفريق الوطني الخروج من جحيم لا يوصف للعودة بشكل عاجل إلى المغرب.
وبقرار من الفيفا سيحكم على المنتخب الغيني إسوة بكل منتخبات المجموعة باللعب خارج ميادينها لمسببات مختلفة، فكانت ثاتي مباريات الأسود في هذا الدور الإقصائي أمام غينيا بيساو عن الجولتين الثالثة والرابعة، على أن يلاقي بعد ذلك منتخب غينيا في لقائهما المؤجل.
وبحكم أن هذه المنتخبات كلها اختارت تحت الإكراه أن تلعب بالمغرب، فإن الأسود سيحصلون على ميزة إستثنائية، ربما جازتهم على الجحيم الذي عاشوه بكوناكري، إذ سيلعبون المباريات الخمس المتبقية لهم بعرينهم وإن كان ذلك في ملاعب بمدرجات فارغة.
كانت مباراة الجولة الثالثة مبرمجة ليوم الأربعاء 6 أكتوبر 2021 وخلالها سيحقق الأسود فوزا كاسحا بخماسية نظيفة تعاقب على تسجيلها كل من حكيمي، عمران لوزا، إلياس الشاعر، أيوب الكعبي ومنير الحدادي، ما وضع في جيب الأسود 6 نقاط كاملة.
هذا الفوز كان لزاما تزكيته بفوز آخر في الجولة الرابعة والفريق الوطني يستضيف غينيا بيساو بالمغرب، وذلك ما كان إذ حقق الأسود انتصارهم الثالث تواليا بثلاثية نظيفة يوم السبت 9 أكتوبر 2021 بأهداف كل من: أيوب الكعبي (2) وأيمن برقوق.
• هزمنا السيلي، فتحنا الطريق
بعد الإنتهاء من المباراتين معا، حل الموعد الفاصل، متمثلا في مؤجل الجولة الثانية أمام منتخب غينيا وهي المباراة التي استضافها مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط يوم الثلاثاء 12 أكتوبر 2021، وخلالها سجل المنتخب المغربي فوزا عريضا على منتخب السيلي برباعية لهدف، سجل أهداف الأسود: أيوب الكعبي، سليم أملاح (2) وسفيان بوفال، هذا الفوز حلق بالفريق الوطني إلى صدارة المجموعة بلا منازع، بل إنه منحه التأهل المبكر للدور الإقصائي والحاسم.
كانت خامس المواجهات أمام المنتخب السوداني يوم الجمعة 12 نونبر 2021، وكالعادة سيكشر الأسود عن أنيابهم ليحققوا فوزا خامسا على التوالي وهذه المرة بثلاثية نظيفة حملت بصمة كل من ريان مايي (2) وعمران لوزا.
وكحال مباراة أمام السودان، كانت مباراة غينيا عن الجولة السادسة والأخيرة تحصيل حاصل، وسيتمكن خلالها الأسود من تكريس تفوقهم الفني والرقمي بالفوز على منتخب السيلي بثلاثية نظيفة من توقيع ريان مايي (2) وأيوب الكعبي، الثنائية الهجومية التي استعاض من خلالها وحيد خليلودزيتش عن الثنائية السابقة المشكلة من يوسف النصيري وريان مايي.
وبانتهاء هذا الدور، والفريق الوطني يتصدر مجموعته التاسعة، بل وينفرد بين المنتخبات العشرة التي انتقلت إلى الدور الإقصائي الحاسم بكونه حقق وحيدا العلامة الكاملة، أي الفوز في المباريات الست والحصول على 18 من أصل 18نقطة ممكنة.
موضوعا في القبعة الأولى، سينتظر الفريق الوطني منافسه في الحلقة الأخيرة من المسار الإقصائي، وستقوده القرعة لمواجهة نوسطالجية أمام فهود الكونغو الديمقراطية.
• نجونا من محرقة كينشاسا
ذهاب هذا الدور الإقصائي الحاسم، أجراه الفريق الوطني يوم الجمعة 25 مارس 2022 بملعب الشهداء بكينشاسا، ونجح خلاله برغم كل المطبات والهزات التقنية التي مر منها في العودة إلى المغرب بنتيجة التعادل الإيجابي هدف لكل فريق، بعد أن كان ريان مايي قد أضاع ضربة جزاء وعادل للأسود طارق تيسودالي بهدف الأمل والرجاء.
كان لزاما أن يتحلى الفريق الوطني بقدر كبير من الجرأة ومن الهدوء في تدبير مباراة صعبة للغاية، كان محظوظا بأن سمحت الظروف ليتواجد الجمهور بمدرجات مركب محمد الخامس لأول مرة منذ بداية مسار التصفيات.
• رباعية الأسود وفاء بالعهود
وكان بالفعل يوم الثلاثاء 29 مارس 2022 من طينة الأيام الخالدات، ومن المباريات التي ستظل راسخة في ذاكرة المغاربة وقبلهم في ذاكرة التاريخ، كيف لا وهذه المباراة هي التي ستعبر بالفريق الوطني نهر التماسيح لتوصله بعلامة الجودة الكاملة إلى مونديال قطر 2022.
أمام جمهور هلامي في ملعب أسطوري، أخرج الفريق الوطني من وعائه الأداء الخرافي المبحوث عنه منذ زمن طويل، ليقدم بخاصة في الجولة الثانية فاصلا من الروائع القديمة، إذ برغم حاجته فقط لتعادل من دون أهداف للوصول إلى المونديال، إلا أنه سيضغط على الزناد ليطلق في السماء أربع شهب حمراء وخضراء إلتقط صداها كل العالم.
تمكن الفريق الوطني بأجمل طريقة ممكنة من إنهاء ما بدأه يوم 2 شتنبر 2021، إذ سيهزم منتخب الكونغو الديمقراطية برباعية نظيفة، ليثأر من إقصاء قديم يعود إلى سنة 1973 عندما أسقط الفريق الوطني هناك في كينشاسا في آخر جولة من تصفيات كأس العالم 1974 بطريقة مشينة ما زالت بمهازلها تسير الركبان.
يتأهل الفريق الوطني لكأس العالم للمرة السادسة في تاريخه، وللمرة الثانية تواليا، وهو ما يقول أن كأس العالم ولدت من أجل المغرب، فنحن موندياليون بالطبع وبالثقافة وبالهوى أيضا.