• الحدود التي أغلقتها السياسة فتحتها كرة القدم! 
• سابقة تاريخية: الرجاء يضم 4 لاعبين جزائريين
• الأندية الوطنية إلتقطت إشارة خطاب العرش وفتحت الجسر مع الأشقاء

أصبحت البطولة الإحترافية قبلة مفضلة للاعبين المغاربيين والجزائريين الذين أصبحوا يتواجدون بقوة هذا الموسم، وبالخصوص أيضا بالرجاء الرياضي الذي ضم لحد الآن أربعة لاعبين جزائريين وهو العدد المسموح به في التعاقد مع اللاعبين الأجانب، الأمر لا يتعلق فقط بالرجاء الرياضي بل حتى باقي الأندية الوطنية مثل الوداد الرياضي، إتحاد طنجة، حسنية أكادير وأولمبيك خريبكة وغيرها من الأندية التي سنوردها في هذا الملف.
الجسر الكروي بين المغرب والجزائر فتحته الكرة وأغلقته السياسة، لكن للأمانة ظل المغرب في شخص جلالة الملك يمد يده للأشقاء الجزائريين وبالخصوص مسؤوليه في كل المناسبات، وجدد ذلك في خطاب العرش الأخير عندما دعا مجددا حكام الجزائر، وقال جلالته بأن الشعبين المغربي والجزائري «شعبان شقيقان، يجمعهما التاريخ والروابط الإنسانية والمصير المشترك»، وقال في خطاب العرش: «أهيب بالمغاربة، لمواصلة التحلي بقيم الأخوة والتضامن، وحسن الجوار، التي تربطنا بأشقائنا الجزائريين، الذين نؤكد لهم بأنهم سيجدون دائما، المغرب والمغاربة إلى جانبهم، في كل الظروف والأحوال».
وهذا ما ترجم على أرض الواقع في البطولة الإحترافية كما نسوق ذلك في هذا الملف.

• الرجاء الرياضي «الجزائري» 
جريدة «الشروق» الجزائرية وقفت عند هذا الحدث بالبطولة المغربية، وعنونت ما قام به الرجاء ب «الرجاء الرياضي الجزائري»، بعد أن تحول إلى فريق جزائري، عندما إرتفع عدد اللاعبين الجزائريين قبل انطلاق الموسم الجديد إلى أربعة لاعبين وهم: المهدي بوقاسي القادم من نادي القوة الجوية العراقي، يسري بوزوق لاعب نادي بارادو سابقا، رؤوف بن غيث من مولودية الجزائر، ثم مرباح ݣايا الذي كان الرجاء قد إنتدبه سابقا، ولم يحدث هذا الأمر مع الرجاء أو مع أي ناد مغربي في السابق، وهو أمر محمود للغاية يؤكد فعلا عمق الروابط التي تجمع المغرب والجزائر بالرغم من كل الخلافات بين البلدين، لذلك نجحت الرياضة فيما أخفقت فيه السياسة.

• الرجاء والإنفتاح على البطولة الجزائرية 
كان الرجاء الرياضي قد إنفتح على البطولة الجزائرية منذ زمان بعيد، حيث إرتبط بعدة لاعبين ومدربين من أشهرهم على الإطلاق صانع ألعاب المنتخب الجزائري سابقا الشريف الوزاني وحارس المرمى ادريد، إضافة للمدربين مزيان إيغيل وقبله رابح سعدان الذي كان أول من قاد الرجاء إلى التتويج بلقب عصبة أبطال إفريقيا عام 1989.
كما أن الرجاء الرياضي تعاقد مع الإطار الجزائري عبد الحق بن شيخة، لكن مقامه لم يطل كثيرا، وعلى ذكر المدرب بن شيخة فإنه أصبح مألوفا لدى المغاربة، بل أصبح واحدا منهم، بالنظر للسنوات الطويلة التي قضاها بالمغرب، واليوم هو مدرب جديد لنهضة بركان.

• ليس الرجاء وحده بل هناك الوداد أيضا
المد الجزائري في البطولة المغربية لم يقتصر فقط على الرجاء الرياضي، بل حتى الوداد الرياضي الذي تعاقد مع اللاعب عماد الدين أبو بكر لاعب شباب ساورة الجزائري، كما هناك تواجد كبير للاعبين الجزائريين بأندية أخرى، كعزيز عابدي لاعب حسنية أكادير، وعبد الله المودن لاعب إتحاد طنجة، وعلي هارون لاعب مولودية وجدة، ومحمد وليد بنشريفة لاعب أولمبيك خريبكة.
وقبل إلتحاق اللاعبين الأربعة، عرف تاريخ النادي عددا من الأسماء الجزائرية التي تألقت في صفوفه منذ تأسيسه في 20 مارس عام 1949، وهذا مرده بالأساس إلى سرعة إندماج اللاعبين الجزائريين مع البيئة المغربية بحكم التقارب في كل شيء، وبالخصوص نمط العيش، وهذا ما ساعد الكثير من اللاعبين الجزائريين في التألق في البطولة الإحترافية التي غالبا ما تكون بوابة نحو البحث عن آفاق بأوروبا.

• اللاعبون الليبيون كانوا هنا
يتذكر الرجاويون لاعبهم سند الورفلي الذي تألق مع الفريق ونال إعجاب الجماهير الرجاوية، بل ترك إنطباعا جيدا لدى كل المتتبعين بالشأن الكروي الوطني، ثم مؤيد اللافي الذي ما زال مرتبطا بعقد مع الوداد الرياضي، حيث أبعدته الإصابة عن الميادين الرياضية والذي تألق مع الوداد بل يعتبر واحدا من أبرز لاعبيه، ثم أنيس سالطو الذي لعب للفتح الرباطي، وأسامة البدوي لأولمبيك آسفي، ومعتصم بوشناف حمل قميص سريع وادي زم على عهد المدرب التونسي منير اشبيل، ثم الثنائي الليبي الذي لعب لإتحاد طنجة زكرياء الهريش وصالح طاهر سعيد.
وبعد هذه الموجة الليبية تأتي الموجة الجزائرية بعد تألق العديد من اللاعبين مع أنديتهم، وأكيد سيكون التنافس قويا وهذا ما ننتظره منهم.

• البطولة الإحترافية ببصمة تونسية
بشكل غير مسبوق، أصبح عدد المدربين التونسيين في البطولة التونسية أربعة.
ويأتي في قائمة المدربين التونسيين الشيخ فوزي البنزرتي مدربا للرجاء الرياضي، لسعد الشابي مدربا للدفاع الجديدي، لسعد الدريدي مدربا لأولمبيك خريبكة وعبد الحي بن سلطان مدربا للمغرب الفاسي.
ويأتي هذا التواجد التونسي بقوة في البطولة الإحترافية، بالنظر إلى أن المدرسة التونسية تستمد أفكارها من المدرسة الإيطالية، التي تعطي أهمية بالغة لخط الدفاع لبناء الفريق، وما يؤكد ذلك، نموذج المغرب الفاسي الذي مني بثلاث هزائم فقط طيلة الموسم، ودخل مرماه 17 هدفا.
وظهرت بصمة الإطار التونسي في البطولة المغربية بشكل واضح منذ سنوات، حيث نافس أولمبيك خريبكة بقيادة مدربه أحمد العجلاني، على لقب البطولة سنة 2015، واحتل وصافة البطولة الإحترافية إلى جانب تتويجه بلقب كأس العرش في الموسم نفسه على حساب الفتح الرياضي، فيما نشّط بعض مواطنيه البطولة، أمثال لطفي رحيم مع أولمبيك آسفي، وكمال الزواغي مع شباب   خنيفرة وشباب الريف الحسيمي والكوكب المراكشي.
ولا يمكن الحديث على «التوانسة» في المغرب وإغفال الحديث عن إنجاز فوزي البنزرتي، المتعاقد حديثا مع الرجاء الرياضي، بعدما قاده لتحقيق ما لم يقدر عليه أي فريق عربي في بطولة كأس العالم للأندية، بعد بلوغ النهائي ومواجهة بايرن ميونخ الألماني، ليحتل الرتبة الثانية بعد الخسارة بهدفين نظيفين.

• هل تنهي الكرة الأزمة السياسية؟
بكل تأكيد هذه التعاقدات التي قامت بها الأندية المغربية مع لاعبين جزائريين الذين أصبح عددهم لا بأس به، ستكون لها تداعيات في الشارع الجزائري الذي سيغير لا محالة مواقفه التي إلتقطها بالغلط، كما أن الأندية المغربية إلتقطت الإشارة من خطاب العرش لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله الذي جدد الدعوة إلى فتح صفحة جديدة من صفحات الإخاء ونبذ الخلافات والتعايش وحسن الجوار.
كما أن جلالته لم يفته تجديد التأكيد على أن الحدود التي تفرق بين الشعبين الشقيقين، الجزائري والمغربي، لن تكون أبدا حدودا تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما، بل أرادها أن تكون جسورا، تحمل بين طياتها مستقبل المغرب والجزائر، وأن تعطي المثل للشعوب المغاربية الأخرى.
من هنا وبناء على إعادة الدعوة إلى رئيس الجزائر بأن يضع المغرب والجزائر يدا في يد لبناء المستقبل المشرق، يتضح جليا إلى أي حد أن جلالة الملك متمسك بموقفه الأخوي النبيل لطي صفحة خلافات الماضي، وحريص أيما حرص على تعزيز أواصر العلاقات والتقارب بين البلدين الشقيقين، مما يؤكد على أن هذه الدعوة منبثقة من المرجعية الدينية وإمارة المؤمنين، وتطلعه الدائم إلى محاولة تصفية الأجواء بما يخدم مصلحة الشعبين، اللذين تجمعهما روابط تاريخية وإنسانية ووحدة المصير المشترك.