عملا بالقاعدة الذهبية "لا نغير فريقا يفوز"، فقد عمد الناخب الوطني وليد الركراكي إلى الإحتفاظ في ودية باراغواي على ذات التشكيل الذي حقق الفوز في الودية الأولى أمام الشيلي، وقد كان ينزع في ذلك إلى انصهار مجموعة بعينها في البوتقة التكتيكية، أملا في إعطاء حليب الحياة لمنظومة اللعب، وهي بعد في مرحلة جنينية.
لم يلمس وليد شيئا من الهيكل التكتيكي بالإعتماد على شاكلة 4-3-3، لكنه قصد بالتغييرين اللذين ألحقهما في الوسط والهجوم بإدخال أمين حارث بديلا لسليم أملاح، والإعتماد كرأس حربة على ريان مايي بدلا من يوسف النصيري، إعطاء الأداء الجماعي انسيابية أكثر، عن طريق دعم الثنائيات.
وقد استبق وليد المشهد التكتيكي لودية باراغواي، عندما قال خلال المؤتمر الصحفي الذي سبق المباراة، أنه بالإمكان مشاهدة مباراة أقل جودة على مستوى المضمون الفني، اعتبارا إلى أن المنافس سيبني شاكلته على ما شاهده في ودية الأسود أمام الشيلي، حيث ما صنع الفارق هي المهارة الفردية، لذلك سيعمد المنتخب البارغوياني إلى تشديد الرقابة على الأظهرة باعتبارها المعبر الأطلسي القوي، وعدم المجازفة أيضا برفع البلوك لمساحات متقدمة.
وباستثناء الومضات الأولى التي منحت الفريق الوطني الإستحواذ والتهديد والتواجد في مناطق المنافس، ولكن من دون فرص واضحة، فإن العناصر الوطنية ستجد صعوبة في استنساخ ذاك الذي فعلته في مباراة الشيلي، انتشارا ونجاحا في بناء المترابطات وفي الإخراج السليم للكرة من المناطق الدفاعية، ما جعل الآلة في أحايين كثيرة تتعطل عن إفراز التفوق الرقمي بعد الفني.
ونتيجة لبعض التحويرات على مستوى التموضعات، وقد انتظرنا أن يضفي أمين حارث زخما على الوسط، سيتحسن أداء الفريق الوطني نسبيا في الجولة الثانية، إذ سينجح حكيم زياش في إيجاد الحلول لكسر التكثل الدفاعي للمنتخب البارغوياني، إما بإرسال كرات ساقطة لم تحضر الجودة في التعامل معها، وإما بإطلاق قذائف منها ما ردها القائم ومنها ما جانبت الخشبات.
ولأن الكثافة الهجومية التي تثمر في العادة أهدافا، لا يعطيها غير الضغط على المنافس في مناطقه والإسترجاع السريع للكرة، واتخاذ القرارات الصحيحة في لمح البصر، فإن الضغط المغربي الذي زاد صبيبه مع دخول عبد الحميد صبيري معوضا حارث، لن يؤتي أكله، لتنتهي المباراة بالتعادل الأبيض، وما كان لها أن تنتهي بيضاء في حدود ما ضاع من الأسود، لولا أن ياسين بونو أخرج المباراة التي هي من جنس إمكانياته، بأن أنجز تصديات حاسمة أبقت مرماه نظيفة للودية الثانية على التوالي.
ولأن ما يهمنا في مقام أول، هي المخرجات الفنية للمباراة، بصرف النظر عن نتيجتها، برغم أهميتها النفسية، فإن ما أفرزته ودية باراغواي، اختلالات نوعية، لا ندري ما إذا كان الوقت سيسعف وليد لتصحيحها، تلك المتعلقة بالإخراج السليم للكرة من المنطقة، وإيجابية الإستحواذ وتنويع أساليب الإسترجاع بالإضافة طبعا إلى الإستثمار الأفضل للخصوبة الإبداعية للاعبين من أمثال سفيان بوفال وحكيم زياش وعبد الصمد الزلزولي. وعليه سيكون من المفيد جدا أن توجد الجامعة للفريق الوطني محكين وديين آخرين قبل الدخول رأسا في المعمعة المونديالية، على أمل أن نرفع خلالها الجاهزية تحسبا لمعارك كأس العالم الطاحنة التي سيفتتحها الأسود بمواجهة أصدقاء لوكا مودريتش.