• ما ستراه العيون عند الإفتتاح أجمل من الخيال!

ما يمكن أن تراه العين، ولا يقدر عقل مبدع أن يصفه، آيات من الجمال المتتاليات، وصور متعاقبة من الدهشة التي تفقد الوعي أحيانا، هو ما يمكن أن يشعر به كل من ستطأ قدماه ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، وهو يفتتح مجددا اليوم الجمعة، ليكتب مزيدا من ملاحم كرة القدم الوطنية.
في أقل من 24 شهرا، فعل المغرب ما لا تقدر عليه سوى الدول العظمى، أن يهدم ملعبا ويبني مكانه ملعبا آخر، والفارق بين الإثنين، هو الفارق بين الواقع والخيال، لأن ما بات عليه ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، من جمال يقول أن صورته الجديدة هي بالفعل أقوى من الخيال.
• إفتتاح ملعب الدهشة
رسميا، يعيد ملعب الأمير مولاي عبد الله افتتاح أبوابه، ليستضيف مباراة الفريق الوطني أمام منتخب النيجر بعد غد الجمعة، بشبابيك مغلقة، فقد شهدت عملية بيع التذاكر على غير العادة إقبالا منقطع النظير.
ولعل ما يفسر هذا الإقبال القياسي وغير المسبوق، بالنظر لحجم الملعب ولنوعية الأثمنة التي بيعت بها التذاكر، أن الجماهير المغربية، يأخذها في العادة عشق كبير لمشاهدة أسود الأطلس، على أرضية الإبداع، ولكن على الخصوص ليشهدوا بأمهات العيون، لحظة افتتاح هذا المنجز الرائع الذي يمثل إبداع الوطن وإرادة المغاربة في صناعة التميز.
• القرار الجريء
بمجرد أن نال المغرب بإجماع إفريقيا شرف تنظيم الكان، للمرة الثانية في تاريخه، بادرت الحكومة إلى وضع خطة متكاملة، لتهييئ ملاعب النسخة «الخيالية» للمونديال الإفريقي، وطبعا كان في مقدمة هذه المسارح، ملعب الأمير مولاي عبد الله بالعاصمة الرباط، الذي اتخذ بشأنه قرار شجاع وجريء، هدمه وبناؤه بالكامل.
كنا نقف على بعد مسافة زمنية مقدرة من الكان، وبدت عملية بناء الملعب بالكامل لا ليكون جاهزا فقط لاستضافة كاس إفريقيا للأمم، ولكن ليكون متطابقا مع المعايير الدولية للفيفا، ويتأهل لاستضافة مباريات كأس العالم، وكأنها مغامرة كبيرة، إذ أن مدة الإنجاز برغم دقة توقعات التهيئة والبناء، تتطلب الكثير من الحذاقة والبراعة في السير على طريق الألف ميل، فما أظهرته المجسمات، يؤكد أننا سنكون أمام ملعب مختلف، سابق في جمال هندسته وتصميمه لزمانه.
• من ملعب إلى تحفة
كان واضحا، أن عمليات التهيئة الشاملة، ستغير من مظهر ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط بالكامل، لتحوله إلى تحفة معمارية بما تحمله الكلمة من معنى، إلى ملعب كرة قدم من الطراز الحديث، بطابقين، ومغطى بشكل كامل، مع توسعة طاقته الإستيعابية، لتلامس 65 ألف متفرج.
وإلى جانب توسعة الملعب، تضمنت عملية التجديد، تشييد المنصة الشرفية الملكية، لتصبح منصة بمواصفات عالمية تستضيف القادة من ملوك ورؤساء دول وكبار المسؤولين على الصعيد العالمي والوطني.. ونصت عملية التطوير غير مسبوقة في المملكة، على إحداث صالات VVIP الخاصة بالضيوف الكبار للمملكة والفيفا، فضلاً عن أجنحة ملكية للحجز تخصص عادة في الملتقيات العالمية لكبار الشخصيات الملكية والرئاسية وكذا شركاء الفيفا الكبار وضيوف المونديال فوق العادة.
ونالت المرافق الصحية، دورها من هذه النقلة النوعية، بأن نص الشكل الجديد للمجمع على تحديثها كلياً، مع إضافة عدة مرافق صحية جديدة، بمواصفات عالمية للأعداد الكبيرة من الجماهير التي سترتفع إلى نحو 65 ألف متفرج.
• إكتملت الأسطورة
هكذا كان التصور العملاق، لأكبر تحديث لمنشأة رياضية في المغرب، وتوكلا على الله انطلق العمل، يصل خلاله رجال بسواعد قوية، الليل بالنهار، لا يكلون ولا يملون ولا توقفهم عوارض المناخ، فقد كان الهدف محددا بدقة، إنجاز بناء هذا المنجز الرياضي الضخم بمراحل مختلفة وباحترام كامل للآجال الزمنية المحددة.
ومع توالي الأيام، بدأت الأسطورة تتكلم عن نفسها، منشأة عملاقة، تخطت مرحلة الحبو، وصارت تكبر أمام العيون، لتصير بعد أشهر مكتملة البناء، مدرجات مصفوفة في طوابق ثلاثة، تؤمن للمتفرجين رؤية ساحرة لمسرح الإبداع، ونظام إضاءة متطور يُستخدم داخل رقعة الملعب ، في المدرجات، وفي المرافق الخارجية، مما يضمن تجربة استثنائية للحضور والمشاركين، معلمة تسر الناظرين.
• إلى كتابة التاريخ
رأى مجمع الأمير مولاي عبد الله بالعاصمة الرباط، النور ذات يوم من سنة 1983، والمغرب يستعد لاستضافة النسخة التاسعة لألعاب البحر الأبيض المتوسط، كان التصميم والبناء صينيا، وعلى مدار 42 سنة، كان هذا الصرح الرياضي، شاهدا على أحداث هي جزء لا يتجزأ من تاريخ كرة القدم الوطنية.
وتعددت محطات الإصلاح والتحديث، إلا أن ما كان هذه المرة، شيء رهيب، بسواعد وعقول مغربية، سيصبح لملعب مولاي عبد الله بالرباط، شكل يليق بجمال العاصمة، نور ينضاف لأنوارها وسحر يغمر الساكنة بمشاعر جميلة.
ملعب مونديالي بسعة تقارب 69 ألف مقعد، وبتصميم هندسي ومعماري غاية في الجمال، وتبقى أمانة الحفاظ، على هذا الملعب الشاهد على التاريخ والملاحم، ثقيلة على أكتاف المغاربة وأبناء العاصمة، ليحموه من بطش الشغب.