لم يكن ديميرتي باييت يتصور بانه سينتقل في غضون عام من الحضيض الذي وجد نفسه فيه بعد تلك الامسية الالبانية النكراء من شهر يونيو 2015 الى بطل قومي، لكن لاعب وسط وست هام يونايتد الانجليزي عاش ليلة خيالية الجمعة جعلته على كل لسان بعد ان قاد فرنسا المضيفة لفوز قاتل في افتتاح كأس اوروبا 2016.

كانت فرنسا في طريقها لانهاء المباراة الافتتاحية لكأس اوروبا بالتعادل مع رومانيا قبل ان يقول باييت كلمته في الدقيقة 89 ويمنح بلاده الفوز 2-1 بتسديدة صاروخية رائعة وضع بها الكرة في الزاوية اليمنى العليا، مكررا سيناريو اللقاء الودي الذي جمع بلاده بالكاميرون قبل 10 ايام على انطلاق البطولة القارية عندما منحه الفوز 3-2 بهدف في الدقيقة الاخيرة.

وحتى ان باييت نفسه لم يصدق بان الامور ستنقلب رأسا على عقب بالنسبة له وبان تلك الامسية والمباراة الودية التي خسرتها فرنسا امام البانيا (صفر-1) في يونيو ستصبح طي النسيان بالنسبة له شخصيا لانه كان اكثر اللاعبين عرضة للانتقادات نتيجة الاداء المخيب الذي قدمه في الباسان.

وتحدث لاعب وسط وست هام عن هذا الامر، قائلا في المنطقة الاعلامية المختلطة بعد المباراة الافتتاحية التي اقيمت على "ستاد دو فرانس" في سان دوني: "لو قالوا لي قبل عام بان هذا الامر سيحصل في هذه الامسية وبهذا السيناريو، لقلت لهم: +انتم مجانين+".

بدا باييت متأثرا جدا بهذا الهدف الذي منح به بلاده فوزا ثمينا في مستهل مشوارها في البطولة القارية، واعاده الى قلوب مشجعي "الديوك" وعزز مكانته في تشكيلة المدرب ديدييه ديشان.

وتحدث باييت عن المسار الذي قطعه في الفترة الماضية بالقول "ان قليلا من هذه العاطفة خرج من هدفي، لا اقول انني اعود من بعيد ولكن ان اكون هنا وان اسجل هذا الهدف فان ذلك ثمرة الكثير من العمل والتضحيات".

وتصدر هدف باييت العناوين وتحدث عنه الكثيرون ومن بينهم قلب دفاع مانشستر يونايتد ومنتخب انكلترا سابقا ريو فرديناند الذي كتب في حسابه على موقع تويتر: "اظهر باييت للعالم بأجمعه انه واحد من اولئك اللاعبين الذين بامكانهم تغيير مجرى مباراة في بطولة كبرى...".

ويعرف فرديناند عما يتحدث لانه شاهد باييت ينضج في البطولة الانجليزية الممتازة ويفرض نفسه من ابرز اللاعبين في بطولة تضم نجوما بالجملة وتنفق اموالا طائلة كل موسم من اجل جذب الكبار اليها.

اما الحارس القائد هوغو لوريس، فتحدث عن ما حصل الجمعة قائلا: "هدف ديميتري؟ ان يقوم بهذا الامر في مباراة ودية (ضد الكاميرون) ثم في مباراة رسمية، فهذا يظهر بانه بدأ يفرض نفسه من العناصر الهامة في المنتخب وبأنه بدأ يلعب بارتياح. انه يأخذ المبادرة في اللعب، وعندما هناك حاجة لتمرير الكرة فهو يفعل ذلك. وعندما يجد بان هناك امكانية للتسديد فيقوم بالتسديد. انه يتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه".

- المثابرة وبعض الحظ -

ما قاله لوريس صحيح، فالمسؤولية هي الكلمة المفتاح بالنسبة للاعب عقدت عليه الامال من اجل ان يكون من نجوم "الديوك" لكنه لم ينجح حقا في الارتقاء الى مستوى طموحاته الشخصية او طموحات مدربه ديشان الذي بدا وكأنه وضعه خارج حساباته منذ تلك الخسارة امام البانيا التي شاءت الصدف ان تضعها بمواجهة فرنسا في النهائيات القارية حيث ستتواجه معها بعد اربعة ايام على "ستاد فيلودروم" في مرسيليا.

اعتبر ديشان حينها بان باييت وعددا اخر من اللاعبين لم يظهروا الالتزام الكافي، ليتكرر ما حدث خلال الجولة الاميركية الودية عام 2013 (خسرت فرنسا امام الاوروغواي والبرازيل) عندما كان لاعب مرسيليا السابق عرضة للانتقادات بسبب ادائه المتواضع.

لكن ما حصل الجمعة "يظهر ديميتري الحقيقي" بحسب زميله مدافع جوفنتوس الايطالي باتريس ايفرا الذي اعرب عن سعادته لرؤية "ديميتري الذي نحبه".

ومن المؤكد ان المسار الذي سلكه باييت وصولا الى مباراة الجمعة تطلب مثابرة من جانبه وبعض الحظ لمصلحته وهو الذي عمل بجهد كبير من اجل التعافي من اصابة خطيرة في كاحله تعرض لها في نونبر بهدف ان يعود في الوقت المناسب الى كامل جهوزيته وان يتجنب الغياب عن البطولة القارية.

نجح باييت في تحقيق متبغاه وعاد الى فريقه وست هام الذي قدم معه مستوى مميزا في النصف الثاني من الموسم وسجل له اهدافا رائعة، خصوصا من الضربات الحرة، ما جعله مجددا محط اهتمام ديشان خصوصا في ظل فضيحة الشريط الجنسي الذي جعل المنتخب الوطني دون ماتيو فالبوينا وكريم بنزيمة.