قدمت نسخة «الكان 31» معطيات مثيرة أكدت أن تضاريس الكرة بالقارة السمراء تغيرت وما عادت تعترف بمنتخبات كبيرة وأخرى صغيرة على الورق.
نسخة العجائب عصفت بأصحاب الأرض وحرمت الفهود حتى من مجرد التملي بانتصار معنوي بحضرة الأنصار، وأكدت أن الغيابات لما يصطلح عليهم بالنجوم لا تمثل شيئا في عالم الكرة حين تنتصر الإرادة الجماعية، كما أكدت على عودة دور الحراس لصناعة ورسم الفارق كما كان الوضع في فترة سابقة حين كان لأصحاب القفاز أدوارا بارزة.
1ـ الأسود عبروا والموندياليون إنهاروا
شكل المنتخب الوطني الإستثناء في مجموعته المونديالية التي ضمت منتخبات سبق لها التواجد في رحاب مسابقة كأس العالم، إذ تمكن الأسود من العبور للدور الثاني ولو على حساب منتخب الأفيال العاجية التي ظلت تؤكد حضورها بالمونديال في النسخ الأخيرة.
المنتخب الوطني كسر عقدة ونحس 13 سنة من الإخفاقات ومن الفشل وكان بحق عند مستوى التطلعات حين استطاع العبور للدور الثاني وليخالف كل التوقعات التي باعت جلده مبكرا باستحضار الإكراهات التي سبقت السفر القاري.
2ـ كوبر ولعنة النهايات
غريب بالفعل أمر هذا المدرب الداهية الذي حضر في 12 نهاية مختلفة رفقة الأندية وبدوريات وبطولات أوروبية عملاقة وحتى بعصبة الأبطال وكأس الإتحاد الأوروبي (مايوركا وفالنسيا والأنتر وبجيورجيا وحتى اليونان) ولم يقو هذا المدرب ولو في مرة واحدة في كسب لقب واحد.
إبن الطانغو ظل يمني النفس بأن يكسر حاجز هذا النحس وأن يتحصل على باكورة ألقابه رفقة الفراعنة في أول تجربة له رفقة المنتخبات وفي تظاهرة من حجم الكان.
في نهاية المطاف هيكتور كوبر خسر نهائي آخر رغم أن الفراعنة كانوا سباقين للتهديف أمام الكامرون وليخسر كبور حتى ثقته بالنفس ويتعرف على لقبه الجديد «رجل النهايات التعس».
3ـ 87 دقيقة ذبحت الفراعنة والأسود
من غرائب هذه الدورة ما حملته الدقيقة 87 لمنتخبين حملا وصف الأسود، أسود الأطلس لدغوا في هذه الدقيقة أمام منتخب الفراعنة في ربع النهائي فخسروا ورقة العبور وكانوا أكثر من استحقوها لنصف النهائي.
وعادت نفس الدقيقة لتبتسم لأسود أخرى غير مروضة وهي الكامرون والطرف الثاني كان الفراعنة دائما، بأن سجلت الكامرون بهذه الدقيقة هدف الإنتصار والتتويج وذبحت الفراعنة وأبكتهم في نفس الدقيقة التي أسعدتهم فيها في مواجهة الفريق الوطني.
4ـ دورة كسر العقد
في اليورو وكأس كوبا أمريكا وبعصبة الأبطال الأوروبية وفي باقي البطولات بالقارة العجوز تكسرت الكثير من العقد لمنتخبات أو أندية لم تكن موفقة أمام منافسيها وعادت لتتغلب على هذه المعيقات النفسية.
بالكان تكسرت عديد هذه العقود، بتغلب الفريق الوطني على الأفيال بعد 23 سنة وتفوق الفراعنة على الأسود بعد 31 سنة وانتصار المنتخب الكامروني على المنتخب الغاني بعد 4 مواجهات بالكان لم تكن بنفس التوفيق، وعاد الكامرون ليكسر عقدة الفراعنة في النهائي بعدما خسر أمامهم نهايتي 1986 و2006 لتتأكد مقولة أن العقد مجرد خرافة.
5ـ الغيابات صنعت المعجزات
غاب 4 لاعبين عن منتخب الكونغو وأضربوا عن التداريب بسبب المشاكل المالية، وتوفق الفهود في احتلال صدارة مجموعتهم، وغاب 5 لاعبين عن المنتخب المغربي وتم كسر عقدة الدور الأول والعبور للدور الثاني بعد 13 سنة، وغاب 5 لاعبين عن منتخب بوركينافاسو بمن فيهم «بيتروبا؛ فاحتل الصف الثالث، وغاب 7 لاعبين عن الكامرون فتوج أسودهم غير المروضة باللقب القاري. ولتكن الغيابات مجرد تفاهة حين تحضر نجمية روح المجموعة وروح الفريق.
6ـ سن الحضري مجرد رقم
هو واحد من مغربات الدورة للطريقة التي حضر بها وللحظ الذي حالفه بإصابة الشناوي وكيف ارتقى من الصف الثالث للحارس الرسمي قاد الفراعنة للنهائي وكيف كان أحد المساهمين في الوصافة.
أبو أل 44 أكد أن السن مجرد رقم ورقم على الهامش أيضا لما أظهره هذا الحارس الفريد من نوعه من عزم وإصرار وإرادة وصلابة ذهنية ويبرز في دور القائد المثالي ويعلي من قيمة الحراس في إنجازات منتخباتهم.
7ـ ثعالب مونديالية بلا حيلة
كان هذا المنتخب على الورق دائما وبما توفر عليه من نجوم ولما خلفه في مونديال البرازيل من انطباع على أنه سيكون أحد فرسان هذه النسخة، سيما وأنه توفر على لاعب تم اختياره أفضل لاعب بالقارة السمراء السنة المنصرمة.
الثعالب ظهروا بلا هوية وبلا حيلة ولم يوفقوا على مستوى الدفاع بعد أن ظهر مهلهلا وغريب الأطوار، وخروج المحاربين من الدور الأول كان من عناوين الدهشة في هذه النسخة.
8ـ الكامرون وروح الدنمارك
وجد العديد من المتتبعين فيما فعله منتخب الكامرون محاكيا ومشابها لحد بعيد ما وقع عليه المنتخب الدانماركي سنة 1992 في كأس أوروبا للأمم حين حضر هذا المنتخب ضيف شرف آخر لحظة وتم تجميع لاعبيه من الشواطئ ليتوجوا أبطالا؟
المنتخب الكامروني الذي تغيب 7 من لاعبيه الأساسيين لأسباب مختلفة وإن بدا غريبا أن يجتمعوا كلهم على قرار واحد بالتخلف عن الكان، سيتمكن من قلب المعطيات لفائدته ليتوج بطلا ومن دون هزيمة على امتداد الدورة وبروح قوية وسخاء بدني فوق كل التوقعات.
9ـ منديل حاضر وماني غائب
سررنا جميعا بأن كان للفريق الوطني بصمة بتواجد لاعبين في سن متقدمة بالعرس الإفريقي الذي يتمنى أكبر اللاعبين التواجد فيه، لكن أن يحضر حمزة منديل في التشكيل الرسمي والمثالي للدور الأول على حساب عمالقة كبارا بنفس الإختصاص فقد كان هذا فعلا من عجائب النسخة ومن عناوينها المثيرة التي لا تنقص من قيمة اللاعب، لكن تطرح سؤالا حول معايير الإنتقاء.
مقابل هذه الحظوة التي سرت لاركيط وكشف النقاب عنها، كان غياب لاعب رائع يضعه النقاد حاليا ضمن خانة الأفضل وهيأت أمامه إدارة ليفربول طائرة خاصة للعودة صوب إنجلترا وهو السينغالي ساديو ماني صاحب هدفي الطيرانغا اللذين مكناها من الصدارة بمجموعتها غائبا عن التشكيل المثالي لهذا الدور؟
10ـ المضيف بلا انتصار
لم ينجح المنتخب الغابوني مضيف الدورة في تحقيق الإنتصار ليس في الكان وحده حتى وإن كان هو صاحب الأرض الذي تهيأت أمامه قرعة في المتناول بتواجد منتخب مغمور إسمه غينيا بيساو، بل لم يوفق منذ 5 مباريات رسمية بما فيها مبارتين في تصفيات المونديال.
في نهاية المطاف كان وداع الفهود الغابونية مثيرا وحزينا من الدور الأول ومن دون انتصار وتلك واحدة من غرائب هذه النسخة انضافت لعجائب ملاعب تشبه حقول البطاطس أبرزها بورجونتي الملعونة والتي فضحت واقعا لا يرتفع بالكرة السمراء.