يدرك الجمهور المغربي ومعه المنتخب المغربي كيف خرج بالمفاجاة العملاقة امام منتخب البنين في ربع نهاية كأس افريقيا بمصر عام 2019 سيما وان كل الظروف كانت متاحة الا الحظ العاثر الذي قلب ترشح المغرب لنيل الكاس الى خروج صاغر بعد ان أضاع حكيم زياش ضربة جزاء الفوز كانت كفيلة بحسم المباراة لصالحه في الدقيقة الرابعة من الوقت بدل الضائع من الشوط الثاني. ، ثم عاب الحظ أيضا عدم وصول الأسود الى مرمى البنين في الأشواط الإضافية رغم النقص العددي الذي شاب منتخب البنين دون ان يستغله الأسود  قبل ان يتنازل عن التاهل ويسقط بضربات الترجيح ب 4 – 1 بعد ان سجل للمنتخب البنيني كل من أوليفر فيردون وديفيد شيجلا وأناني تيدغاني، في حين سجل للمنتخب المغربي أسامة الإدريسي، وأهدر سفيان بوفال ويوسف النصيري ليتأهل  منتخب بنين إلى ربع نهائي بطولة كأس أمم أفريقيا لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخه     .

ومن هذا المنطلق ، تأتي البروفة اليوم بودية غير ملائمة مع منتخب السناجب وهو يعرف ان المغرب بريد الانتقام ، والحال ان وضع الأسود اليوم يختلف مقارنة بست سنوات السابقة ، والودية في أساسها لا تتعلق اطلاقا بالثأر ، ولكن بسلسلة موقف المغرب بمواصلة الزحف على الأرقام القياسية ، وثأره أصلا يجب أن يكون في النزال الرسمي وليس الودي.  

وأيا كانت المقارنات بين الماضي والحاضر ، فالامور تتغير بالاجيال ولو ان رعيل البنين يعج بفيالق الوجوه المحترفة أوروبيا وافريقيا من خلال اختيارات المدرب غيرنوت رور أولا ، ومن خلال تأهل المنتخب  النيني الى كاس افريقيا التي ستقام بالمغرب كثاني  مجموعته مع نيجيريا وبامتياز النسبة الخاصة مع رواندا برصيد ثمان نقط . وقائمته اليوم من 24 لاعبا تظهر عدم تواجد أي لاعب محلي من بطولة البنين ، بل في غالبيتها من أوروبا وافريقيا منها المغرب طبعا عبر بوابة فريق الوداد الفاسي.

وما يهمنا أساسا من هذه المواجهة التي ستجرى امام ابواب مغلقة لنفاذ التذاكر ، هو الوجه المفترض الذي سيغير به الأسود وجه المباراة السابقة امام تونس كمحك اقول عنه من عيار ثقيل ونجح فيه الاسود بتغيير الوجه الحقيقي من شوط اول باهث ، الى شوط ثاني ثوري في الهجوم واضاعة ركام الفرص التي لا تهدر اطلاقا مع رؤية تقنية شاهدة لوليد الركراكي على انه مدرب يقرأ النوايا بشكل حازم ، ويدرك جيدا ان بنك الاحتياط لديه يمكن ان يغير الكثير من الأشياء والقراءات . صحيح ان الركراكي تعرض لانتقادات بعضها خارج النص من البعض ، والحال انه  استشف من الشوط الأول امام تونس طبيعة تحضير المنظومة بخياراته وقناعاته التي لم ترض لا الجمهور ولا النقاد ، ولكن ما قرأه في الشوط الثاني ، غير المفاهيم والمنظومة الهجومية التي وضعت سيلا من الفرص سجل منها اثنان في مراحل المباراة حتى وان أتت في الدقائق العشر الأخيرة من المباراة كمنهج قائم في الكرة ، لان الفوز يأتي في أي لحظة حتى ولو كان في الوقت بدل الضائع . ولكن فوز الأسود بالثنائية على تونس كاد يكون بحصة كبيرة ،كانت ستضع النقاد والحاقدين على وليد الركراكي في موضع الفقاعات والمزالق لكون الرجل يعتبر في نظري مدربا كبيرا ، حتى وان كان يخطئ أحيانا في الاختيارات ، ولكنه يصيب ويتدارك المواقف بسرعة .

واليوم ، سيكون المنتخب المغربي امام درس جديد يعتبر من الماضي البنيني من 2019 الى اليوم بست سنوات الى يونيو 2025 باجيال جديدة من منتخب السناجب ، لكنه اليوم أيضا محنط بقراءات استراتيجية لوليد الركراكي المؤمن بالنتائج حتى في وديتها ، ويريد الفوز باي ثمن طريقة ونهجا بالنظر الى الاسطول الهجومي الموضوع امامه . ولذلك ، قد يتدبر وليد هذه المباراة بتغييرات لا أقول عنها كثيرة اطلاقا ، ولا بشكل طفيف على مستوى الحراسة  من بونو الى منير المحمدي أولا ، مع حتمية حضور عمر الهيلالي او زكرياء الوحدي اللذين قدما موسما تنافسيا رائعا مع فريقيهما ، والفرصة هنا مواتية لاحضار احدهما في هذا الرواق مع تمكين يوسف بلعمري من استكمال مهامه كظهير ايسر ، وتثبيت  متوسط الدفاع بماسينا واليميق الذين نجحا في التناغم الثنائي الا اذا حدث مكروه ما لكون اليميق شعر في آخر مباراة تونس بإصابة خفيفة على مستوى الساق . فيما قد لا يتغير الوسط الدفاعي من امرابط حفاظا على المنظومة مع ان إمكانية تغيير امرابط بتارغالين يبقى ضرورة ، مع مواصلة الصيباري مهام الحضور الاستراتيجي في الوسط واجلاس الخنوس الذي كان خارج النص امام تونس ، ومواصلة اوناحي لنفس النشاط مع تنبيهه بالخروج من نمط الفرديات المفرطة ، فيما قد يزج برحيمي وبن الصغير والكعبي في خط الهجوم نسبيا مع ان الركراكي لا يريد ان يغير كثيرا في المواقع والمنظومة الا اذا استشعر بالرتابة على مستوى التنشيط الهجومي .

وعليه ، ينتظر الجمهور المغربي ومعه بفاس أصلا نزالا كبيرا وان اختلفت الرؤى بين منتخب تونسي من عيار ثقيل ، إلى منتخب بنيني متوسط ، ولكنه مؤهل لكأس افريقيا ويحرج فعلا كبار المنتخبات الافريقية .