لم تعد المراهنات الإلكترونية غير القانونية نشاطًا هامشيًا أو محدودا، إذ مع ذيوعها واستشرائها، بكل ما يصاحبها من سيئات ومخاطر، أصبحت تستدعي استنفار جهود الجميع من أجل القضاء عليها.
وفي مقابلة صحفية مع مجلة "تشالنج"، دقّ الأستاذ المهدي الزوّات، المحامي في مجال الأعمال التجارية بهيئة المحامين بالدار البيضاء والمتخصص في التقاضي الاقتصادي وقانون السوق، ناقوس الخطر. وحذّر قائلاً: "هذه المنصات ليست مجرد مواقع سرية، بل تعمل كشركات حقيقية، منظمة تنظيمًا جيدًا، غامضة، ومُضلّلة".
من خلال العمل بشكل غير قانوني تمامًا، فإنهم يوجهون ضربة قاصمة لسوق الألعاب القانونية ويقوضون الأسس الاقتصادية للبلاد. وأكد قائلًا: "مع ذلك، فإن قانون العقوبات واضح وضوح الشمس. أي نشاط ألعاب غير مرخص به غير قانوني ويعاقب عليه بموجب المواد من 282 إلى 285. لا مجال للشك".
ومع ذلك، فإن انتشار هؤلاء المشغلين الرقميين، متجاوزين جميع الرقابة المالية أو التنظيمية، يُظهر عدم فعالية أدوات الإنفاذ الحالية في مواجهة ظاهرة عالمية.
إن التأثير الاقتصادي لهذه المنصات مذهل. وأعرب الأستاذ الزوات عن أسفه قائلاً: "إنها تُدرّ عشرات، بل مئات الملايين من الدراهم سنويًا، دون أن تُدرّ درهمًا واحدًا من ضريبة القيمة المضافة، أو ضريبة الألعاب، أو مساهمات الضمان الاجتماعي".
والأسوأ من ذلك، أن غالبية التدفقات المالية تُحوّل إلى الخارج دون إمكانية تتبعها، متجنبةً إجراءات مكافحة غسل الأموال.
ويزداد هذا الوضع إثارةً للقلق، مع مصادقة المغرب على اتفاقية ماكولين بشأن التلاعب بالمنافسات الرياضية. ويؤكد المحامي قائلاً: "لقد التزمت الدولة بتعزيز آليات الرقابة، لكنها لا تزال عاجزة حتى اليوم في مواجهة تعقيد المنصات الأجنبية".
ويرى الأستاذ الزوات، أن المشكلة لا تكمن في الفراغ القانوني، بل في نقص الموارد المتاحة حاليًا. وأوضح لمجلة "تشالنج": "القوانين موجودة، لكن تطبيقها مُثقلٌ بالطابع الرقمي والعابر للحدود الوطنية لهذه الظاهرة".
في الملاذات الضريبية، يستخدمون المؤثرين المحليين، وقنوات التسويق السرية، ومدفوعات العملات المشفرة للتحايل على السلطات. وأكد قائلاً: "هذا هجوم مباشر على السيادة الاقتصادية للمغرب. لا نتحكم في التدفقات، ولا في الممارسات، ولا في العواقب الاجتماعية الوخيمة على شبابنا".
في مواجهة هذا التحدي، يدعو الأستاذ الزوات إلى نهج شامل يجمع بين الحزم والابتكار والتنسيق. ويقترح أربعة محاور عمليّة.
الأول هو إنشاء هيئة تنظيمية مستقلة للألعاب، تتمتع بصلاحيات حقيقية للتحقيق وفرض العقوبات.
والثاني يقوم على تنسيق أفضل بين المؤسسات، بين نظام العدالة والبنوك وإدارة الضرائب والهيئات الرقمية.
والثالث هو فتح السوق أمام مشغلين مرخصين جدد لاستقطاب الطلب مع احترام المعايير الوطنية.
رابعا وأخيرًا، حملة توعية موجهة، تستهدف الشباب تحديدًا، للتمييز بين الألعاب الترفيهية ومخاطر الإدمان والجرائم المالية.
الهدف، وفقًا للأستاذ الزوات، ليس فقط القطع مع المراهنات الرياضية غير القانونية، بل الهيكلة أيضًا. وأكد قائلًا: "يجب أن نجعل من الألعاب قطاعًا اقتصاديًا منظمًا وأخلاقيًا وخالقًا للقيمة. إنها رافعة للتنمية إذا عرفنا كيف نديرها بذكاء". وهذا يتطلب إطارًا قانونيًا معززًا، وتعاونًا فعالًا بين القطاعين العام والخاص، وسياسة ضريبية قائمة على الحوافز.
واختتم قائلًا: "بهذا النهج، لن يتمكن المغرب من تحصيل عائدات ضريبية كبيرة فحسب، بل سيتمكن أيضًا من حماية شبابه، ودعم رياضته الوطنية، والدفاع عن سيادته الرقمية".
إضافة تعليق جديد