من عادتي أن أنظر إلى النصف المملوء من الكأس، ومن تم أجدني سعيدا مع الأسود ومع كل المغاربة، والفوز على الكونغو، مهما اختلفنا على طبيعته، يمنح الفريق الوطني رقما قياسيا عالميا، بوصوله إلى الفوز السادس عشر تواليا، متجاوزا المنتخب الإسباني.

وليس من حق أي أحد، أن يبخس الإنجاز في رمزيته، ولا أن يفرغه من مدلولاته، لأنه يفسر هذا المكوث الطويل لأسود الأطلس في صدارة ترتيب المنتخبات الإفريقية في التصنيف العالمي، ويكرس جانب الهيمنة مع اختلاف تمظهرات هذه الهيمنة، والتي سيشرعنها بلا شك، تتويج الفريق الوطني باللقب الإفريقي مطلع العام القادم.

بذات الإقتناع الذي كان عليه منتخب البحرين، وهو يدرك قيمة الفوارق في الرصيد والملكات، فكان الخيار هو اللعب بالكتلة المنخفضة، ظهر شياطين الكونغو المتعبين والمتذيلين للمجموعة، أمام الأسود، لكن مع فارق كبير، تمثل في جانب الصلابة و"العدوانية" عند الإحتكاك والنزالات الثنائية.

وإن نحن سجلنا تطورا ملحوظا في ردة فعل الفريق الوطني جماعيا، وقد تطلب النزال على شكليته، الدخول في الصدامات الثنائية، وفاء للقاعدة الإفريقية، وقفنا على تردد حالات الإستعصاء المُستشعَرة في وضع الخواتيم الجيدة للبناءات الهجومية، وفي ذلك يُسأل اللاعبون بدرجة أكبر من مدربهم، فهم من يفترض فيهم أن يجتهدوا بل ويبدعوا في تخيل الحلول، عندما تضيق بل وتتلغَّم المساحات.
ونحن نستشعر الوزن الثقيل للاعب سقاء مثل سفيان أمرابط، ولا يعني ذلك أبدا، أن نائل العيناوي لم يتمثل جيدا دور السقاء، والقيمة المضافة التي يأتي بها "النحيلة" عز الدين أوناحي، والكثافة التي يمنحها نصير مزراوي للرواق الأيسر، نقف أيضا على تباين أداء لاعبين من ذوي الحلول، ابراهيم دياز، اسماعيل صيباري وحتى عبد الصمد الزلزولي وبلال الخنوس.
لا يمكن أن نعلق باستمرار حالة الإحتباس الهجومي لفريقنا الوطني، على الكتلة المنخفضة التي يلجأ إليها المنافسون، فأكثر المنتخبات الإفريقية التي سنواجهها في كأس إفريقيا للأمم، ستلجأ لهذا الخيار التكتيكي لمعرفتها اليقينية بخطر فتح اللعب أمام الأسود، فما يتكرر أمامنا عند وجود هذا الإحتباس، عجز لاعبي الفريق الوطني على تنويع الأداء ورفع منسوب التنشيط واستعمال ما يملكونه من أسلحة لضرب التكتلات الدفاعية.
ما يفصلنا اليوم عن كأس إفريقيا للأمم، نافذة وحيدة شهر نونبر، سنطل معها على الكان من خلال وديتين، يفترض أن تكون خلالهما الآلة قد اكتملت، والدروس قد حفظت، والأنفس قد انشرحت بما رأت، فيتعزز بداخلنا جميعا اليقين بأن الأسود قادرون على رفع التحدي الكبير.