أنجز المنتخب الرديف ما كان مطلوبا منه في مباراة إفتتاحية لبطولة مجمعة، أن يحقق الفوز ويحصل على أول ثلاث نقاط، تعطي للمجموعة الثقة الكاملة من أنها رسمت لنفسها الطريق الصحيح وبأنها وضعت لخارطة الحلم المعابر الأولى.
بالتأكيد مرت على مباراة الأسود أمام جزر القمر الكثير من السيناريوهات، في شكل فصول متقلبة، لكن ما كان إيجابيا أن الأسود تدبروا إختلاف الفصول والسيناريوهات بطريقة رائعة، ونجحوا في السيطرة على كل المتغيرات، التي كانت لها طبيعة تكتيكية حينا وطبيعة بدنية حينا ثانيا وطبيعة تنظيمية حينا ثالثا.
في شوط واحد سجل الأسود ثلاثيتهم من تفوق ميداني وتكتيكي واضح، عكس عمق الفوارق، وهو ما إستنزف ما كان مودعا في المخزون البدني، بحكم أن الفريق تجمع في زمن قياسي، ولم يأخذ ما يكفيه من وقت وحصص تدريبية ليرفع منسوب الإنسجام ومنسوب اللياقة البدنية، وكان هذا ذكاء كبيرا من طارق السكتيوي ومن اللاعبين، لأن ما سيأتي بعد ذلك، في شوط المباراة الثاني، كان عبارة عن تغطية تكتيكية لإنهيار بدني كبير له ما يبرره بطبيعة الحال.
وعندما قلت، أن ما فعله الأسود في شوطهم الأول بكثير من البراغماتية، وهم يوسعون فارق التقدم، كشف عن حجم الفوارق بينهم وبين لاعبي جزر القمر، فلم أكن أقصد بذلك أن المنتخب القمري أبعد ما يكون قدرة على مجاراة منافسه، على العكس من ذلك، عندما إنكمش الفريق الوطني تحت الإكراه في الشوط الثاني وترك المبادرة لجزر القمر، شاهدنا منافسا يعكس تفوقه البدني، بأن تملك الجرأة لكي يستحوذ ويهاجم ولكن كان ذلك كله تحت السيطرة.
صحيح أن المنتخب القمري في الشوط الثاني سيسجل هدف تقليص الفارق، إلا أنه لم يذهب لما هو أبعد من ذلك، بسبب أن الفريق الوطني تحصن بمنظومته الدفاعية لكي يطفئ سعار القمريين، ولو أن ما كان معيبا وقد فتحت بعض المساحات، أن مهاجمينا لم يستفيدوا من حالات هجومية كانوا فيها أكثر عددا من منافسيهم.
في النهاية، وبصرف النظر عن فيزيونومية المباراة وما سبقها من مؤثرات، يبقى الفوز في مجموعتنا مفتاحيا واستراتيجيا، مع يقين تام أن الأمور الصعبة ستبدأ من مباراة عمان التي سيكون لزاما تدبيرها بطريقة مختلفة وبمنسوب بدني جيد وعلى الخصوص بذكاء تكتيكي كبير، لطالما أن المنتخب العماني بعد الخسارة أمام السعودية في نزال قوي ومثير، لن يقبل على نفسه خسارة جديدة تحكم عليه بالخروج مبكرا من مونديال العرب، ولطالما أن ما أظهره في محاكاة كروية جميلة للأخضر السعودي، يؤكد أنه في الطبيعة وفي التكوين وفي خبرة ومرجعية القيادة التقنية وفي خصوبة الإبداع الفردي، أفضل بكثير من المنتخب القمري.