البروفة التي ستضعنا جميعنا في الصورة، المحك الذي سيترسخ في الأذهان لغاية الكان، والودية التي ستعرك الركراكي وتضعه  في الميزان وما إن كان جدير بالثقة أم أنه سيدخلنا سردابا آخر من سراديب وأنفاق الشك المظلمة، ليس للنتيجة المحسومة سلفا مثلما حسمت 17 مباراة قبلها وإنما بسبب الأداء والنجاعة والشح التهديفي.

"طائر الكراكي" الأوغندي هو المحك الذي اختاره الركراكي لقياس الجاهزية، وخاصة بعدما ألمح لتغييرات على التشكيل، معربا عن عدم رضاه للأداء الهجومي للاعبيه..
• إحتباس خانق للأنفاس

ما تصور أحد منا ولا فينا أن يكون  للفريق الوطني هذا الزخم من التنوع للاعبي الهجوم والأطراف، وأن يلعب كل مبارياته مدعوما ومحضونا من أنصاره. ومع ذلك يتعذب ويختنق بحثا عن ومضات وزيارة متكررة لمرمى الخصوم والمنافسين، وإن كان مؤشر تصنيفهم الدولي متأخر بعض الشيء.
وحين تتكرر القصة وتتكرر نفس المعاناة وتتكرر نفس الخطة دون أن تثمر حلولا، فهذا معناه أن إصرار الناخب الوطني على سلك نفس المسالك غير مبرر وينبغي أن يعاد فيه النظر.
أمام أوغندا وبإجماع الأنصار في الملعب بعد أن غادروا المدرجات وفي منصات الوسائط، مطلبهم واحد وهو الزخم التهديفي والتدفق في التسجيل وليس فقط الإنتصار البديهي.
• الكراكي والركراكي

طائر "الكراكي" هو لقب منتخب أوغندا، والتاريخ يشهد أنهم المنتخب الأفريقي الوحيد الذي لم يخسر من الفريق الوطني بين كل منتخبات القارة، لأن تعداد مبارياتنا معهم ونحن هنا نتحدث عن المنتخب الأول وليس الرديف أو المحلي الذي أطاح بهم في "الشان"، هو مباراتين واحدة عمرها نصف قرن تعود لنسخة 1978وقد خسرنا بثلاثية نظيفة، وأخرى لعبت بمراكش قبل 12 عاما، وقد خسرناها بهدف في دورة "إيلجي".

الركراكي المهووس بالأرقام، هو من أنهى عقدة الأسود والكرة المغربية أمام نظيرتها اللاتينية، حين أطاح بالشيلي في إسبانيا قبل المونديال، وهو من هزم البرازيل، وهو اليوم حامل الرقم القياسي العالمي لسلسلة الإنتصارات المتتالية، وبالتالي يتطلع لأن يكون أول من يهزم أوغندا في تاريخ مواجهاتها للأسود.
• توليفة جديدة

بجهره فور نهاية مباراة الموزمبيق على أنه قرر إحداث تغييرات علِى تشكيل مباراة أوغندا بحثا عن الحلول، معترفا أن ذلك يعد مجازفة في هذا التوقيت، يكون الناخب الوطني قد أقر بالعجز المزمن الواضح في أن يأتي بنفس الحلول مع التوليفة التقليدية..
إشارة وبرقية الركراكي تقودنا إلى توقع أنه قرر التمرد على مذهبه وعقيدته التدريبية، ليقدم لنا وصفة مغايرة أمام أوغندا، وصفة هجومية قوية باعتماد وجوه جديدة.

يقينا أن ما قصده الركراكي هم لاعبو الوسط ومنظومة الهجوم، وهنا لنا أن نتوقع مثلما قال الناخب الوطني أن أوغندا هي أكثر شراسة من موزمبيق، وهي المنتخب الذي قد لا يميل كما مال منتخب "الأفاعي" للدفاع المتأخر والخط المتكتل أمام مرماهم، ما يعني أنه سيلعب برجال لهم من الخلق والإبداع والجرأة ما قد ينتج الحلول الكفيلة بإنهاء الإستعصاء التهديفي الحالي.

• وثيقة الثقة
هذا النوع من المباريات التي تسبق محطات الحسم الرسمية في التظاهرات المجمعة والكان واحد منها، عادة ما يتصف بأهمية قصوى بالغة لأنها المحطة الحاسمة التي ترسخ في ذاكرة الجماهير الإنطباع الذي به يقيمون ويحلمون بقدرة الفريق الوطني على كسب الرهان الثقيل والكبير المتمثل في التتويج بلقب الكان، أو أنها ستأتي مجترة مكررة لنفس صورة اليأس والعجز في اختراق جدارات الخصوم المتكتلون للخلف، والإكتفاء بأصغر حصص الإنتصارات وهذا ما لا نحبذه..

الفريق الوطني  سيظهر قطعا بمتغيرات في هذا النزال، سنشهد ربما ماسينا مكان يميق رفقة سايس، سنشهد بلعمري مكان صلاح الدين لحسم المفاضلة، سنشهد لاعبا واحدا في الإرتكاز إما العيناوي أو أمرابط لفسح المجال أمام لاعب بحس هجومي إضافي وهو صيباري المؤهل الأول لهذا الدور، مثلما قد نشهد بداية أخوماش مكان إبراهيم على اليمين وترك الكعبي في الدكة لفائدة إكمان، وهو تدوير قال عنه الناخب الوطني لم يكن محببا ولا مرغوبا فيه، ووصفه بالمجازفة، إلا أنه قال أنه مكره على تنزيله بحثا عن الحلول..