دراسة أكاديمية تقف عند مظاهر خطورة انتشارها 

أكدت توطئة تأطيرية لدراسة ميدانية وعلمية جد متقدمة، تقوم بها مؤسسة دولية متخصصة في العلاقات الإستراتيجية، أن الإنتشار المتنامي والواسع لمنصات المراهنات الرياضية غير القانونية، بات يمثل تهديدًا مباشرًا ومنهجيًا لنزاهة الرياضة على المستوى العالمي. فهذه المنصات، التي تدفع اقتصادات موازية وتُستَخدم كقنوات لغسل الأموال وترتبط أحيانًا بشبكات نفوذ سياسية أو إجرامية، تتجاوز أنظمة الرقابة والقوانين. وبذلك، تهدد التوازن التنافسي وتُضعف جهود السلطات العامة في دعم الممارسة الرياضية الوطنية، وتنظيم المنافسات الرياضية والفعاليات الرياضية الدولية الكبرى. 

وعلى نطاق أوسع، فإنها تقوّض نزاهة الرياضة، كما تشكك في مصداقية الهيئات العامة والمؤسساتية المسؤولة عن ضبط هذه الممارسات غير القانونية، وقد ينعكس ذلك سلبًا على شرعية هذه المؤسسات ورسائلها التنظيمية، ويُضعف ثقة الرأي العام في السلطات الوطنية والدولية.
وفي وقت أصبحت فيه الرياضة رافعة استراتيجية للقوة الناعمة والجاذبية والتنمية، بات من الضروري فهم استخداماتها الإستراتيجية، وتحليل كيفية توظيفها من مختلف الجهات الفاعلة، واستشراف آثارها على التوازنات الاقتصادية والقانونية والجيوسياسية على الصعيد الدولي.
ووقفت التوطئة عند رهانات متعددة الأبعاد تظهر في تقاطع الشرعية واللاشرعية، ومنها:
الرهانات الجيوسياسية:
لا تقتصر مشكلة مشغّلي المراهنات الرياضية غير القانونية، مثل 1XBET، على الجانب التجاري أو التنظيمي الرياضي فحسب. بل تندرج ضمن استراتيجية نفوذ أوسع، حيث تتحول الرياضة إلى أداة قوة ناعمة تخدم أهدافًا سياسية أو إجرامية. فمن خلال رعاية أندية كرة قدم مرموقة أو مسابقات دولية، يصبح هؤلاء الفاعلون لاعبين جيوسياسيين. وبحسب مناطق نشاطهم، يساهمون في عمليات تطبيع لأنظمة خاضعة للعقوبات، أو دعم شبكات فساد، أو الترويج لصورة معينة عن تلك الأنظمة.
ولأن الرياضة وسيلة اقتصادية وسياسية واستراتيجية للتواصل، فهي تسمح ببناء الجسور وتمرير الرسائل وبسط النفوذ حيث تفشل الأدوات التقليدية. وهكذا، فإن الوجود في بيئات سياسية - اقتصادية تُعدّ استراتيجية - مثل البلقان (صربيا، ألبانيا)، إفريقيا جنوب الصحراء الفرنكوفونية (الكاميرون، جمهورية الكونغو الديمقراطية)، أو آسيا الوسطى (كازاخستان، أوزبكستان)—يمكّن بعض المنصات من الإلتفاف على الضوابط التنظيمية، كما يسمح استخدام هياكل مالية غامضة في الخارج بالالتفاف على العقوبات، ما يتيح لبعض القوى السلطوية تمويل أجهزتها الحكومية أو جهودها العسكرية بشكل غير مباشر.
الرهانات الاقتصادية:
إن توسّع منصات المراهنات غير القانونية عبر الإنترنت يمثل خسارة كبيرة للمشغلين القانونيين - مثل الـMDJS - وللدول والهيئات الضريبية، فهو يزعزع الأسواق الوطنية المنظمة، يحرم الدول من عائدات مالية مهمة، ويغذي شبكات غسل الأموال واسعة النطاق، كما يفاقم فجوة التنافس بين الفاعلين الملتزمين بالقوانين وتلك البنى المالية الخارجية.
إضافة إلى ذلك، لا تحترم هذه المنصات عادةً التزامات حماية اللاعبين المفروضة قانونيًا، فلا وجود لحدود للرهانات، ولا آليات للاستبعاد الذاتي، ولا تدابير للوقاية من الإدمان، كما أن سهولة الوصول إليها - حتى بالنسبة للقاصرين - تشجع السلوكيات الخطرة، وتعرض الفئات الهشة لآفات مشابهة للإدمان على المخدرات أو الوقوع في فخ الديون. ويثير ذلك قضايا حاسمة تتعلق بالصحة العامة، والتعليم، والتماسك الاجتماعي، والاقتصاد.
وتجعل سرية التدفقات المالية - عبر شركات واجهة في كوراساو، أو قبرص، أو جزر العذراء البريطانية - أي عملية تحصيل ضريبي أو رقابي شبه مستحيلة، مما يعرقل جهود مكافحة تمويل الجريمة أو الإرهاب.
الرهانات القانونية والتنظيمية الدولية:
يساهم غياب إطار قانوني وضريبي موحّد، وتناقض الأنظمة الوطنية، وضعف الرقابة في بعض الجزر المالية (كوراساو، قبرص، كوستاريكا، الفلبين) في انتشار المشغلين غير القانونيين. وتسمح هذه الثغرات التنظيمية لمنصات مثل 1XBET باستغلال هشاشة النظام العالمي، والعمل دون ترخيص رسمي مع استهداف أسواق منظمة.
ويصبح الوضع أكثر خطورة عندما يقوم بعض مزوّدي البيانات الرياضية المباشرة (data providers) أو مزودي خدمات الدفع بدعم هذه المنصات - أحيانًا من دون قصد - من خلال تزويدها ببيانات المباريات، أو الإحصاءات، أو الفيديوهات، أو تقديم خدمات الدفع. وهكذا تتحول الرياضة إلى وعاء للاقتصاد الموازي، بما يهدد مصداقية المؤسسات الرياضية الدولية المفترض أنها تحمي نزاهة الرياضة.
رهانات السيادة السياسية - الرياضية:
يؤدي تنامي نفوذ الفاعلين غير المنظمين إلى إضعاف سيادة الدول على سياساتها الرياضية والضريبية والتعليمية. كما يزيد من مخاطر الإدمان والفساد والتلاعب بنتائج المباريات، خاصة في المنافسات الصغيرة والرياضات قليلة الحضور الإعلامي. ويمثل ذلك تهديدًا مباشرًا لتطوير الرياضة والهواة، وتأطير الشباب، وشرعية المؤسسات الرياضية الوطنية.
• كيف نتحرك نحن، لمواجهة التهديد؟
يحضر السؤال بقوة في مشهدنا الوطني المخترق من طرف منصات المراهنات الرياضية غير المشروعة، وفي مقدمتها بالطبع 1XBET التي لا تعدم وسيلة من أجل أن تبقي تغلغلها في المغرب، وتجنح في ذلك لعديد التحايلات.
سؤال يفرض جوابا مدعوما بتوجه قانوني وتشريعي وحتى تربوي، لوضع ما ينبغي من موانع تحد من هذا الإنتشار الفظيع لهذه المنصات غير القانونية، مع ما تمثله من خطر داهم على اقتصاديات البلد والصحة النفسية لأبنائه.