ما كانت مباراة زامبيا، وهي حد بين الجد والهزل، تحتاج في إفتتاحياتها إلى جس للنبض، أو حتى لاجترار ما كان في الأشواط الأربعة لمباراتي جزر القمر ومالي، كان لزاما أن يظهر أسود الأطلس للجميع، أنه ما جاء إلى هذه النسخة من الكان ليمازح، لذلك كانت الجولة الأولى من المباراة أمام الرصاصات النحاسية، مرجعا في تقديم الذات والكشف عن الهوية.

ما أقدم عليه وليد الركراكي من تحويرات على مستوى التشكيل، باختيار منه لا من إكراه للظروف، بسحب أمرابط واليميق ووضع ماسينا في وسط الدفاع إلى جانب أكرد، وتشكيل الوسط في غياب الماتادور أمرابط، من العيناوي، أوناحي والصيباري، مع تثبيت الزلزولي في الرواق الأيسر، قدم الفريق الوطني بوجه يليق بأسد لا يصبر على جرح الكبرياء.

ونتيجة لضغط قوي، من البداية، سيتوصل الأسود إلى افتتاح حصة التسجيل بواسطة أيوب الكعبي، وكأنهم بذلك شقوا طريقهم الأول نحو إبراز التفوق، الذي سيتخطى بعد ذلك الجانب الرقمي، لينعكس على الأداء الجماعي، ومعه سيقدم المنتخب الوطني أفضل جولة له على الإطلاق في هذه البطولة.
ولأن هذا الإشعاع الجميل، كان لابد له من قمر، فقد جاء ابراهيم دياز بما يبهج العين، ليس فقط لأنه سجل هدفا، أصبح به ثاني لاعب مغربي يسجل ثلاثة أهداف في بطولة واحدة بعد الأسطورة أحمد فرس.
التقدم بالهدفين في جولة أولى أفرغ وعاء الضغط النفسي بما حمل، لتأتي الجولة الثانية بإعجاز ليس من دياز لكن من أيوب الكعبي، الذي ما رضي أن يأتي بالهدف الثالث له، إلا بما أصبح علامة مميزة له، المقصية التي تطير العقل وترسم للدهشة ألوانا.
بالثلاثية، ختم الفريق الوطني على تأهله للدور ثمن النهائي، متصدرا بمنطق الأداء والحضور والشخصية لمجموعته، وقد كانت المباراة الثالثة، هي الأفضل على كافة المستويات، ما يبرز أن هناك تدرجا في الأداء، وهو ما تحتاجه بطولة بهذه التوابل الحارة.