تغنت الصحف الإسبانية وبخاصة منها الموالية لريال مدريد بطل أوروبا وإسبانيا، بالأداء الكروي المميز الذي قدمه بدلاء الفريق من اللاعبين الشباب وفي مقدمتهم الدولي المغربي الواعد أشرف حكيمي، الأربعاء الماضي في المباراة الإستعراضية التي وضعت ريال مدريد في مواجهة فيورنتينا الإيطالي برسم النسخة 38 لكأس البرنابيو، المباراة التي خلدت ذكرى مرور 60 سنة على فوز الفريق الملكي بلقبه الأوربي الثاني في تاريخه، وقد تحقق أمام نفس النادي الإيطالي.
وبرغم أن ريال مدريد ظهر بتشكيلة من لاعبيه البدلاء ولم يكن معهم سوى رونالدو وراموس، إلا أن الفريق أدى مباراة رائعة لم تختلف كثيرا في النسق التكتيكي عن الفريق الأول الذي بات سيد الكرة العالمية والأوروبية.

الإشادة بحكيمي
وأشادت هذه الصحف بالمستوى الكبير الذي ظهر به الشاب المغربي أشرف حكيمي الذي ضمه المدرب والناخب الوطني هيرفي رونار للائحة 27 أسدا في أفق المواجهة المزدوجة لنسور مالي برسم تصفيات كأس العالم 2018، ووضع زين الدين زيدان حكيمي في مركز الظهير الأيمن، وكان بين القليل القليل من اللاعبين الذين خاضوا المباراة بكاملها أمام فيورنتينا وشهدت فوز ريال مدريد بهدفي مايورال ورونالدو.
وكان حكيمي صاحب 18 ربيعا، أمام إمتحان حقيقي وصريح، إذ كان مطلوبا منه أن يبرر الثقة التي وضعها فيه مدربه زين الدين زيدان ليكون البديل المثالي للدولي الإسباني داني كاربخال، بعد أن تم تفويت المدافع البرازيلي دانيللو لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي.
ولم يخيب الفتى المغربي الواعد والذي تدرج في كل الفئات السنية لنادي ريال مدريد ظن مدربه زيدان، إذ نجح بحسب ذات الصحف الإسبانية في كسب الرهان، ليرد بأجمل طريقة ممكنة على الثقة التي يخصه بها الأسطورة زيدان.

نموذج للظهير العصري
ولأن كرة القدم الحديثة، من الصنف الذي تؤمن به الأندية الكبيرة، تتطلب من اللاعبين أن يكونوا على درجة عالية من التركيز وأن يكون لهم تأثير واضح على منظومة اللعب، فإن ما كان مطلوبا من أشرف حكيمي على الرغم من حداثة سنه ووجوده وسط فيلق من كبار النجوم العالميين، هو أن يتمثل الأدوار العديدة المناطة بالأظهرة الدفاعية والتي يجب أن توازن بين الشق الدفاعي والشق الهجومي في الأداء، مع حضور مهارة عالية في قراءة اللعب.
وعندما يطلب من حكيمي أن يكون بديلا للدولي الإسباني داني كارخال الذي يصنف اليوم من بين أفضل 10 أظهرة في العالم، فإن ذلك يشكل للفتى ضغطا نفسيا كبيرا، إستطاع أشرف أن يتحرر منه، أولا لكونه تلقى تكوينا علميا عالي المستوى داخل الفئات السنية لريال مدريد، وثانيا لأنه مؤطر من قبل مدرب يبرع في توزيع الأدوار وفي حماية اللاعبين صغار السن ولا ينزعج أبدا من أخطاء البدايات التي يرتكبها لاعبون ناشئون، وثالثا لأنه يتعلم كل يوم من المهارات الكبيرة لمن هو بديل له، داني كاربخال.

نجح في الإختبار
لم تكن مباراة فيورنتينا إختبارا لأشرف حكيمي، لأنه حاز ثقة زيدان قبل هذه المباراة، حازها يوم كان يستدعيه في الموسم الماضي ليكون عنصر طوارئ داخل الفريق الأول لريال مدريد، وحازها وزيدان يقتنع بخامته الفنية وهو يلعب ضمن «الكاستيا» ويخوض عصبة أبطال أوروبا لليافعين باقتدار، وحازها على الخصوص خلال مرحلة الإعداد للموسم الكروي الحالي بالولايات المتحدة الأمريكية، عندما إلتقى ريال مدريد قوى كروية وازنة أوروبيا، مثل المان سيتي والمان يونايتد والغريم برشلونة ضمن البطولة الودية العالمية.
وقد حصل زيدان في ما يبدو على الكثير من التطمينات، وأشرف حكيمي إسوة باللاعبين الشباب الذين تم إقحامهم خلال مباراة فيورنتينا الإيطالي يبرع في أداء الأدوار المقيدة له في مركزه كظهير أيمن، بل إنه أظهر عن وجود مخزون بدني هائل وظفه بشكل ممنهج وذكي على طول التسعين دقيقة التي تواجد خلالها على أرضية الملعب.

وفي الليلة الظلماء أشرق أشرف
لا خلاف على أن الإدارة التقنية الوطنية التي نجحت عبر كشافيها في إحضار هذه الموهبة الكروية وهو في سن 15 ويلعب في صفوف ناشئي ريال مدريد، قد أسدت خدمة كبيرة للمنتخبات الوطنية برمتها، لأن مستويات توظيف أشرف حكيمي مستقبلا كثيرة جدا، وإن كان في طليعتها المنتخب الأول المقبل على مواجهة نسور مالي، ومن يدري فقد يكون الناخب الوطني هيرفي رونار قد حصل من المؤشرات التقنية والتكتيكية من الذي شاهده من هذا الفتى الرائع، ما يمكن أن يقنعه بتثبيته في مركز الظهير الأيمن خلال نزال الأسود الحاسم أمام نسور مالي، ليصبح بالإمكان الإستفادة من المقاتل نبيل درار في مواقع لعب أخرى، وهو الذي تعود رونار على وضعه في الرواق الأيمن من دفاع الأسود.
وبرغم ما تتسم به كرة القدم الإفريقية من ندية ومن إلتحامات بدنية، فإن دخول أشرف حكيمي لأجواء المباريات الإفريقية الكبرى من شأنه أن يقوي شخصيته ويرفع درجة شراسته، ليكون الفريق الوطني قد ضمن وجود لاعب بمهارات عالية في مركز الظهير الأيمن، على أمل أن تجود الأيام بظهير أيسر بذات مواصفات حكيمي.