قد يعذر الكثيرون إن هم رأوا في منتخبنا المحلي المرشح الأقوى للفوز بلقب النسخة الخامسة لبطولة إفريقيا للاعبين المحليين، فالفوز بالأربعة على "المرابطون" والفوز بعدها بالثلاثة على "السيلي" الغيني والوصول إلى ست نقاط من مباراتين بتحقيق العلامة الكاملة، بل إن الفوز بالحصص الثقيلة، ينبئ فعلا على أن المنتخب المغربي المحلي جاهز على كافة الصعد ليكون المنافس الأقوى على اللقب.

ظاهريا تبدو الأمور هكذا، وكم من مرة كذبت الوقائع ما تراه وتقرأه العين ظاهريا، لأن ما يوجد في صلب المباريات يقول أن ثمة معاناة وأن ثمة حالة من الإحتباس تعتري أداء منتخبنا المحلي، وأن المضمون التكتيكي لمبارتينا أمام موريتانيا وغينيا بدرجات متفاوتة تلزمنا بعدم الإنسياق وراء الإنطباعات، فالأمر سيكون معقدا وصعبا، بل إن الطريق نحو لقب "الشان" سيكون شائكا ويحتاج من فريقنا المحلي لأن يملك القدرة أولا على التدبير الجيد للمخزون البدني وثانيا على التأسيس لنسق يتطور ليأخذ الأداء منحى تصاعديا، وثالثا لأن يتم تصحيح الكثير من الأعطاب التي تشوب الأداء الجماعي قبل الفردي.

كما كان الحال أمام موريتانيا، إستشعر منتخبنا المحلي بعض الصعوبة في فرض الإيقاع وفي تلجيم الذات والحيلولة دون مزيد من ارتكاب أخطاء مكلفة على مستوى تدبير فصول المباراة.

ولئن كان أسود ألبطولة قد نجحوا في تحقيق الفوز الثاني تواليا والذي يضمن لهم بنسبة عالية الإنتقال للدور ربع النهائي في انتظار تأمين الصدارة أمام المنتخب السوداني لعدم مبارحة مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، فإنهم في مقابل ذلك مروا ببعض الفترات المقلقة من زمن المباراة، بسبب أنهم لا يجيدون الضغط العالي الذي يربك المنافس ويكشف عن عوراته التكتيكية، وبسبب أنه يبطؤون كثيرا الإنتقال من الحالة الدفاعية للحالة الهجومية، وبسبب أن هناك من يخرج عمدا على النص فتحضر أنانيته الفردية التي لا تخدم الأداء الجماعي.

والمؤكد أن الوصول للوضع المثالي الذي يساعد على قهر المنافسين لاختصار الطريق نحو لقب "الشان"، يمكن أن يتحقق في ما لو حرص لاعبونا على اللعب بالسهل الممتنع، الذي يرسم داخل الملعب وبصرامة المساحات التي تقبل بالمجازفة والمساحات التي لا يقبل فيها بأي نوع من التهور الفردي.

ولأننا لا نعرف حجم الإصابة التي تعرض لها عبد الإله الحافيظي الكاتاليزور وصلاح الدين السعيدي السقاء الإستراتيجي، فإن شكل المنتخب المحلي يمكن أن يتغير بنسب عالية في ما لو حكمت الإصابات بغياب هذين المحورين، ولو أنه لحسن حظ المنتخب المحلي أن التأهل للدور ربع النهائي أصبح مضمونا بنسبة عالية، ومعه لم تعد مباراة السودان مصدر قلق لجمال السلامي، لذلك ستكون هناك حاجة لتغيير ملامح الفريق بوجود الكارتي وبولهرود.

طبعا يسعدنا أن المنتخب المحلي حقق العلامة الكاملة من المباراتين الأوليين وبذلك ذوب جليدا من الضغط، إلا أن ما سيسعدنا أكثر لو أن المنتخب المحلي تقدم خطوات على درب تأمين منظومة اللعب من كل الشوائب والعوارض التكتيكية، لأنه بمطلق الأمانة ومن منظور ما شاهدناه من الظهور الأول لكل المنتخبات المشاركة في "الشان"، لن يكون من باب المغالاة أن نضع المنتخب المحلي على رأس المرشحين للقب حتى في وجود الأعطاب التكتيكية التي تحدثت عنها.