لأنه نهائي تاريخي يحتاج إلى أداء بطولي وإلى فريق ملحمي، فقد جاء منتخبنا المحلي بأجمل الأشياء وهو يكتب بروعة قل نظيرها النهاية الرائعة لملحمة كروية إبتدأت برباعية أمام موريتانا وانتهت برباعية أمام النسور الخضر لنيجيريا.
كان من الضروري أن يتخلى المنتخب المحلي عن كل الشوائب والمعيقات والإختلالات التي رافقت بعض مبارياته في هذا "الشان" برغم الإنتصارات العريضة، لكي يفي النهائي بالغرض ولكي تتحقق الغاية الأسمى التي جرينا جميعا وراءها، أن يتوج منتخبنا الوطني بلقب بطولة إفريقيا للمحليين لأول مرة في تاريخه.
واقتضى الحدس التكتيكي للمدرب جمال السلامي أن يرسم طائر النار زكرياء حدراف بدلا من أشرف بنشرقي، فلم يخب الظن لأن فارس دكالة ونسر الرجاء سيعزف نشيد النصر برفقة الحداد والكعبي وكل الأسود، وسيظهر الفريق الوطني من بداية النهائي مهاجما ومندفعا وفارضا لإيقاع مرتفع، وبرغم أن فرصا جميلة تبددت بسبب سوء الحظ، أبرزها المقص الأكروباتي لأيوب الكعبي الذي رده القائم النيجيري، إلا أن منتخبنا الوطني آمن جيدا بحظوظه وأبقى على توازناته إلى أن تمكن في آخر دقائق الجولة الأولى من افتتاح حصة التسجيل.
كانت القرائن والدلائل كثيرة، على أن المنتخب المحلي تقمص بالفعل الشخصية البطولية التي تفرضها المباريات النهائية، وأبدا لم يترك في تفاصيل وكل أزمنة المباراة شيئا للصدفة، أحكم قبضته على المباراة وعلى إيقاعها وسيهديه طرد موزيس النيجيري لتلقيه الإنذار الثاني، فرصة كسب الزيادة العددية التي ستتجسد بطريقة عالية الإحترافية على أرضية الملعب، إذ سيتمكن الفريق الوطني من زيارة مرمى نيجيريا لثلاث مرات خلال الجولة الثانية، ليزف المنتخب المحلي بالعلامة الكامة للإستحقاق، إلى لقب تفتتح به كرة القدم الوطنية سنة 2018، تأكيدا على صحوة قوية وإبرازا لعمل أنجز في العمق فأثمر هذا الذي نسعد به اليوم كمغاربة.
بالتأكيد يهنأ الإطار التقني جمال السلامي على أنه ترجم بالفعل فكره التكتيكي فقدم للبطولة فريقا يتمتع بكل مقومات البطولية والنجاح، أليس هو صاحب أقوى هجوم، أليس هو صاحب أقوى دفاع، أليس بصفوفه البطل الخرافي والتاريخي ل "الشان"، أليس هو من يملك أعلى نسب الاستحواذ، أليس هو من أغار على مرمى المنافسين أكثر من غيره.
كل العلامات الرقمية والفنية والتكتيكية الدالة على التفوق موجودة في هذا الفريق الذي دخل بالفعل التاريخ بتتويجه بلقب "الشان" الأول من نوعه في تاريخ كرة القدم المغربية.
وطبعا يهنأ اللاعبون بلا إستثناء على ما بذلوه من جهد وما أبدعوه من تلاحم طوال المباريات الست التي قادتهم للقب القاري، وتهنأ الجامعة على أنها لم تترك أي شيء للصدفة في تمتيع هذا الفريق بكل الظروف المشجعة على العمل وأيضا على الإبداع والخلق، وتهنأ الجماهير المغربية على أنها ما قصرت أبدا في أداء الواجب الوطني بتواجدها النوعي في كل مباريات أسود البطولة، وبخاصة في مباراة النهائي التي جرت تحت أمطار الخير.
إنها مجرد بداية، تعطينا اليقين على أنه بالعمل وحده نستطيع أن ننجح بل وأن ندمن النجاح.