بماذا يجب أن نحتفظ عن المباراة الحربائية بل والعجائبية للمنتخب المحلي أمام نظيره الليبي في نصف نهائي "الشان"؟
بالتأهل الأول من نوعه للنهائي؟ أم بالحمم التي تأخرت في الصعود لفوهة البركان الأطلسي، حتى كاد يقتلنا اليأس؟ أم بالرعونة التي شرعت لها الأبواب فاستهجنت الأداء الجماعي واغتالت بهاء الصورة؟
طبعا لابد وأن نكون سعداء بأن منتخبنا الوطني المحلي أنجز نصف المهمة ببلوغه الدرج الأخير المفضي إلى المجد القاري، ولابد أن نهنئ أنفسنا قبل اللاعبين أن الرجاء لم يخب وأن حلم الوصول إلى النهائي لم يتبخر برغم ما هاج في مباراة النصف أمام فرسان المتوسط، إلا أن كثيرا من الأشياء المقلقة لابد من استحضارها ونحن نخضع النزال أمام المنتخب الليبي الشقيق للتشريح والتمحيص.
وأول الأشياء التي أقلقتني شخصيا، هو أن المنتخب المحلي أذعن عن وعي أو عن غير وعي، لست أدري، لإرادة المنتخب الليبي، فهذا الأخير كان يدرك جيدا حيال ضعف مخزونه البدني وحيال ما أحصاه من نقاط قوة في منظوة لعب المنتخب المغربي، أن ما يتوفر عليه من رصيد بدني لا يكفي لتدبير مباراة سريعة الإيقاع، لذلك فعل كل شيء من أجل أن يفرمل الإيقاع ويقرر هو بشأن الوثيرة التي يجب أن تسير بها المباراة، وقد سقط للأسف لاعبونا في الفخ، وما تسبب في ذلك هو تضحيتهم في كثير من المناسبات باللعب الجماعي، فحضرت الأنانية والفردانية ومعها حضرت الركاكة والخروج الفاضح عن النص.
ولا أستطيع أن أستثني إلا القليل من اللاعبين من هذا التسفيه للعب الجماعي، حتى أن الحلول انتفت بشكل كبير من مباراة بدا أن المنتخب الليبي هو المتفوق فيها لأنه نجح بدكاء كبير في التغطية على خصاصاته وقلة حيلته.
وطبعا عندما يكون ظهيرا الدفاع بوجه هجومي شاحب، وعندما لا تشتغل الأروقة بالشكل الصحيح، وعندما لا يحقق رجلا الوسط الإسترجاعي التوازن على مستوى الوسط وإعطاء السرعة اللازمة للتحول من الدفاع للهجوم، وعندما لا يكون على رأس هرم الوسط لاعب بمهارة خارقة في صناعة الحلول، نفهم مدى معاناة وعزلة الغوليادور الكعبي، الذي سيسترد الروح بدخول السهم الثاقب حدراف.
فمن إحدى الإختراقات الصعبة، سينجح حذراف في رفع أول كرة بالمقاس لرأس الكعبي الذي بدا واضحا أننا نعذبه كثيرا عندما لا نضعه في مبارزة واضحة مع دفاع الخصم في منطقة العمليات.
لحسن الحظ أن الكعبي سجل مرة ليخرج منتخبنا الوطني من الغيبوبة ومن فضل الله علينا أن أيوب الكعبي عاد وسجل ثانية ليغطي على رعونة ما كنا بحاجة لها، تسبب فيها الحارس الزنيتي ومنحت هدفا، وكأنه هدية من السماء للمنتخب الليبي.
طبعا ما كان للكعبي أن يرتفع بنا عن الوضاعة التي سيطرت على الأداء والأخطاء التي لا تحصى على مستوى التمرير لو لم يكن هناك رجل اسمه حدراف.
نضع إذا الرجلين في النهائي، ونقف من حيث المبدأ على بعد خطوة من لقب "الشان"، وما سيكون عليه لقاء النهائي من شراسة وضراوة تكتيكية وبدنية، لا يسمح إطلاقا بالبشاعة التي شاهدنا الكثير من فصولها أمام المنتخب الليبي ولو أن اللاعبين معذورون في ما هاج عليهم من عواطف ومشاعر وضغوط يصعب ترويضها وتليينها.