بدأ الطاهر لخلج مسيرته الرياضية مع مولودية مراكش، ومنه إنتقل إلى الكوكب الذي تألق معه، واستفاد من تجربة والده الذي ظل على مدى سنوات يشتغل مدربا لحراس مرمى الكوكب المراكشي، ما أتاح له فرصة معانقة الإحتراف مع ليريا البرتغالي، وبعده بنفيكا وساوثامبتون وشارلتون الإنجليزيين.
على مستوى المنتخب الوطني، صنع لنفسه مجدا بفضل جديته وقتاليته، وإطلاقا لا يمكن لذاكرة أسود الأطلس أن تنسى الطاهر لخلج، لقد كان لاعب ناجحا وأصبح مسيرا ناجحا أيضا.
ويعتبر الطاهر لخلج فترة حمله لقميص المنتخب الوطني للكبار أحلى وأهم حقبة في حياته الكروية، لأن الرحلات تصاحبها دوما مغامرات، وتنتهي بذكريات جميلة سواء على مستوى النتائج أو الأحداث التي تقع لمكونات المنتخب الوطني.
في هذه الوقفة نستعيد بعضا من ذكريات الدولي السابق الطاهر لخلج مع المنتخب الوطني وبخاصة مشاركته في مونديالي 1994 بأمريكا ومونديال 1998 بفرنسا.

- المنتخب: ماذا يمثل لك اللعب بالمونديال، وكيف تلقيت الدعوة للمشاركة في مونديال 1994؟
لخلج: في الحقيقة اللعب بالمونديال يبقى حلم أي لاعب، لأن للمونديال نكهته الخاصة، حيث يلتقي عمالقة اللاعبين من مختلف دول العالم، حيث يكون أي لاعب تحت المجهر ويتابع من قبل الصحافة العالمية والملايين من الجماهير، لذلك فحتى لو كنت قد فزت بالكرة الذهبية أو فزت بدوري عصبة الأبطال فإذا لم تلعب المونديال فإنك تكون منقوصا من شيء إسمه المونديال، لذلك حضوري بمونديال 94 بأمريكا كان له طعم خاص في مسيرتي الكروية، حيث شعرت بافتخار كبير بحضوري مع نخبة من اللاعبين الكبار، خاصة وأن التأهل جاء عن طريق منتخب كبير هو منتخب زامبيا الذي ربحناه في مباراة صعبة للغاية بمركب محمد الخامس بالدارالبيضاء، لذلك كانت سعادتي لا توصف وأنا أشارك في مونديال أمريكا 94.

- المنتخب: قادكم في مونديال أمريكا 94 المدرب المرحوم عبد الله بليندة، كيف كان يتعامل معكم، وماذا تحتفظ به من ذكريات مع هذا المدرب؟
لخلج: «الله يرحم سي عبد الله بليندة»، لقد كان رجلا خلوقا يحب وطنه، كان يتعامل معنا كأبنائه، ولم يحدث أن إصطدم مع لاعب معين، للأسف النتائج لم تكن بجانبه بالنظر للنتائج التي حققناها في مباريات الدور الأول، ثم المشاكل التي أحاطت بمشاركتنا في المونديال لا داعي لذكرها، كما أن عبد الغني الناصري المدرب المساعد الذي حضر معنا معسكر كندا، لم يرافق المنتخب الوطني بعدما كان طيلة التحضيرات بجانبنا، وكان الخبر كالصاعقة بالنظر للعلاقة التي كانت تربطنا بالمدرب عبد الغني الناصري الذي كنا معه في كأس فلسطين بالعراق، كما لا يمكن نسيان المدرب عبد الخالق اللوزاني الذي كان يدرب المنتخب الوطني وكان من المساهمين في التأهل للمونديال.

- المنتخب: واجهتم منتخب بلجيكا، وقدمتم مباراة كبيرة للأسف خسرتم هذه المباراة، ماذا وقع للاعبين؟
لخلج: كانت هناك عزيمة كبيرة تحدو جميع اللاعبين لكي نفوز بالمباراة، وفعلا قدمنا مباراة كبيرة أمام المنتخب البلجيكي بل سيطرنا على مجرياتها وخلقنا عدة فرص للتسجيل، مع الأسف لم نترجمها لأهداف، فخسرنا بهدف للاشيء بعدما كانت المباراة في المتناول، وأتذكر هنا أنه أتيحت لناضر والشاوش العديد من الفرص، للأسف ضيعنا النزال، وجاءت المباراة الثانية ضد المنتخب السعودي وقلنا جميعا بأنها في «الكرش»، وكان لنا اليقين بأننا سنفوز فيها لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، فالمنتخب السعودي الذي كنا نسحقه بالأربعة والخمسة فاجأنا بفوز صدم الجميع، السبب هو عدم التركيز والإنضباط، كما أن المدرب المرحوم عبد الله بليندة لم يكشف عن التشكيلة الرسمية إلا ساعة ونصف قبل بداية المباراة، الشيء الذي خلق إرتباكا كبيرا في صفوف اللاعبين الذين ظهروا في المباراة بلا تركيز، بالنسبة لي كانت هذه المباراة من أسوإ المباريات في تلك الفترة، لتأتي مباراة منتخب هولندا الذي كان يضم في صفوفه عدة لاعبين بارزين على المستوى الدولي أمثال فرانك ريكارد ورونالد كومان وبوصمان وبيركامب وغيرهم، فوقفنا الند للند أمامهم وقدمنا مباراة كبيرة مرة أخرى وكنا قريبين من الفوز، علما أننا لعبنا في الساعة الثانية عشرة وكان الجو حارا إلى درجة أن جميع المنتخبات كانت تستعين بالأوكسجين إلا نحن، للأسف المسيرون الذين كانوا معنا لم يقوموا بدورهم على أحسن وجه.

- المنتخب: إذن ما هي الخلاصات التي خرجتم بها من خلال هذه المشاركة؟
لخلج: الخلاصة هي أننا كنا نتوفر على منتخب وطني كبير كان يضرب له ألف حساب، للأسف ما حدث لم يكن يشرف المنتخب الوطني في غياب الإنضباط، فمثلا كانت الجمهور يدخل للفندق في أي وقت حتى مع الحادية عشرة ليلا، ما أفقد اللاعبين التركيز.
- المنتخب: وكيف كانت علاقتكم بالملك الراحل الحسن الثاني؟ هل حصل أن وجهكم أو قدم لكم بعض التوجيهات؟
لخلج: بكل صدق فقدنا ملكا عظيما ورياضيا كبيرا، كان يتابعنا في التداريب، ويتابع ماذا نأكل، ومن فرط دعمه للاعبين فقد منحنا «سلاسل ذهبية» مكتوب فيها آية الكرسي، وكان من توجيهاته رحمه الله أن أمر بأن نلعب ورؤوسنا مرفوعة، وهنا سأحكي لك واقعة حدثت للاعبين، بحيث ثم منحهم «أحذية اللعب - كوداس» مصنوعة من البلاستيك بالأسفل، فتعرضت رجلنا إلى أذى، بحيث «تنبلات»، فأرسل لنا الملك الراحل «الحنة» وشفيت أقدامنا في يوم واحد، علما أن تلك الأحذية كانت مخصصة للمباريات التي تجرى في فصل الشتاء، فما بالك ونحن نخوض مبارياتنا بمدينة أورلاندو التي كانت الحرارة بها تصل لـ 50 درجة.
(يتبع)