لأن الوداد البيضاوي ينعث، بقوة التاريخ وما أنجزه طوال ثمانية عقود، بقلعة الألقاب، فإنه يدخل الموسم الجديد (2018-2019)، برهان الفوز بكل الألقاب الممكنة، معتمدا في ذلك على تشكيل بشري يمكن وصفه بالأقوى والأغنى والأغلى داخل البطولة الإحترافية الوطنية. 
ويبدو من خلال المقاربة التي اعتمدها الوداد البيضاوي في تدبير الشق التقني وبخاصة الجانب المتعلق منه بتدبير الرأسمال البشري، أنه استفاد كثيرا من كل الذي حدث في المواسم الماضية، عندما كان الفريق تحت طائلة العوز المادي يسرح الأرقام الصعبة في معادلة النجاح.
التقرير التالي يرصد ملامح القوة في سياسة الوداد.

لا تفريط في التوابث
حرص الوداد البيضاوي على التمسك بأغلب العناصر التي استطاعت في السنوات الثلاث الأخيرة من إغناء خزانة الوداد بلقبين للبطولة الإحترافية وبخاصة بلقب لعصبة الأبطال الإفريقية، هو الثاني في تاريخ القلعة الحمراء بعد الأول الذي يعود لسنة 1992، وهو الذي مكن الوداد من التواجد لأول مرة بكأس العالم للأندية. وبرغم كل العروض التي تلقاها نجوم الفريق وفي مقدمتهم الدوليان اسماعيل الحداد ومحمد أوناجم ورجلا الوسط عبد الرحيم السعيدي ووليد الكارتي، إلا أن الوداد تمسك بلاعبيه واستبعد عروضا مالية ما كان ليرفضها قبل أربعة مواسم بسبب الأزمة المالية التي عاشها. 
ومقابل تسريحه لحارس مرماه زهير لعروبي والمدافع أمين العطوشي، فإن الوداد سينجز صفقات كبيرة عوضت الخصاص بل وساهمت في إغناء الرصيد البشري.
فقد قرر الفريق استعادة حارس مرماه الدولي رضا التكناوتي بعد موسم إعارة لاتحاد طنجة، ليصبح الحارس الأول للفريق إلى جانب ياسين الخروبي.
وعلى مستوى خط الدفاع جلب الوداد الباز المدافع السابق لشباب خنيفرة، لتكون أقوى الإنتدابات على مستوى الوسط والهجوم، وعلى مستوى هذين الخطين، جلب الوداد بديع أووك الذي برز بصورة ملفتة كلاعب رواق إلى جانب حسنية أكادير، والنيجيري ميشيل باباتوندي الذي عاش من قبل تجربة داخل البطولة الوطنية بمعية الرجاء، وظهر واضحا أنه يملك موهبة هجومية كبيرة، كما جلب بتوجيه من مدربه السابق فوزي البنزرتي الدولي التونسي السابق أسامة الدراجي، واستعاد الغوليادور الليبيري ويليام جيبور بعد أن أمضى موسما سيئا مع النصر السعودي وهو الذي توج مع الوداد بلقب البطولة وبلقب هداف البطولة الموسم قبل الماضي.

كوموندر لإنجاز 4 مهمات
بحضور هؤلاء الأربعة وبعودة لاعبين آخرين من الإعارة، يكون الوداد اليوم هو صاحب أقوى تشكيل بشري في البطولة، كلاعبين أساسيين وكبدلاء، وهو ما سيقدم للمدرب خيارات كثيرة وقدرة على مواجهة الطوارئ، بخاصة وأن الموسم الجديد يضع الوداد في قلب أربعة تحديات.
أولهما عصبة الأبطال الإفريقية التي يطمع الوداد للإحتفاظ بلقبها ليكون أول فريق مغربي يحقق انجاز الفوز بكأس العصبة للمرة الثانية على التوالي، ويضمن جراء ذلك الحضور للمرة الثانية تواليا في مونديال الأندية، وقد شارف الوداد على ضمان التأهل للدور ربع النهائي بابتعاده بصدارة مجموعته على بعد جولتين من نهاية دور المجموعات.
ثانيهما كأس العرب للأندية الأبطال والتي تسيل جوائزها اللعاب، أما ثالثها فهو كأس العرش الذي يتمنى الوداديون الفوز به مجددا.
أما رابع التحديات فهي البطولة الإحترافية التي تمثل واحدا من أكبر الرهانات التي يشتغل عليها الفرسان الحمر.

فريق وضعيته المالية جيدة
ولا تكمن القوى الضاربة في الوداد نسخة 2018-2019، في الرصيد البشري الغني والمتوازن والمشجع على مطاردة كل الألقاب الممكنة، ولكن على الخصوص في التعبئة الكبيرة التي تعلنها الجماهير العاشقة للفريق الأحمر من أجل تحسيس اللاعبين بأنها تقف باستمرار إلى جانبهم، وأيضا في السياسة التي ينهجها المكتب المسير للوداد والتي أثمرت بمجيء سعيد الناصري إلى دفة الرئاسة، الحصول على لقبين للبطولة الإحترافية وعلى لقب قاري، وغير هذا وذاك أثمرت معالجة عاقلة وراديكالية للأزمة المادية التي عاشها الفريق قبل أربعة مواسم عن خروج فعلي من نفق الخصاص، فالوداد اليوم يوجد في وضعية مالية مريحة، دليل على جودة الحكامة، برغم أن هذا الأمر يدفع إلى تعزيز القدرات ورفع سقف العائدات للحيلولة دون وجود الخصاص، والإستثمار الجيد في الزمن الودادي الذي يوصف بأنه زمن الرفاه وزمن اصطياد الألقاب بامتياز.

البنزرتي غمم السماء
وكان بالإمكان القول على أن الوداد يشرع النوافذ ليطل بكامل الأريحية على موسم جديد يبشر بالمزيد من الإنجازات، لولا أن قرار رحيل المدرب فوزي البنزرتي غيم قليلا السماء الصافية، وأجبر الرئيس سعيد الناصري على أن يفتح ملفا كان في غنى عنه، ملف البحث عن مدرب جديد، مع ما يجلبه ذلك من صداع رأس ومن مجازفات، بالنظر إلى أن الوداد بالتشكيل الحالي وأيضا بقوة الرهانات التي تنتظره في موسمه الجديد، لا يملك هامشا كبيرا للخطإ على مستوى شخصية المدرب الجديد، والذي يفترض أن يكون مدربا عاشقا للتحديات ومالكا للأدوات الفنية والتكتيكية التي تسمح لالتميز ومدمنا لمطاردة الألقاب.
وقد يكون من حظ الوداد أنه يوجد في منظومته التقنية مدرب بحكمة وكفاءة وتجربة عبد الهادي السكتيوي، يستطيع تأمين مرحلة بالغة الحساسية يقبل فيها الوداد على الرهانين العربي والإفريقي بكل ضمانات النجاح.