بعد تتويجه الموسم الماضي بلقب كأس العرش رفقة المدرب غاريدو، بالرغم من كل الإكراهات المادية، وضعف التركيبة البشرية، يبدو أن الرجاء البيضاوي قد استعاد هذا الموسم الكثير من هيبته، بفضل الإستقرار التقني وكذا تلاحم كل مكونات الفريق الأخضر نتيجة المجهود الذي بذلته اللجنة المؤقتة التي قامت بعمل كبير لإعادة هيكلة الفريق من الناحية الإدارية والتقنية، هذا بالإضافة إلى تعزيز صفوف الفريق بلاعبين جدد قدموا الإضافة، فيما أن النتائج الإيجابية التي حققها النسور بداية هذا الموسم على كل الواجهات فتحت الشهية من أجل التتويج بالألقاب.

تشريح الوضع
لم يكن أكبر المتفائلين ينتظرون هذه العودة القوية والسريعة للفريق الأخضر ومنافسته على كل الواجهات المحلية والخارجية، في ظل العديد من الإكراهات والمشاكل المادية التي أحاطت بالفريق خاصة في الموسمين الأخيرين، لكن اللجنة المؤقتة بقيادة الحكيم امحمد أوزال أمنت بالعمل الذي تقوم به، واشتغلت في صمت، لكن بكل جدية واحترافية، حيث عملت في البداية على القيام بعملية تشريح للوضع، قبل أن تبحث عن الحلول الناجعة للكثير من المشاكل التي أثرت بشكل سلبي على أداء الفريق ونتائجه.

الإستقرار وتعزيز الطاقم التقني
طالب العديد من الرجاويين برأس المدرب غاريدو، وانتقدوا الكثير من قراراته، خاصة في ما يتعلق باختياراته البشرية وإبعاده لبعض العناصر الوازنة في مقدمتها العميد السابق عصام الراقي الذي كان يحظى بتقدير خاص من الجماهير الرجاوية، لكن اللجنة المؤقتة فضلت الحفاظ على استقرار الإدارة التقنية بقيادة غاريدو، مع تعزيز الطاقم التقني بإبن الفريق يوسف سفري الذي يملك تجربة وخبرة ميدانية مهمة، هذا إلى جانب قدرته على التواصل بشكل أفضل مع اللاعبين، وبهذا القرار تكون اللجنة المؤقتة قد تفادت كذلك الدخول في صراعات قانونية مع غاريدو المرتبط بعقد مع الفريق، كما جنبت خزانة الرجاء أداء مبلغ شرط جزائي في حدود 400 مليون سنتيم في حالة الإنفصال عنه من جانب واحد.

فتحي جمال أفضل انتداب
فطن امحمد أوزال وباقي أعضاء اللجنة المؤقتة لأهم خلل عانى منه الفريق في المواسم الأخيرة، ويتجلى في ضعف التكوين، والإعتماد كليا على سياسة اللاعب الجاهز التي استنزفت ميزانية الفريق، وتسببت له في هذه الأزمة نتيجة كثرة النزاعات مع لاعبين مروا مرور الكرام من مركب الوازيس، وكان القرار الأول هو الإستعانة بابن الفريق فتحي جمال لشغل منصب المدير الرياضي، ومنحه صلاحية القيام بانتدابات جديدة حسب مراكز الخصاص وبتنسيق مع المدرب غاريدو، فتحي جمال اعتبر أهم انتدابات المرحلة بالنظر للعمل الكبير الذي قام به، حيث نجح بشكل كبير في تدبير الميركاطو الصيفي بأقل تكلفة ممكنة، وفي ظرف وجيز تمكن الوافدون الجدد من التأقلم مع الأجواء الجديدة، واستطاعوا أن يمنحوا الإضافة للفريق الأخضر.

النتائج ساعدت على الإستقرار
ركزت اللجنة المؤقتة في عملها على توفير كل الظروف الملائمة للفريق الأول، ونجحت في استعادة ثقة اللاعبين، ما مكن من ضمان الإعداد الجيد للموسم الجديد، وتفادي الإضرابات التي ميزت المواسم الأخيرة، وتبنت اللجنة المؤقتة مجموعة من الحلول الإستعجالية التي مكنت من ضمان انطلاقة جيدة، ليقينها بأن النتائج التي سيحققها الفريق الأول سيكون لها انعكاس مباشر على كل محيط الفريق، وبالفعل فقد ساهمت النتائج الإيجابية ومنافسة الفريق بقوة على كل الواجهات التي يشارك فيها في عودة الهدوء للبيت الأخضر.

رئيس جديد بالأغلبية
قامت اللجنة المؤقتة وعلى رأسها امحمد أوزال بتهييء الظروف الملائمة للرئيس الجديد الذي سيتحمل المسؤولية، وبالرغم من بعض الإنتقادات، فإن غالبية منخرطي الرجاء قرروا تجاوز خلافاتهم الضيقة، ووضعوا أخيرا مصلحة الرجاء فوق كل اعتبار، ومنحوا الثقة للسيد جواد الزيات ليتحمل المسؤولية ويقود السفينة، بعد أن اشتغل ضمن اللجنة المؤقتة، واطلع عن كثب على الكثير من الملفات، وخاصة منها ما يتعلق بمديونيته، ونزاعاته سواء لدى الهيئات الدولية أو لدى الجامعة والمحاكم المغربية.
وتبقى هناك الكثير من التحديات التي تنتظر الرئيس الجديد أهمها تسوية هذه الديون وإعادة جدولتها ومتابعة العمل الذي دشنته اللجنة باستمرار النتائج والحفاظ على استقرار وتلاحم كل مكونات الفريق الأخضر.

الجمهور سلاح الرجاء الفتاك
يرحل المكتب المسير ويرحل المدربون واللاعبون، لكن الجمهور الرجاوي هو الذي يظل حاضرا دائما في السراء وكذا في الضراء.إنه بالفعل الرئة التي يتنفس بها الفريق، وهذا الموسم كان استثنائيا بالنسبة للجماهير الرجاوية التي أصرت على الحضور بقوة وكثافة في كل المباريات، بالرغم من ارتفاع ثمن التذكرة فإنها لم تبخل عن الحضور تحت شعار «دونور يدور»، وبالفعل فقد شكل الجمهور المحتضن الرسمي للفريق، وفي ظل استمرار هذا الدعم ينتظر أن يضخ هذا الموسم أزيد من 2 مليار سنتيم في ميزانية الفريق من مداخيل الملعب، وذلك في ظل الإستحقاقات التي يشارك فيها النسور، وكل التوقعات تشير لتحقيق رقم قياسي قد يساهم به الجراد الأخضر في حل جزء من الأزمة المادية للفريق.

الألقاب تحل الأزمات
يركز الفريق الأخضر حاليا بدرجة كبيرة على واجهتي كأس العرش و كأس الكونفدرالية الإفريقية، حيث اقترب الفريق بشكل كبير من المباراة النهائية في المسابقتين، وإلى جانب ما يمثله الفوز باللقبين من شرف، حيث يراهن النسور على الإحتفاظ بلقب الكأس الفضية للموسم الثاني على التوالي والعودة لصدارة الكرة الإفريقية عبر بوابة كأس الكونفدرالية، فإن الهاجس المادي يظل كذلك حاضرا في أذهان المكتب المسير بصفة خاصة باعتبار أن التتويج باللقب القاري سيضخ في خزينة الفريق حوالي مليار و300 مليون سنتيم، ما سيساهم كذلك في التسريع من وثيرة تصفية الديون العالقة، وحل الكثير من المشاكل الأنية، وهذا ما تراهن عليه مكونات الفريق، خاصة المكتب المسير، مع العلم أن التتويج بلقب سيفتح الشهية للمنافسة كذلك على الواجهة العربية وكذا على لقب البطولة الإحترافية التي غابت عن خزانة النادي لأزيد من خمس سنوات.