ما زال الحديث عن المنتخب الوطني في عز التحضيرات الخاصة بالمحترفين المغاربة مع أنديتهم الأوروبية يغري العديد من النقاد والمحللين حتى أصبح مادة مستهلكة بالنظر إلى طبيعة الإختلالات التي أفرزتها مباراة ليبيا وبخاصة في شقها الهجومي، ولا يمكن الجزم بضعف أدوات الفريق الوطني البشرية بالطرح العقيم من مؤدى أنه لا يوجد اليوم قناص مختص أو صانع ألعاب أو صناع قرار أو وسط مقاتل، والحالة هاته أن دخول المحترفين البطولة الوطنية والبطولات الأوروبية في التحضيرات الأولية، وبعدها إلى المباريات الودية التي يبنى عليها تكتيك أي مدرب قبل الدخول المباشر في البطولات الرسمية، يؤسس اختبارا للقدرات ورؤية جديدة في عالم الإختيارات والإنتدابات والإستئناس والتكيف مع الأندية التي تكتظ عادة بمجموعة من اللغات والأجناس، والفريق الوطني المغربي مبني على هذه الثقافة التي يسيطر عليها محترفو أوروبا، ويعرف الناخب لماذا وكيف اختار رعيله المكثف على حساب البطولة الإحترافية، وما هو بديهي أن الإشكالية الهجومية باتت ضرورة ملحة للمعالجة من خلال الوجوه المعول عليها في المنظومة، خاصة وأن المحور الهجومي الذي لعب مباراة ليبيا (ياجور وحمد الله) أصبح اليوم في عداد بطولة خليجية أقل مردودية من أوروبا، واللياقة البدنية أصلا لدى هذين اللاعبين ليست على ما يرام بالسرعة التي نريدها وبالطريقة التي لم أفضت إلى العطاء الغريب الذي أدياه في المباراة المذكورة قبل أن يتحولا اليوم إلى الخليج الذي يقصي عادة الدوليين لإختياراتهم السيئة وربما قد يبعدهما عن المنتخب للقناعات التي يميل إليها أكثر الناخبين من أن الخليج ليس بنفس القوة الأوروبية في التحضيرات اليومية وحتى على مستوى اللياقة البدنية التي يتأسس عليها نظام اللعب والنهج القائم على السرعة، أكثر من ذلك وإن كان الزاكي لا يقتنع بالعرابي على أنه قناص، فله الحق في ذلك لأنه يدرك نواقص اللاعب في لياقته وكيفية التفريط في الفرص المتاحة لديه أكثر مما يسجل، أما الشماخ فما زال الرجل المناسب حتى وإن تقدمت به السن لأنه يحسن الأداء ويعرف كيف يبحث عن الحلول، وفيما لو غاب لا بد أن يكون نظام اللعب مقلوبا ليعوض بذكاء المنظومة والإختيارات ذات الصبغة الهجومية من عناصر لها قيمة عالية في إيجاد الحلول حتى ولو كانت تميل إلى الأطراف أو مختصة في الإختراق مثل الدور الذي يقوم به القادوري وبرادة وبوصوفة وشحشوح والسعيدي وأمرابط وغيرهم، ما يعني أن الفريق الوطني الهجومي به أيضا مفاعل جديد من الأسماء الدولية من ياسين بامو قلب هجوم نانط وسفيان بوفال عقل خط هجوم ليل الفرنسي، وهشام مستور الفنان القادم من الميلان، ومن هنا يمكن أن نختار مثلما حال أقليات البطولة الوطنية التي لم تعد تمثل على الإطلاق المادة الخام لأفضل قناص وأفضل حارس وأفضل صانع ألعاب وأفضل رجل وسط مقاتل وأفضل مدافع بالإختصاص.
الكثير من المحللين الذين يتحدثون عن المنتخب لا يدركون كيف ولماذا ماتت البطولة الوطنية في إنجاب المواهب من الطراز العالي (القامة، السرعة، القوة، اللياقة البدنية، الذكاء، المهارة، الإبداع، الفرجة، والرغبة في الفوز العريض، وغيرها من الأمور إلى تيسر إنجاب لاعب مهاري من العين التقنية التي تبشر له بمستقبل زاهر)، وأستغرب أن الفريق الوطني المغربي الذي بني في سنوات العز الكروي من البطولة التي كان فيها كل فريق مغربي في الخريطة المغربية يبني جمهوره من نجوم تفوق ستة لاعبين في كل الإختصاصات  ويحتار أي ناخب وطني كيف يختار 23 لاعبا من كل الفرق الوطنية التي يفوق تعداد نجومها نسبيا 90 لاعبا مثلما كان الحال عليه في اختيار الحراس وأفضل الأظهرة الدفاعية وأفضل رجال متوسط الدفاع وأفضل السقائين وأفضل صناع اللعب وأفضل الأجنحة وأفضل القناصة، واليوم يصعب أن نحدد من هو نجم الفريق في كل الإختصاصات ويصعب حتى تمثله في الإختيار الدولي من المستوى العالي.
الفريق الوطني اليوم مع الزاكي يعيش حالة بناء ستدوم طويلا للوصول إلى رجال الإختصاص سواء من أوروبا أو المغرب، ومن يستهين بالمحترفين المتواجدين حاليا من المحللين ومنشطين أمل من سماعهم، عليه أن يكون ناخبا ليمنحنا فريق وطنيا محليا من دون محترفين لنرى سياق المقارنات بين منتخب السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات وبين منتخب 2015 من المحليين أي من الصنف الثاني المؤهل لكأس إفريقيا للمحليين.
قوموا لا تناموا على الغفلة فأنتم واهمون.