أشعرني بالفخر، كل هذا الذي شغل منصات الإعلام العربي والدولي، منذ يوم أمس الخميس، وقد تأكد وصول منتخب الأردن لأول مرة في تاريخه لنهائيات كأس العالم، من حديث عن حضور الصنعة المغربية ذات المهارة العالية، في كتابة هذه الملحمة التاريخية، التي بدأت مع الإطار التقني الوطني الحسين عموتة وهو يوصل منتخب النشامى إلى نهائي كأس أمم أسيا ويحظى لأول مرة في تاريخه بالوصافة، وتواصلت مع الإطار التقني الوطني جمال السلامي، وهو ينجح في تأهيل منتخب النشامى لأول مرة في تاريخهم لكأس العالم، وهو من كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هذا الإنجاز في نسخة مونديال قطر، لولا أنه سقط في مباراة السد أمام منتخب الأوروغواي.

الفخر بالإنتماء طبعا، وهو يعزز مكانة الإبداع المغربي العابر للقارات، والفخر بالوقوف دائما وأبدا، ومن دون قيد أو شرط خلف الإطار التقني الوطني، والفخر بأن ما ناديت به منذ سنوات، أن يمتطي المدربون المغاربة صهوة التحدي، وينتشروا في أرض الله الواسعة، لكتابة فصول أخرى من التاريخ.

وللأمانة، فإن هذا التأهل التاريخي للمونديال، وقد كان بتخطيط تقني مغربي خالص، وبأقدام لاعبين يشكلون جيلا ذهبيا للكرة الأردنية، يحسب للإتحاد الأردني لكرة القدم الذي أجاد كثيرا تدبير المرحلة التي أعقبت رحيلا بسبق إصرار وأعذار للحسين عموتة عن تدريب النشامى، عندما إهتدى للمدرب جمال السلامي ليكمل ما بدأه عموتة، فما كان ينبغي أن تفوت الكرة الأردنية على نفسها فرصة بلوغ المونديال، وقد نجحت بجيل التعمري ويزن وعلوان الوقوف على قمة الكرة الأسيوية.

نجح الإتحاد الأردني بعمق الرؤية ومهارة التدبير، في إيجاد "رجل المهمة"، هو من قال عند انتداب الحسين عموتة وبعده جمال السلامي، أن التجربة المغربية مُلهمة، وهي ما سيساعد منتخب النشامى على كتابة التاريخ، لأن جمال السلامي لا يمثل البديل المثالي للحسين عموتة، بل يتعداه إلا أنه المدرب الذي يمتلك كل المواصفات الذهنية من رجاحة وتدبر، ومن الملكات الفنية التي ترتقي بالأداء الجماعي، ومن الكاريزمية التي تستطيع أن تتغلب على كافة الإعاقات التي تصادف الناجحين في طريقهم نحو المجد.
رجاحة الفكر التي قلت عنها، تجسدت في أن جمال السلامي أمن بطريقة مبهرة الإستقرار الذي يستثمر في النجاحات وفي قوة وتلاحم المجموعة، وفي مهارة نقلها بسلاسة إلى التحدي الجديد، والصبر على تقلبات الأزمنة وعلى ما يأتي أحيانا من نقد عنيف من ذوي القربي، وهو يتحول إلى ظلم صريح، فقد أسمع بعض الإعلاميين الأردنيين المدرب جمال السلامي في فترات التوتر، من النقد المبرح ما يصيب بالإحباط، إلا أنه ما انهار ولا تأثر ولا خرج عن طوعه وحتى عن ثوابت نجاحه، فقاده كل ذلك إلى صناعة النجاح الذي يتباهى به اليوم المنتقدون أكثر من المناصرين.
هنيئا للإطار التقني الوطني جمال السلامي بما حقق وأنجز، وفيه تأكيد على خصوصية الإبداع المغربي، وعلى قدرة المدربين المغاربة صناعة النجاح خلف المحيطات، وعلى أن كرة القدم التي تقف في صدارة الكرة الإفريقية ما حققت هذه الريادة، إلا أنها تمثلت كل شروط العمل الإحترافي الذي يقود للنجاح.
سلَمَ عقلك يا جمال.