ما بين سلطان الأرقام الذي يؤتمر بأوامره، فلا يعلو عليه شيء آخر، وبين أحكام العقل الذي يحلل ويقرأ ويستبق، أوقعنا الفريق الوطني وهو يضع خاتمة لموسمه الدولي بالفوز بوديتي تونس وبينين، في حيرة.
هل نستمع لصدى الأرقام الذي ينتشر بين الناس، ليقول بأن هذا الفريق بدأ موسمه الدولي بالفوز على منتخب زامبيا برسم تصفيات كأس العالم وأنهاه بفوز ودي على سناجب البينين بمقصية هلامية لأيوب الكعبي، وفي ذلك حقق 12 فوزا متتاليا، يحجز لوليد الركراكي مكانا بين الأساطير في كتاب «غينيس»؟
أم ننصت لصوت العقل عندما يحلل ما أفرزته وديتا الأسود أمام تونس والبينين، وهو ينشر بيننا الكثير من دوائر القلق، فلا نأخذ لا بالتبريرات ولا بالإكراهات، لنقول أن هذا الفريق الوطني لا يشعرنا بالأمان؟
صعب جدا، أن نرمي وراء ظهورنا بكل الأرقام القوية التي حققها الفريق الوطني، ما بين يونيو 2024 ويونيو 2025، من متواليات الفوز في 12 مباراة، إلى عدد الأهداف المسجلة (41 هدفا) إلى عدد الأهداف المقبولة (6 أهداف فقط)، وانتهاء بالعدد المثير للكلينشيهات (8 كلين شيت)، لأنها بمعزل عن كل السياقات والملابسات وحتى طبيعة الخصوم، تظل أرقاما هلامية.
والأصعب من ذلك، أن يأخذنا التباهي بكل هذه الأرقام الإستثنائية، فلا نفتش في ثنايا المباريات، وبخاصة وديتي تونس والبينين، عما جعل الفريق الوطني لا يضع حبة الفراولة على كعكته الجميلة، أي لماذا لم يقرن النتيجة بالأداء، حتى لو كان الناخب وليد الركراكي يتهيب بل وينزعج من هذا الأداء الذي ما جنب الجماهير الأذى والخوف؟
ولأن الإعتراف سيد الأدلة، فوليد الذي يصفه البعض بالمكابر وأحيانا بالمتنطع، خرج علينا بعد مباراة البينين، ليقول أنه لم يكن راضيا على الأداء الجماعي، وقدم لذلك توصيفات ومبررات، برغم أنه كأي مدرب لا يعرض أيا من لاعبيه للمساءلة العلنية، وقد يكون أهون علينا جميعا، أن يكون هذا العطل التكتيكي والفني في أداء الفريق الوطني، بخاصة أمام البينين، بسبب أن الغيابات فرضت اللجوء لخيارات ثالثة، ما تسبب بشكل طبيعي في غياب الإنسجام الذي يحدد طبيعة النسق، بل ويرتقي به، وبسبب أننا في نهاية موسم، والأسود الذين حازوا درجات عالية في التنافسية هذا الموسم، وصلوا لودية البينين وهم مُفرغون بدنيا، ولو أنني لا أتحمس لهذا التبرير.
ومع يقيننا التام من أن فريقنا الوطني لن يكون خلال شهر شتنبر القادم، عندما سيلاقي النيجر وزامبيا عن تصفيات كأس العالم، بذات الرتابة والرعونة في الأداء، فإنه من غير المنطقي وقد دخلنا الخط المستقيم الذي سيوصلنا للإستحقاق الكروي الأكبر والأهم، أن نطرح، مجرد الطرح، أهلية وليد الركراكي في قيادة أسود الأطلس خلال كأس أمم إفريقيا التي تقف على بعد خمسة أشهر منا.
لا أصادر رأي أحد، لكنني لا أرى ما يمكن أن نبرر به وصف وليد في هذا التوقيت بالذات، بأنه ليس رجل المرحلة، إلا إذا كانت كل الأرقام التي تحققت هذا الموسم مجرد أوهام، لا نليق أبدا ببناء الأحلام.
إضافة تعليق جديد