المنتخب: بدر الدين الإدريسي
هل كان الفوز هو الشيء الوحيد الذي بحثنا عنه بساوطومي؟
لو كان الأمر كذلك، فلا بد وأن نكون سعداء لأن أسود الأطلس قبضوا على النقاط الثلاث وحققوا الفوز الثاني تواليا وضمنوا البقاء في صدارة مجموعتهم إلى أن يحين موعد المواجهة المفصلية أمام منتخب الرأس الأخضر لفض الشراكة ولتقرير مصير البطاقة الوحيدة المؤهلة لنهائيات نسخة 2017 لكأس إفريقيا للأمم.
هل كان مطلوبا من الفريق الوطني فوق الفوز الذي كان يبدو حتميا وبديهيا لما هو عليه منتخب ساوطومي من تواضع، أن يقنع بالعرض والأداء ويريح بالنجاعة الكاملة المغاربة المتوجسين من الضياع الذي كان عليه الأسود لفترة من الزمن؟
لو كان هذا هو المطلوب فعلا من مباراة ساوطومي، فيمكن أن نقف اليوم باكين ومتحسرين وحزينين، لأن الفريق الوطني لم يفعل شيئا آخر بساوطومي غير الفوز الذي يضمن النقاط الثلاث، فلا الأداء جاء بالقوة والتماسك والجمالية التي يحلم بها المغاربة، ولا المنظومة التكتيكية برزت في المباراة بكل تمثلاتها لكي نقول أن الفريق الوطني شرع فعلا في إبراز الهوية التي تطابق ممكناته البشرية.
لا يمكن أبدا أن نتخفى وراء الغيابات لنبرر حالة الإرتباك والتنافر التي كان عليها الأداء الجماعي، ولا يمكن في ذات الوقت أن نبرر الضبابية التي إكتنفت العرض المقدم هناك بساوطومي بالأرضية التي جرت عليها المباراة وهي بالتأكيد أرضية سيئة من جيل متقادم للعشب الإصطناعي، فما رسمته مباراة ليبيا من دوائر القلق ظل ماثلا أمامنا حتى مع تغير المنافس الذي لا يمكن البتة أن نقارنه لا بالمنتخب الليبي الذي فزنا عليه قيصريا ولا بمنتخب الرأس الأخضر الذي سيكون هو المنافس الأكثر شراسة لنا.
كان ممكنا أن نفهم الدخول المتعسر للفريق الوطني لمباراة كان يفترض أن يتسيدها من أولها إلى آخرها، فقد كانت هناك حاجة للتعرف أكثر إلى أرضية الملعب المكسوة بعشب إصطناعي من الجيل القديم والمهترئ، إلا أنه لم يكن مستصاغا أن يسمح الفريق الوطني لنظيره ساوطومي أن بتجرأ عليه إلى الحد الذي يجعله يوجه قذيفة لمرمى منير المحمدي يردها القائم وإلى الحد الذي يجرؤ على اعتماد الدفاع الخطي بكشف التسلل بطريقة بدائية من دون أن يعاقب على ذلك بما يلزم من صرامة، فقد نجح الفريق الوطني بعد مرور فترة جس النبض في إيجاد طرق سالكة نحو مرمى ساوطومي إلا أنه سيتفنن في إضاعة الفرص، إلى أن جاءت الأهداف الثلاثة في ثمان دقائق من الثلث الأخير من الشوط الأول.
وقد كان ممكنا أن نلحظ مدى التلكؤ الذي تدبرت به العناصر الوطنية مباراتها أمام ساوطومي، صحيح أنها حققت الفوز المطلوب إلا أنها لم تقرن ذلك للأسف بالأداء الذي يقنع، ولم ترفق ذلك بالإشارات التقنية الدالة على أن هناك تصحيحا لكثير من الإختلالات التي تلازم الفريق الوطني، فلا تجعله قادرا على حل ما يعترضه من إشكالات تكتيكية من نفس الطراز الذي شاهدناه أمام منتخب ليبيا وبعده أمام منتخب ساوطومي، فقد بدا واضحا أن الفريق الوطني يعجز عن فرض الإيقاع الذي يحجم المنافس ويظهره على طبيعته، وبدا واضحا أكثر أن هناك دائما صعوبة بالغة في التعامل مع الفرص السانحة للتسجيل، بدليل أن ما سجلناه من أهداف لا يعكس حقيقة المباراة ولا الفوارق الكبيرة الموجودة بين المنتخبين المغربي والساوطومي، وقد يكون اللغز الكبير في هذا التضارب على مستوى ألأداء هو وسط الميدان الذي لم يجد بعد هيئته المثالية، فلم تفلح كل التجارب والتوليفات التي فكر فيها الزاكي في تقديم وسط الميدان المغربي بالصورة القوية التي يمكن أن تؤسس لروح قوية للأداء الجماعي.
مجددا أقول أن الفريق الوطني أراحنا عندما فاز بالمباراة وبالنقاط الثلاث، ولكن ما لا يريحنا أن يبدي الفريق الوطني برغم توالي المباريات والمحكات كل هذه الصعوبة في إبراز شاكلة تكتيكية متوازنة ومندمجة ومتطابقة مع الإمكانات الفردية، وهذا هو ما يجب المراهنة عليه في وديتي شهر أكتوبر أمام منتخبي الكوت ديفوار وغينيا، للبروز يوم يحين موعد المواجهات المفصلية أمام كل من غينيا الإستوائية في تصفيات كأس العالم والرأس الأخضر برسم تصفيات كأس إفريقيا للأمم بصورة المنتخب المتكامل والمنسجم والمعبر عن ممكناته الفردية التقنية والتكتيكية بأفضل صورة ممكنة.