لأنه الكلاسيكو الأمتع والأكثر إغراء بالمشاهدة في قارات العالم الخمس لحجم الفرجة والإثارة الذي يكشف عنه كل مرة،  ولكم الصور الجميلة التي يودعها في الذاكرة وأيضا لما يتداعى من أحكام قيمة حتى إن فاضلت بين الغريمين الريال والبارسا فإنها تجمع على كونيتهما، فإننا كما الآخرين نتلهف إلى ما ستكون عليه طبعة هذا الأحد بمعقل السحر المدريدي سانتياجو برنابو.

يبدو الكلاسيكو هذه المرة جذابا، نقاطه غالية جدا ونتيجته قد تكون حاسمة في تقرير مصير لقب الليجا الذي إبتهج الكل بدخول أتلتيكو مدريد على خط التنافس عليه، ليزول ما علق بالمشهد الكروي الإسباني من إحتكار مدريدي وبرشلوني قلنا جميعا أنه يعدم الإثارة ويقتل الحماس بل ويضعف الجاذبية، ففوز الملوك يمنحهم أجنحة سحرية للتحليق نحو التاج ويعدم بشكل شبه كلي آمال البلاوغرانا في الإحتفاظ باللقب، أما تعادل الغريمين فإنه سيبقى فارق النقاط الأربع قائما ولكنه سيفيد بلا شك أتلتيكو مدريد فيما لو فاز على ريال بيتيس، لأن فارق النقط عن الريال سيتقلص عندها إلى نقطة واحدة، أما فوز برشلونة فإنه سيعيد كل شيء إلى نقطة الصفر ليضعنا أمام ثلث أخير وحارق لم يسبق أن عشنا قرينا له منذ مواسم.

وهو كلاسيكو يأتي في سياقات زمنية مطبوعة بكثير من الأسئلة، سؤال تحلل ريال مدريد من تأثير فلسفة  الداهية جوزيه مورينيو بأبعادها التكتيكية والنفسية، وسؤال درجة التشبع بفكر الإيطالي كارلو أنشيلوتي المؤسس على الواقعي، وسؤال الوجع الذي إستشعرته برشلونة هذا الموسم مع تاتا مارتينو والذي كان من تداعياته أن برشلونة تثاءب في كثير  من مبارياته فترك نقاطا غالية تنفلت منه، وسؤال التيكي تاكا .. هل تعيش كمنظومة تكتيكية الموت السريري؟

غريب أمر كرة القدم فما أكثر ما يباعد بين ذهاب الكلاسيكو بالكامب نو والذي أعطى الفوز لبرشلونة وبين إياب الكلاسيكو اليوم، فقبل أشهر كان ريال مدريد واقعا تحت تأثير النحث التكتيكي الذي كان يباشره أنشيلوتي على أسلوب لعب الريال إلى أن أخرجه بالصورة الجميلة التي يوجد عليها، فيما كان برشلونة متمتعا بقدر كبير من الجرأة في حماية منظومته التي أراد تاتا مارتينو أن يكيفها مع فكره، وقطعا مع ما يوجد من متغيرات ذات طبيعة فنية فإن الكلاسيكو موعود مع حوار بأبعاد ثلاثية، حوار التاريخ وحوار الأساطير والأفلاك وحوار المنظومات التكتيكية بين مدربين بفلسفتين مختلفتين.

في النهاية هو كلاسيكو بعطر خاص، نعشقه مهما سحبنا إلى الجنون.

بدرالدين الإدريسي