كيف السبيل لتجاوز عقم التهديف والتخلص من كآبة الخريف؟

أحمد منير ـ عدسة : بادو

على نحو غير متوقع وقع الدفاع الحسني الجديدي على بداية سيئة في البطولة الوطنية الاحترافية لاتصالات المغرب لهذا الموسم التي حصل فيها حتى الآن على نقطتين من أصل 12 نقطة ممكنة جمعهما في أربع مباريات من تعادلين سلبيتين حققهما أمام كل من النادي القنيطري خارج الديار وأولمبيك آسفي بملعب العبدي، وكان من الطبيعي جدا أن تخلف هاته الحصيلة الرقمية الهزيلة لفارس دكالة ردود فعل قوية بين جماهيره وأنصاره الذين بدوا مستائين جدا من هاته النتائج المتواضعة لفريقهم الذي أخفق حتى الآن في طرد الأرواح الشريرة والقبض على الفوز الهارب ، مما وضع مكونات النادي تحت ضغط نفسي رهيب، خاصة وأن حالة الإستعصاء طال أمدها وبدأ الشك يتسلل تدريجيا إلى أذهان اللاعبين على رقعة الميدان، ووحده المدرب جمال سلامي الذي لم يعر أي اهتمام لهاته البداية غير الموفقة ويعد الجمهور بتجاوز أزمة النتائج والعودة إلى سكة النتائج الإيجابية، ما دام أنه واثق من إمكانيات لاعبيه الشبان.
رهان التشبيب بأي ثمن؟
عندما فكر الدكاليون في تبني سياسة التشبيب رغبة منهم في إعادة بناء الفريق على أسس متينة، لم يضعوا في الحسبان الإكراهات العديدة التي قد تواجه الدفاع داخل البطولة الوطنية جراء هاته الخطوة الجريئة، خاصة البشرية منها، إذ كان لزاما عليهم البحث عن قطع غيار جديدة لتعويض عدد من العناصر الأساسية التي غادرت القلعة الجديدية في اتجاه فرق وطنية، ولأن مالية الدفاع تشكو من عجز كبير، فقد حرص المكتب المسير على اعتماد سياسة التقشف من خلال تعاقده مع لاعبين شبان من القسمين الثاني والهواة بتوصية من المدرب جمال سلامي، كلفوا خزينة الفريق حوالي 232 مليون سنتيم، وهي مغامرة غير محسوبة النتائج تلك التي أقدم عليها صناع القرار، وخاصة الطاقم التقني الذي يبدو أنه استهان بعض الشيء بالمستوى العام للبطولة الاحترافية، ولم يراع عنصر التجربة في عملية الانتدابات الصيفية، للحفاظ على توازن الفريق أولا وإنجاح مشروعه الاحترافي ثانيا، إذ أن أزيد من 90 بالمائة من المنتدبين يفتقدون إلى الجاهزية والخبرة الكافية، ويلزمهم وقت طويل للاستئناس بأجواء الكبار داخل مسابقة لا مكان فيها للضعفاء، وهو معطى شكل أحد العوامل الأساسية التي جعلت عجلة الدفاع الحسني الجديدي تتأخر في الدوران، ومن ثمة استعصى على النادي كذلك إيجاد إيقاعه الصحيح حتى الآن في البطولة. 
غير أن المدرب سلامي المعروف بشخصيته الكاريزماتية الذي لم يتأثر بضغط النتائج ، ولا يكترث لانتقادات الأنصار، بدا غير متخوف حول مستقبل فريقه، ما دام أنه مقتنع بالعمل الذي يقوم به رفقة أعضاء طاقمه التقني، مبديا تفاؤله الحذر بإمكانية خروج الدفاع من الوضعية المتأزمة، ويحتاج لاعبوه إلى انتصار واحد للتخلص من الضغط الرهيب والدخول في أجواء البطولة.
إصابة حدراف بعثرت أوراق سلامي 
في الليلة الظلماء يفتقد البدر هذا الشطر من بيت شعري شهير ينطبق تماما على الدفاع الجديدي الذي تلقى ضربة موجعة من بداية الموسم، بعدما تعرض نجمه وهدافه الدولي زكرياء حدراف لكسر على مستوى أحد أصابع قدمه اليمنى في مباراة الجولة الأولى أمام النادي القنيطري التي شارك فيها لبضع دقائق ليستسلم لقدره الحزين، ومن ثمة حرم فارس دكالة من خدمات أبرز لاعبيه في المباريات السابقة، حيث ترك غيابه فراغا كبيرا في هجوم الدفاع الذي بدا مشلولا، بدليل أنه لم يوقع في الأربع مباريات الأخيرة التي خاضها في البطولة حتى الآن سوى هدف يتيم حمل بصمة الأسمراني أيوب نناح في مرمى الوداد البيضاوي، علما أنه انتدب في الصيف الماضي هدافا سينغاليا يدعى ممادو نيانغ الذي ما زال هو الآخر صائما عن التهديف، وفي ظل الغياب الاضطراري للزئبق الدكالي الذي ينتظر المدرب سلامي عودته إلى الميادين بلهفة حارقة أقرب إلى العشق، وعدم جاهزية الوافد الجديد جواد العماري، تخلى مروض الفرسان عن دور صانع الألعاب الذي كان يشغله لسنوات سفيان كادوم المنتقل إلى الرجاء، واضطر إلى تغيير المنظومة التكتيكية لفريقه عدة مرات وتكييفها مع معطيات المباراة حسب الامكانيات البشرية المتوفرة لديه حاليا، وهو ما يفسر المعناناة الحقيقية للدفاع الذي يمر من مرحلة انتقالية دقيقة وحاسمة. 
أداء غير مستقر للاعبين
من أهم العوامل التي ساهمت كذلك في هاته البداية المتعثرة لفارس دكالة، المستوى غير المستقر لبعض اللاعبين الذين كانوا إلى عهد قريب أساسيين في الفريق، وتراجع أداء آخرين لأسباب مختلفة، مما حير المدرب سلامي الذي كان يعقد على كثير منهم آمالا كبيرة لتأطير العناصر الشابة وإنجاح مشروعه الاحترافي الذي على ضوئه قبل العودة إلى الجديدة وركوب قطار التحدي من جديد، ووعيا منه بهذا المشكل الذي يؤرق باله، استغل الربان الدكالي فترة توقف البطولة مؤخرا لأسبوعين وبرمج ثلاث لقاءات إعدادية أمام كل من الراسينغ البيضاوي، الوداد البيضاوي وأولمبيك خريبكة بحثا عن مزيد من الإنسجام المطلوب داخل المجموعة، وكذلك للرفع من درجة الجاهزية لدى بعض اللاعبين الذين يشكون من ضعف في التنافسية وليس لديهم رصيد كاف من المباريات لمجاراة إيقاع الفرق المنافسة، في أفق إدماجهم في التشكيلة الأساسية للدفاع الجديدي في قادم الدورات، لسد بضع النقائص التي برزت مؤخرا على مستوى الرواقين الأيمن والأيسر، حيث لا يقدم الأظهرة الإمدادات الضرورية والمساندة الهجومية للخط الأمامي ومن ثمة فرض تفوق عددي ونوعي في جبهة الهجوم ، ومن المنتظر أن يعيد سلامي أنور جيد إلى الكثيبة الدكالية بعد المستوى الطيب الذي قدمه في المحكات التجريبية الأخيرة إلى جانب شعيب المفتول الذي برز هو الآخر بشكل لافت للنظر في ودية (الراسينغ) . 
الجمهور الدكالي أمام محك حقيقي
لم يستسغ الجمهور الدكالي الانطلاقة المتعثرة لفريقه وبدا مندهشا ومنزعجا في الآن ذاته للنتائج غير السارة التي حققها أصدقاء العميد حدراف مع بداية هذا الموسم ، بل ذهب قلة قليلة من المتشائمين في «تغريداتهم» خارج السرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى تصنيف الدفاع ضمن الفرق المهددة بالنزول إلى القسم الموالي ، مع أن البطولة ما زالت في بدايتها، ولا تعدو أن تكون هاته التوقعات مجرد ردة فعل متسرعة تفتقد للحكمة الرزانة ، وعوض أن تنخرط مختلف الفصائل التي تدعي دعمها وحبها للدفاع في مساندة هذا الأخير ومساعدته على الخروج من دوامة النتائج السلبية الذي هو من صميم دور الجماهير الوفية والحقيقية للنادي، انشغلت بأمور تافهة ودخلت في صراع هامشي مع المكتب المسير في ما يشبه رهان القوة المتبادل بين الطرفين ، تاركة فريقها المحلي يصارع لوحده الأمواج العاتية والمدرجات شبه خالية إلا ما ندر ، مما خلف إحباطا نفسيا خاصة لدى اللاعبين والطاقم التقني الذي يوجدون تحت ضغط نفسي رهيب.
 من حق جماهير الجديدة أن تنتفض وتعبر عن مواقفها تجاه السياسة المتبعة من قبل إدارة النادي ، لكن عليها بالمقابل أن تسجل حضورها القوي والمؤثر في ملعب العبدي وخارجه، وتوحد صفوفها تماما كما يفعل مناصرو فرق وطنية عديدة في عز الأزمات ، لأن الدفاع اليوم في وضع لا يحسد عليه ويحتاج لاعبيه الشباب إلى دعم معنوي ونفسي في هاته المرحلة العصيبة التي يمر منها الفريق الذي يخضع لإعادة التكوين والتأهيل بعدما غير ثوبه وجلده بنسبة مئوية كبيرة هذا الموسم ، لذلك فكل مكوناته مدعوة إلى لعب دورها الأساسي وفي مقدمتها الجماهير الدفاعية من أجل تمكين فارس دكالة من العودة إلى سكة النتائج الإيجابية، ومن ثمة المساهمة في إنجاح المشروع الطموح الذي تبناه المسؤولون والرامي إلى تكوين فريق قوي وتنافسي في المستقبل، وتأجيل المحاسبة إلى نهاية الموسم، خدمة لمصلحة النادي وحفاظا على استقراره.