من يشبهك يا وداد؟
مسار كله إبهار وفائض بأكثر من مليار
عام من الصدارة ومدرب تصريحاته ساخرة بالإثارة

المنتخب: منعم بلمقدم

كان على المتتبعين انتظار مرور ما يقارب 900 دقيقة من اللعب والتباري لنشاهد أول سقوط لبطل الموسم المنصرم والمتصدر الحالي، والفاعل لم يكن سوى المطارد المباشر الفتح الرباطي.
خسارة الوداد لم تفسد لود صدارته قضية ولم يكن لها أدنى تأثير على ريادته ولا حتى احتفاظه بنفس الحظوظ ليتوج بطلا مرة أخرى.
ولأن الأبطال عادة ما يرسمون، يخططون ويهيئون قالب التتويج على نار هادئة، فإن الأرقام المالية للوداد تكشف عن توابل وبهارات لا بد وأن تقود للوداد لمنصة البوديوم من جديد..
فارس هذا الزمان
بلقب للبطولة وسيطرة عل مجريات الأحداث هذا الموسم لما قبل الثلث بدورة واحدة، يكون الوداد البيضاوي قد كشف النوايا وأعلن عن نفسه بقوة ليكون فارس هذا الموسم بامتياز، كيف لا وهو المتصدر بفارق مريح (نقطتان عن أقرب مطارد) وأرقامه تدل على أنه مصمم على البصم على موسم آخر لا يختلف عن الذي سبق.
الوداد المستقر تقنيا والمدعوم جماهيريا والمرتاح ماليا، في طريق سالك ومسار صحيح ويبدو أن حتى منافسيه الكبار والتقليديون أبعد ما يكونون عن إقلاق راحته.
مسار الفريق الذي تتحدث الأرقام عن توازنه بين اللعب داخل قواعده وخارجها (حقق نفس الرصيد من النقاط) قبل الخسارة من الفتح مؤخرا، هو واحد من علامات التفوق وواحد من مؤشرات المنافسة الجادة على لقب هذا الموسم، سيما في ظل احتفاظه بنفس المدرب الذي أدمن الألقاب والبطولات على امتداد مساره الإحترافي.
ولئن كانت أندية كبيرة ممن ظلت تنافس وتؤكد حضورها ضمن فرق الطليعة على إمتداد تاريخ البطولة، تغرق في وحل مشاكل بلا نهاية فإن الهدوء الذي يعم بيت الوداد هو امتياز للحمراء قد يكون عاملا فارقا هذا الموسم.
ثلث هلامي للبطل
بلغة الأرقام ولغاية الدورة الثامنة وببلوغ النقطة 20 وتحصيل 6 انتصارات و تعادلين منها ( 3 انتصارات داخل الميدان ومثلها خارج الديار) وتعادل بالأرض وآخر بعيدا عن مركب محمد الخامس، قبل خسارة مباراة الفتح الرباطي والتي لم يكن لها أدنى تأثير على صدارة الوداد، يكون الفارس الأحمر الأكثر إستحقاقا والأكثر تجسيدا لصورة الفريق البطل لو يكمل بنفس النسق والوتيرة.
بلغة الأرقام أيضا كأقوى خط هجوم وصاحب أقوى خط دفاع وبتركيبة ثرية وغنية بالأسماء التي تساعد على كثرة الخيارات والتغييرات وتتيح أمام المدرب طوشاك إمكانية اللعب بأوراق مختلفة في المباريات القفل والمباريات المفاتيح، يمكن اعتبار الوداد عنوان الثلث وبامتياز وهو الذي ظل لغاية الدورة الثامنة عصيا على منافسيه ولا أحد تجرأ على هزمه أو النيل منه.
وتفوق الوداد الموسم الحالي ودون إثارة الضجيج من حوله على وداد النسخة السابقة التي توجت بطلة وتفوقه هذا دليل على أنه عازم على الإحتفاظ بدرعه مهما كلفه ذلك من جهد.
على بساط طيران الخليج
ولأنه راهن على الإستقرار المالي لفريقه، وراهن أكثر على مضاعفة إيراداته المالية وجعلها منطلقا لتأسيس كل الأحلام ومنطلقا لتأكيد قوة الفريق وتميزه عن البقية، وهو ما أعلنه الجمع العام الأخير بتسجيل فائض مالي غير مسبوق بتاريخ فرق البطولة، قائض فاق مليار ونصف المليار من السنتيمات.
وإذا ما نحن استحضرنا أن الموسم المنقضي الذي توج الوداد البيضاوي بطلا كان موسم الإنفاق والـمصاريف الباهظة وموسم قدم خلاله الناصيري الكثير ومن ماله الخاص وهو أيضا ما كشف عنه التقرير المالي للجمع العام، فقد كان لزاما على رئيس وعراب الوداد التنقل صوب الإمارات العربية المتحدة لتفعيل ما كان وعدا وتفعيل حلم احتضان خليجي كبير بمقاسات مالية مهمة للفريق البطل.
وشكل سفر الناصيري لأبو ظبي منتصف الأسبوع المنصرم وكشف موقع الوداد الرسمي عن أسباب السفر ببحث رئيس الوداد عن غطاء مالي كبير يدعم جهود ورهانات القلعة الحمراء في المنافسة على أكثر من جبهة وأكثرها تطلبا هي جبهة عصبة الأبطال الإفريقية.
كما يدرك رئيس الوداد أن أكثر ما جنى على أحلام وتحديات فرق هو الأزمات المالية التي أعقبت مواسم التتويج وله فيما حدث مع الرجاء النموذج والعبرة.
طوشاك العجيب ما أروعك
لئن كان هناك من فاكهة بين مدربي البطولة الإحترافية بالموسمين الأخيرين فهو الويلزي جون طوشاك، مدرب داهية بمقاسات خرافية شكل ملح البطولة وقيمتها المضافة.
ما أنجزه المدرب طوشاك على مستوى الأرقام وعلى مستوى المحصلة يجعله المدرب الأكثر إستحقاقا لوشاح التقدير والأكثر إثارة للعناوين كل مرة في سياقها الإيجابي من خلال ما يبديه من ردود أفعال ومن خلال تصريحاته المثيرة والساخرة السخرية السوداء واللاذعة أحيانا.
براتب خرافي يجعله المدرب الأغلى عبر تاريخ البطولة على الإطلاق وبالصلاحيات المخولة له بعد موسم التتويج، لا يوجد اليوم بين المدربين بالبطولة من هو أكثر أريحية وأكثر صفاء على مستوى الطهن من هذا الويلزي الذي يشق طريقه بثبات هذا الموسم لإحتفاظ بلقبه واحتفاظه هذا يعني أن الوداد سينال زعامة الأندية المغربية باستحقاق كبير.
وبغض النظر عن المؤاخذات المسجلة على طوشاك تقنيا وجنوحه لكثرة التغييرات ولا حتى الحذر الدفاعي المبالغ فيه في بعض المرات وهو يلعب داخل قواعده، إلا أنه على الرغم من كل هذا يبقى العلامة المميزة والشفرة السرية وكلمة السر فيما تحقق وما يمكن أن يتحقق للفرسان الجمر من إنجازات، لأن استمرار هذا الربان لموسمه الثاني تواليا وتعرفه أكثر على أسرار البطولة يمكنه من امتياز صريح على باقي المنافسين إلا أن يثبت العكس..