المحليون والمغتربون في الهم سواء

فكروش وردة منسية وأمسيف وبونو غابت عنهما الإستمرارية

مع إقتراب موعد نهائيات كأس إفريقيا للأمم التي يحتضنها المغرب، وفي ظل إستمرار غياب ناخب وطني قار، تعيش الكرة المغربية أزمة كبيرة على مستوى حراسة المرمى، إذ لا أحد يجزم في الأسماء التي ستوكل لها مهمة الدفاع عن القميص الوطني في النهائيات.

ما بين الممارسين في البطولة الوطنية والمغتربين، لا تظهر في الأفق أسماء قادرة على الدفاع عن القميص الوطني، ما يعني أن علامات الإستفهام ستستمر، ومعها سيستمر وجع الرأس في مركز جد حساس عانينا منه سابقا، وسندخل رهان الكان القادم ونحن نجهل هوية من سيتحمل مسؤولية حراسة العرين.

الحراسة ومطارق الرأس

يشكل مركز حراسة المرمى  صداعا كبيرا داخل المنتخب الوطني المغربي، نحن المقبلون على إستضافة نهائيات كأس إفريقيا للأمم على بعد 10 أشهر من إنطلاقها، إذ تبدو الساحة خالية من أي إسم تمكن من فرض نفسه ليقف بين الخشبات الثلاث، ما يجعل علامات الإستفهام تكبر بخصوص العناصر التي سيتم الإعتماد عليها في المرحلة المقبلة.

المردود الذي قدمه حراس البطولة الوطنية وفي ظل إستمرار الشح التهديفي للمهاجمين، لا يبشر بالخير والأداء الذي بصم عليه كل من نال فرصته مع الفريق الوطني من المحليين لا يبرق بأي أمل بخصوص إمكانية الإعتماد على واحد من الذين ينشطون بالمغرب، ناهيك عن باقي رفاق الدرب من الممارسين في أوروبا الذين لايعرفون طعم ومذاق الرسمية داخل أنديتهم في غياب كبير للتنافسية والجاهزية التي ستكون المعيار الأول الذي سيحتكم إليه الناخب الوطني القادم.

                                                                     وغابت الإستمرارية  

بإلقاء نظرة وتمحيص للمستوى الذي يظهر به حراس البطولة الوطنية، يتضح جليا أنه لا أحد يتوفر على مستوى الفريق الوطني في المرحلة الحالية، بغض النظر عن أولئك الذين أتيحت لهم فرص اللعب مع المنتخب سواء المحلي أو الكبار.

الإستمرارية في العطاء غابت عن كل الحراس، فبمجرد أن يبرز واحد من الأسماء داخل فريقه حتى تنطفئ شمعته، كما كان عليه الحال مع أنس الزنيتي الذي غاب عنه التوهج مع الجيش الملكي بعدما تألق رفقة المغرب الفاسي، وكذا خالد العسكري الذي حضر بقوة في كأس العالم للأندية مع الرجاء ولكن مستواه عاد ليتقهقر بعدها، ناهيك عن محمد اليوسفي حارس المغرب التطواني والذي لا إجماع عليه لإفتقاده للتجربة.

ثالوث سبق له أخذ فرصته مع الفريق الوطني، بإستثناء زهير لعروبي حارس الدفاع الحسني الجديدي الذي لم ينل شرف الحضور مع المنتخب ولا يمكن الحكم على مدى إنسجامه من عدمه بإعتبار أن ما قدمه لحد الآن مع فرسان دكالة مستوى لا بأس به.

أمسيف وبونو.. طريق الشك

بفقدان محمد أمسيف للرسمية داخل فريقه أوغسبورغ الألماني، وكذلك الشأن لياسين بونو الذي لم يفرض نفسه في أتلتيكو مدريد، يتواصل الشك بخصوص الحراس المغاربة الذين يمارسون في أوروبا.

أمسيف وبونو وبغيابهما عن صفوف فريقيهما يكونان بذلك من أوراق التوت التي تساقطت في بلاد المهجر ولم تقدم أي بارقة أمل بخصوص مستقبلها رفقة الفريق الوطني المغربي، الذي بات في مأزق حقيقي بإعتبار أن الفرص ظلت في السنوات الأخيرة تمنح فقط للحارس نادر لمياغري الذي أثبت فشله وبرغم ذلك إستمر في حراسة عرين الفريق الوطني، لغاية كأس إفريقيا للمحليين الأخيرة بجنوب إفريقيا والتي ظهر فيها قصوره وعدم قدرته على الإستمرار مع المنتخب المغربي.

طريق الشك والأشواك تواصل في صفوف الفريق الوطني المغربي الذي لا يبشر مستقل حراسة عرينه بالخير، في ظل معاناة أمسيف وكذا بونو من برودة كرسي الإحتياط الذي يعتبر أكبر عدو للحراس الذين يفقدون جراء ذلك لطراوتهم وجاهزيتهم.

فكروش وردة منسية

رفقة ليماصول القبرصي هناك حارس منسي ويتعلق الأمر بكريم فكروش الذي ينافس رفقة فريقه لضمان الحضور في عصبة الأبطال الأوروبية، حارس بتنافسية عالية لم يسبق له أن نال فرصته رفقة الفريق الوطني المغربي في مباراة رسمية، حتى وهو يبصم على مستوى مميز رفقة باس جيانينا اليوناني.

فكروش الذي سبق له تأكيد ذاته في المغرب رفقة المغرب الفاسي والوداد البيضاوي، نال العديد من الإشادات في قبرص واليونان وقبل ذلك في اليونان، لكن الغبن ظل سيد الموقف وفكروش لم يحظ ولو بنصف فرصة داخل الفريق الوطني، بالرغم من الأداء الذي بصم عليه رفقة الأندية التي لعب لها.

سؤال محير ومقلق يضرب ذهنية الفتى الفاسي الذي بلغ سن النضج، ويراهن على الحضور في كأس إفريقيا للأمم 1015 بالمغرب، ليقدم رسائله للجمهور المغربي الذي سئم الإخفاقات وينتظر إنبعاث حامي عرين جديد يذكرنا بالأمجاد الضائعة للفريق الوطني في مركز حراسة المرمى.

من سيروض حامي العرين؟

بغض النظر عن الأسماء التي ستوكل لها مهمة حراسة الفريق الوطني في الفترة المقبلة، ومن خلال حديث «المنتخب» مع مجموعة من ذوي الإختصاص في الميدان فإنهم أكدوا بأن المدرب الذي سيشتغل مع الحراس المرشحين لحماية عرين الفريق الوطني هو الذي سيتحمل كامل الثقل وهو المطالب باللعب على كل ما هو نفسي للرفع من معنويات الإسم الذي سيتم الإعتماد عليه مع خلق أجواء التواصل مع الحارس الثاني وكذا الثالث على التوالي.

وبرغم غياب بعض الحراس عن التنافسية وضعف مستوى الآخر، فإن مجموعة من الأطر التقنية التي تحدثنا لها أعربوا عن قدرة الحراس في صنع الحدث في المرحلة المقبلة، بخاصة وأن المغرب سيستضيف نهائيات كأس إفريقيا للأمم، وكل حارس سيقدم أفضل ما يتوفر عليه من أجل الإقناع، وهنا أوضح كل المتدخلين أن العامل النفسي سيكون له دور كبير في تأطير كافة الحراس  الذين سينالون الثقة أيضا من خط الدفاع المطالب بمساعدتهم من أجل عدم إرتكاب العديد من الأخطاء.

 

يدلون برأيهم

عبد الحق الكتامي: أرشح بونو، الزنيتي وأمسيف

أوضح عبد الحق لكتامي مدرب حراس المرمى الذي تخرج على يده العديد من الحراس في البطولة الوطنية، بأنه يرشح ياسين بونو وكذا أنس الزنيتي ومحمد أمسيف لحراسة مرمى المنتخب الوطني في المرحلة المقبلة، مشيرا بأن الثلاثي المذكور وبرغم عدم الإستقرار على مستوى الأداء إلا أنه الأنسب لحماية عرين الفريق الوطني في القادم من الأيام.

لكتامي قال لـ «المنتخب» بأن مسؤولي أتلتيكو مدريد الإسباني ليسوا بحمقى ليراهنوا على الحارس بونو، مشيرا بأن لاعب الوداد سابقا يتوفر على إمكانيات في المستوى وله من القدرة ما يؤهله لتحمل المسؤولية داخل الفريق الوطني: «إدارة أتلتيكو مدريد لا تشتغل وفق نمط الهواية، ومسؤولو الفريق الإسباني يرون في هذا الحارس الشاب مستقبل الفريق، صحيح أنه لا يلعب كأساسي لكنه قادر على تقديم الإضافة للفريق الوطني»، وأضاف: «يجب منح بونو كامل الثقة، لم أتشرف بتدريبه لكن أرى بأنه قادر على التألق مع الفريق الوطني».

ولم يترك الكتامي الفرصة دون الحديث عن الزنيتي واعتبره بالحارس الذي يكبر في المناسبات الكبيرة، مبرزا قوة حامي عرين الجيش في إستفادته من المباريات الإفريقية الكثيرة التي لعبها والتي تجعله قادرا على  كسب أصعب الرهانات: «أظن أن الزنيتي له من الإمكانية ما يؤهله لحمل القميص الوطني ويجب وضع الثقة فيه فقط ومساعدته ليكون في المستوى».

وبخصوص أمسيف قال لكتامي بأنه لا ينبغي بخس حقه فهو حارس واعد له من الإمكانيات ما يجعله قادرا على تحمل المسؤولية بطبيعة التكوين الذي تلقاه في ألمانيا، مضيفا بأن حامي عرين أوغسبورغ وبرغم عدم لعبه كرسمي فإنه سيظل حارسا في المستوى.

 

خالد فوهامي: لا أرى بديلا لبونو وأمسيف

شدد خالد فوهامي الحارس الدولي السابق والإطار الوطني الحالي بأنه لا يرى بديلا للحارس ياسين بونو وزميله محمد أمسيف، مشيرا بأن الأول هو القادر على تحمل المسؤولية لحماية مرمى المنتخب الوطني المغربي، وفي هذا السياق قال لـ «المنتخب»: «أظن أن بونو حارس متكامل وببنية جسمانية مميزة تساعده كثيرا على فرض شخصيته في المباريات، لم يكن محظوظا في آخر مباراة مع المنتخب بعدما تعرض للإصابة في التداريب، وإن منحت له الفرصة في مناسبة أخرى سيثبت أنه الأجدر».

وأضاف فوهامي حديثه عن بونو بالتأكيد بأنه من الصعب على بونو نيل الرسمية حاليا في أتلتيكو مدريد نظرا لتواجد حارس من قيمة كورتوا، غير أنه أوضح بأنه سيستفيد من الحارس الأول للنادي الإسباني وتجربته وهو ما سينعكس بالإيجاب على أدائه مع الفريق الوطني.

إلى ذلك تحدث فوهامي عن أمسيف وقال بأنه وبرغم إفتقاده للتنافسية إلا أنه يظل قادرا على حراسة مرمى المنتخب، موضحا بأن لاعب أوغسبورغ الألماني وبالإضافة إلى صغر سنه قادر على تطوير إمكانياته وله من المؤهلات ما يجعله قادرا على الإنخراط  في أجواء المنتخب والتي سبق له أن إكتشفها: «أظن أن أمسيف وببنيته الجسمانية القوية وتكوينه من المستوى العالي في بطولة من حجم البطولة الألماينة لا ينبغي تركه يضيع، وعبر «المنتخب» أرشحه ليكون إلى جانب بونو في الفريق الوطني ولا أرى ثالث لهما».

 

مصطفى الشادلي: الزنيتي، بونو وأمسيف هم الأصلح

قال مصطفى الشادلي مدرب حراس مرمى الرجاء البيضاوي بأنه يرى في أنس الزيتي حارس الجيش الملكي، وياسين بونو ومحمد أمسيف الأقدر والأجدر بحراسة مرمى المنتخب الوطني المغربي في المرحلة المقبلة، مشيرا بأن الأول إكتسب تجربة مميزة سواء رفقة فريقه السابق المغرب الفاسي أو مع الجيش الملكي، مضيفا بأن أنس قادر على إسترجاع كافة مؤهلاته في الأيام المقبلة بعد الإصابة التي كان قد تعرض لها في فترة سابقة.

ونوه الشادلي أيضا بالحارس بونو وقال بأنه يتوفر على حضور قوي وبإمكانه  تقديم مستوى جيد في الوقت الذي إستفاد من تدرجه من مختلف فئات الفريق الوطني،وأضاف الشادلي بأن الأهم بغض النظر عن الحارس هو مساعدته نفسيا من أجل إبراز مؤهلاته مع الفريق الوطني.

وتابع الشادلي حديثه مانحا الصف الثالث لأمسيف الذي وصفه بالحارس القادر على التألق إن وجد الاجواء مناسبة،مشيرا بأن المستوى الذي قدمه رفقة الفريق الوطني بالكوت ديفوار أكد من خلاله بالملموس أنه قادر على تطوير إمكانيات بشكل سريع.

 

السؤال المحير

 هل نعيش فعلا أزمة حراس؟

هو سؤال جوهري يحيلنا على ضرورة فتح نقاش عميق وهادف للوصول إلى حلول ناجعة قبل ضربة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم التي تحتضنها بلادنا على بعد أقل من 10 أشهر على إنطلاقها؟

ورش الفريق الوطني الذي كلف جامعة الكرة المنتهية ولايتها الملايين دون نجاح يذكر، كرس أزمة الكرة الوطنية بشكل عام، والحديث عن أزمة داخل الفريق الوطني أو بالأحرى في مركز حراسة المرمى ما هو إلا تحصيل حاصل لمنظومة كروية غير مبنية على أسس متينة في ظل غياب إدارة تقنية وطنية وأطر من المستوى العالي لتقييم الوضع الحالي الذي نعيشه ونحن مقبلون على تنظيم «كان» لن يكون امامنا هامش من الخطأ ونحن ندخله برهان تحقيق نتائج إيجابية.

المنتوج المحلي الضعيف والمستوى المتذبذب لحراس المهجر، يضعنا أمام أسئلة محيرة ومقلقة بخصوص الأسماء التي يمكن الإعتماد عليها، وبغض النظر عن اللاعبين الذين يؤثتون فضاء المستطيل الأخضر يظل الحارس هو الرقم الصعب في أي معادلة لمباراة كرة قدم، فكم من حارس هو من قاد فريقه أو منتخب بلاده لتحقيق النجاحات إنطلاقا من الثقة الي يمنحها لزملائه والعكس صحيح.

واليوم والفريق الوطني المغربي مقبل على التحضير لحدث كروي كبير، نوسع قاعدة الإختيار لنضع تحت المجهر مجموعة من الحراس الذين نسعى لإختيار أفضلهم من أجل الدفاع عن القميص  الوطني، للأسف لايوجد واحد متميز يبرق مثل الألماس لفرض شخصه ويلقى الإجماع، فبإلقاء نظرة على حراس البطولة الوطنية نجد بأن عدم الإستقرار هو السمة البارزة لأدائهم وكذلك الشأن بالنسبة للمارسين في أوروبا بحكم المستوى العالي الذين يحتكون به يوميا.

الأندية الوطنية فشلت بدورها في تقديم حراس أكفاء للفريق الوطني، وجامعة الكرة وبعدما سبق لها أن وأدت مشروعا تقدم به الإطار الوطني عبد اللطيف لعلو لتكوين حراس من المستوى العالي، تحترق حاليا بجمرة الإبتعاد عن التكوين، لتستمر الهواية في نهش الكرة الوطنية حتى إشعار آخر.

إنجاز: أمين المجدوبي