عاد المدرب زكي بادو ليؤثث المشهد الكروي الوطني عبر بوابة الدفاع الحسني الجديدي الذي تعاقد معه لموسمين ونصف الموسم، خلفا للفرنسي هوبير فيلود المقال من منصبه قبل ثلاثة أسابيع، على خلفية النتائج السلبية التي حصدها الفريق الدكالي تحت قيادته في البطولة الوطنية الإحترافية «إتصالات المغرب». 
 إرتباط الدفاع بالناخب الوطني السابق الذي يعد امتدادا للإستراتيجية المتبعة من قبل إدارته في المواسم الأخيرة، التي تعاقدت مع أطر وطنية وإفريقية وأوروبية من مستوى عال، أملته كفاءة وخبرة الناخب الوطني السابق الذي اختاره أصحاب سلطة القرار رجل المرحلة لإخراج الفريق الجديدي من أزمة النتائج، وتصحيح وضعيته خلال ما تبقى من البطولة الحالية، على أن يعود فرسان دكالة للمنافسة من جديد على اللقب في الموسم القادم، وفق ما ينص عليه العقد المبرم بين زكي بادو ومكتب الدفاع.
 في هذا السفر الممتع والمتعدد المحطات، يتحدث المروض الجديد للفرسان عن عودته إلى البطولة الوطنية «إتصالات المغرب»، ومغامرته الحالية صحبة الدفاع الحسني الجديدي، مستعيدا شريط تجربته الأخيرة بالدوري الجزائري، ومقدما قراءته الشخصية حول حظوظ أسود الأطلس في كأس أمم إفريقيا المقبلة بأرض الكنانة، من موقعه كعميد ومدرب سابق للنخبة الوطنية، إلى جانب مواضيع رياضية أخرى سنكشف عن تفاصيلها في الحوار التالي:     

 ــ المنتخب: بداية، كيف جاء ارتباطك بالدفاع الجديدي الذي تسلمت مقاليده التقنية وهو يتخبط في أزمة نتائج داخل البطولة؟
 بادو: عندما اتصل بي رئيس الدفاع الحسني الجديدي الدكتور عبد اللطيف المقتريض عارضا علي فكرة الارتباط بالنادي، وافقت على مجالسته بدون قيد أو شرط، لأن من طبعي أن أترك دائما باب النقاش مع مسؤولي الأندية مفتوحا على مصراعيه، وبعد ذلك يمكن أن أوافق على العرض أو أرفضه، أضف إلى ذلك أن الدفاع كفريق بالنسبة لي ليس إسم نكرة، وبكل صراحة، لم آت إلى الجديدة في مهمة إنقاذ، لأن الدفاع بالمجموعة الحالية بالزاكي أو بدونه يمكنه أن يضمن مكانته بقسم الكبار بكل سهولة، وإنما تعاقدت مع الفريق الدكالي بناء على مشروع مدته سنتين ونصف، وهذا ما حفزني أكثر على الإرتباط وقبول التحدي. المفاوضات مع المسؤولين الجديديين مرت بسلاسىة وتفاهم كبيرين، لأن التعاقد مبني على مشروع إحترافي محدد الأهداف وواضح المعالم، أولا إعادة الدفاع إلى سكته الصحيحة، واستعادة هيبته المفقودة داخل البطولة، وفي نهاية الموسم سيكون هناك تقويم شامل وعلى ضوئه سيتم تحديد لائحة الإنتدابات لتقوية الرصيد البشري للنادي، وقيادته نحو إحتلال إحدى المراكز المتقدمة، ولم لا المنافسة على اللقب.

 ــ المنتخب: قبل توقيعك لعقد إحترافي مع الدفاع الجديدي، هل وضعت على طاولة المفاوضات شروطا مسبقة، أم قبلت العرض بدون قيد أو شرط؟
 بادو: لا، لدي وكيل أعمالي الذي وكلت له مهمة مناقشة كل حيثيات العقد الذي يربطني بالدفاع الحسني الجديدي.

 ــ المنتخب: لا أقصد شروط العمل داخل النادي؟
 بادو: أظن بأنه من الواجب على المكتب المسير أن يوفر شروط العمل لأي مدرب، لأنها من صميم مسؤولياته، لذلك المفاوضات مع مسؤولي الدفاع لم تستغرق وقتا طويلا، ومرت بسلاسة وسط مناخ توافقي، وما حفزني أكثر على قبول العرض الجديدي هو أنني لمست في المسؤولين رغبة وحماسا كبيرين في النهوض بالفريق وتطوير هياكله بما يساعده على بلوغ مصاف نادي الأبطال. 

 ــ المنتخب: الكل يعلم أنك تسلمت مقاليد الإدارة التقنية للنادي في ظروف صعبة، هل انتابك شعور بالخوف من الفشل، خاصة وأن الكثير من اللاعبين فقدوا في وقت من الأوقات الثقة بالنفس وأضحت معنوياتهم تحت الصفر؟
 بادو: أبدا لم يساورني أدنى شك، لأن منذ ولوجي إلى هذه المهنة تعودت على ركوب قطار التحدي وأعشق المغامرة، وسبق وأن خضت تجارب مماثلة مع أندية وطنية وجزائرية، وأسوق هنا تمثيلا لا حصرا تجربتي مع الوداد الرياضي الذي تعاقدت معه وهو يقبع في المركز الثالث عشر، قبل أن يقفز إلى المرتبة الثالثة بعد تحقيقه لست إنتصارات متتالية، وفي الموسم الماضي إلتحقت بشباب بلوزداد الذي كان يمر هو الآخر من أزمة نتائج، بل كان أبرز المرشحين لمغادرة بطولة الرابطة الجزائرية للمحترفين، لكن بفضل تظافر الجهود أنقد الشباب موسمه وأحرز لقب كأس الجمهورية، لذلك جئت إلى الجديدة وأنا متيقن من أن الدفاع سيخرج بسرعة من سباته العميق، وأن الطريق المليئة بالأشواك تقود أحيانا صاحبها في نهاية المطاف نحو النجاح.  

 ــ المنتخب: ما هي الأشياء التي ركزتم عليها مباشرة بعد تسلمكم مقاليد الإدارة التقنية، وتصدرت أولويات عملكم داخل الفريق الدكالي؟ 
 بادو: أولا، الجديدة ليست غريبة عني وتبعد عن مقر سكناي بنحو أربعين دقيقة، أعرف جيدا رجالاتها ومسيريها ولاعبيها القدامى والحاليين، كما أن المجموعة الحالية للدفاع وقبل أن أرتبط بالنادي، كنت أعرف أكثر من 80 بالمائة من مكوناتها، وهي نفس المجموعة تقريبا التي كانت قبل سبعة أشهر  تقدم مستويات كبيرة وتصنع الإبهار في المنافسات الإفريقية، لكن للأسف الشديد الفريق الدكالي دخل في مرحلة فراغ طال أمدها بعض الشيء، وفقد معها اللاعبون الرغبة في اللعب والثقة بالنفس، خاصة بعد تراكم النتائج السلبية للفريق، لذلك انصب عملي أساسا على تشخيص الداء لمعرفة مكامن الخلل، وأعطيت الأولوية للجانب الذهني لأن اللاعبين كانوا يشكون من ضغط نفسي رهيب، كما عمدت إلى تصحيح بعض الإختلالات التكتيكية التي برزت داخل الفريق في المرحلة السابقة، والحمد لله تجاوب اللاعبون بسرعة مع فلسفتي التدريبية ومنهجيتي في العمل، وحققنا نتائج مرضية، وأتمنى أن نواصل السير على نفس المنوال، ونحقق مزيدا من النقاط التي تخول للدفاع إنهاء الموسم في مرتبة مشرفة.

 ــ المنتخب: بالموازاة مع إعادة التوهج للفريق الدكالي وتصحيح وضعيته داخل بطولة هذا الموسم، ماهي الأهداف المسطرة مع مكتب الدفاع في الموسمين المقبلين؟
 بادو: هناك هدف مرحلي نسعى إلى تحقيقه في نهاية الموسم الكروي الحالي، وهو إعادة فارس دكالة إلى سكته الصحيحة واستعادة صورته المشرقة والمعهودة، وفي نهاية البطولة سيكون هناك تقييم شامل للعمل، ولحصيلة الفريق من أجل تشريف المستقبل، وتماشيا مع المشروع الإحترافي للنادي نخطط للفوز بلقب واحد على الأقل في الموسمين القادمين، وبإمكان الدفاع الصعود إلى البوديوم، شريطة القيام بانتدابات وازنة وعلى أعلى مستوى، لأن مشوار البطولة طويل وشاق، لذلك يحتاج الفريق إلى مجموعة متكاملة، مكونة من 25 لاعبا بمستوى متقارب، لمجابهة الأندية التقليدية القوية التي اكتسبت شخصية البطل، وتفادي اي خصاص محتمل في بعض المراكز، من شأنه أن يؤثر على مسار ونتائج الفريق خلال منافسات البطولة.

 ــ المنتخب: بمعنى أن الدفاع الحسني الجديدي سيدخل بقوة سوق الإنتقالات في الميركاطو الصيفي المقبل؟
 بادو: ليس عيبا أن يقوم الفريق بتعزيزات بشرية، كل أندية العالم تجدد سنويا دماءها، لنأخذ على سبيل المثال  البارصا والريال  اللذين يتناوبان على منصات التتويج ونشاهدهما يبرمان في كل موسم صفقات كبرى، بالنسبة للدفاع الجديدي وكما سبق وأن أشرت، أعرف ما بين 60 و80 بالمائة من لاعبيه، وهناك عناصر أكتشفها لأول مرة، والمباريات المتبقية ستكون محكا اختباريا للجميع لتأكيد أحقيتهم بحمل القميص الدكالي، وبعد نهاية الموسم، سيكون هناك تقييم شامل لأداء اللاعبين، على ضوئه ستتحدد لائحة المنتدبين والمغادرين أيضا، لأن البقاء للأصلح، وأؤكد أن الانتدابات المقبلة لن تتم بطريقة عشوائية، وإنما بناء على معايير محددة وحسب الحاجيات الملحة.

 ــ المنتخب: هل سينفتح الزاكي بادو على أبناء الفريق استجابة لمطلب الجمهور الدكالي؟
 بادو: في اعتقادي الشخصي، هذا كلام أصبح متجاوزا، لأن كرة القدم مجال لا تتحكم فيه العاطفة، وأن الكفاءة هي المحدد الأساسي في الإختيارات البشرية للمدرب، وشخصيا وعلى امتداد تجاربي المهنية كمدرب، لم أصرف النظر يوما على لاعب موهوب، لذلك سأفسح المجال لجميع العناصر القادمة من فئة الأمل، ليس لجبر خواطر البعض..، ولكن لأن هذا من صميم عملي، وسأمنحها الحق في إثبات ذاتها، لكن البقاء للأصلح.
(يتبع)