بكلمات ينتقيها بعناية فائقة، وبابتسامة الإنسان الهادئ والواثق من نفسه، أجاب الناخب الوطني هيرفي رونار، عن أسئلة «المنتخب»، في جلسة مكاشفة بقاهرة المعز بالقرب من سفوح الأهرام، جلسة تبددت فيها الأوهام وأعيدت كتابة بعض الأحلام.
وكالعادة حرص الثعلب الفرنسي على وضع النقط على الحروف، وبجرأة عالية أعاد تفتيت بعض الشائعات التي يختار أصحابها توقيتات غريبة لنسفه ونسف عرين الأسود.
عن رأيه في المجموعة التي شكلتها القرعة لأسود الأطلس، والوصف الذي ينتقيه لها، وعن أهدافه في نهائيات كأس إفريقيا، وما راج عن إصابة نور الدين أمرابط مهاجم النصر السعودي، وما يثيره غياب عبد الرزاق حمد الله من جدل، دار هذا الحوار الذي يكشف عن كاريزمية ربان الأسود وعن انفتاحه على الإعلام، بخلاف ما يروج عنه ويتهم به من انغلاق.
«المنتخب» نجحت في تقليب صفحات دفتر قائد أحلام الأسود في «كان» مصر، فكان هذا السفر الحصري والجميل مع هيرفي رونار. 

ــ المنتخب: حزت على لقب كأس إفريقيا مع زامبيا وبعدها مع كوت ديفوار، هل يتملك هيرفي رونار اليوم نفس الطموح لإضافة لقب ثالث مع المنتخب المغربي؟
رونار: نيل كأس إفريقيا هو الهدف الصعب والأسمى الذي يسعى أي مدرب لتحقيقه، والذي من أجله نتقاضى رواتبنا، بطبيعة الحال أحلم دوما بالتتويج بكأس إفريقيا، لأنه في اليوم الذي لا أشعر فيه بالقدرة على الحلم، سأكون مجبرا على وضع حد لمسيرتي كمدرب، ولا أظن بأن هذا اليوم قد وصل.
عموما يجب أن نشتغل جيدا وأن لا نتحدث كثيرا، ما أريد التأكيد عليه، هو أن النجاج يتم بناؤه وليس برمجته، النجاح لا يكون بالضغط على الزر، بل يأتي بالكفاح وبالعمل المتقن.

ــ المنتخب: أغلب المغاربة باتوا يحفظون عن ظهر قلب النواة الصلبة التي تعتمد عليها في تشكيلك الأساسي، لكنك دوما عن الكشف عن اللوائح، تحرص على تقديم بعض المفاجآت، ما السر من وراء ذلك؟
رونار: أفعل كل هذا من أجل أن لا تنام المجموعة، ومن أجل خلق المزيد من التنافس بين اللاعبين، عندما يكون كل لاعب متأكدا من حضوره رفقة المنتخب، ويكون متأكدا أيضا من أنه سيلعب، لا يصبح متعطشا لتقديم الأفضل، وهذا ينافي قواعد كرة القدم.
يجب خلق بعض الأشياء الجديدة، لتجعل اللاعبين في حالة تأهب ومتحفزين للعطاء، هذا هو دور المدرب.

ــ المنتخب: أنس الزنيتي حارس الرجاء، عبر عن إستيائه لعدم دعودته لصفوف المنتخب المغربي، كيف ترد على غضب حارس الرجاء البيضاوي المثقل بالألقاب؟
رونار: للأسف مكان الحارس الثالث محجوز لرضا التكناوتي، وهذا أمر واضح ومتفق عليه، أريد دوما إعطاء الفرصة لحارس شاب، ليتواجد مع ثنائي أكبر منه سنا، ليستفيد من تجربتهما ويتعلم منهما، بخاصة وأنهما يلعبان بواحدة من أرقى البطولات الأوروبية.
كل هذا لا يعني أن الزنيتي حارس سيء، لكن يجب أن نقوم دوما بالإختيار، وأنا وحدي من يتحمل مسؤوليته.
سأشارك لسابع مرة في نهائيات كأس إفريقيا للأمم، وتجربتي أصبحت كبيرة، لذلك أنا قادر على تحمل المسؤولية بإيجابياتها وسلبياتها، ولن أبحث عن تقديم الأعذار، فأنا أتواجد بالمغرب منذ ثلاث سنوات ونصف وأشتغل في ظروف جيدة، ولدي هدف كبير هو البحث عن خلق المزيد من التنافسية داخل مجموعتي.

ــ المنتخب: اللاعبون أصحاب الجنسية المزدوجة، هل تواصل الإهتمام بهم ونحن على بعد أسابيع من منافسة» الكان»، أقصد هل تهتم بلاعبين أمثال شويعر، برقوق وكذا ماتيو الكندوزي؟
رونار: لحد اللحظة يجب إحترام مسألة الإختيارات بالنسبة للبعض، الأمر ليس فيه أي إلتباس، إنهم يريدون اللعب لمنتخب آخر غير المغرب، هذا من حقهم إلا أنني لن أركض وراءهم كثيرا، أقوم بمحاولة أو محاولتين ثم أغلق الملف.
هناك لاعبون كثر من ذوي الجنسية المزدوجة، وهم فخورون بحمل قميص أسود الأطلس، وهناك من يعطون أنفسهم بعض الوقت، والعديد من العناصر تنتظر دورها، الأهم من كل هذا هو أن يتأكد لي حب هؤلاء لقميص المنتخب، لأنها مسألة أساسية بالدرجة الأولى.

ــ المنتخب: هناك منافسة قوية بين بونو والمحمدي، ساهمت أنت في خلقها، كيف ترى حضور الحارسين معا مع المنتخب المغربي الأول؟
رونار: منافسة يصعب تدبيرها حقا، سأكشف لكم سرا، عندما إلتقيت بمنير قلت له، بأني متأسف ولا أعاتبك على شيء، لأني لا أحب الكذب، كما أنني لا أحب البحث عن أعذار غير حقيقية.
منير كان دوما  جيدا مع المنتخب المغربي، إنه شخص رائع أحبه كثيرا، بعقلية محترفة، في الفترة الحالية أقوم بإختيار ياسين لكي يلعب، لأنه يقدم مستوى جيدا في الليغا، كما أن أداءه تطور كثيرا.
المنافسة ستظل متواصلة بين الحارسين، والثقة في النفس يجب أن تظل متواصلة عند الإثنين، وبعدها أنا من يقوم بالإختيار، وكما ذكرت ذلك من قبل، أتقاضى راتبي من أجل هذا.

ــ المنتخب: إصابات مختلفة ضربت صفوف المنتخب المغربي، أكيد أن هذا المعطى يزعجك كثيرا؟
رونار: الإصابات تقلق حقا، لكن من هنا لغاية إنطلاق كأس إفريقيا أمامنا متسع من الوقت، لذلك أتمنى أن يكون الجميع جاهزا للحدث القاري، لدينا الوقت الكافي كي نستعيد حكيمي والنصيري وباقي المصابين وهم بكامل جاهزيتهم البدنية والتنافسية.

ــ المنتخب: تحرص على دعوة وليد الحجام لاعب أميان، برغم أنه يجد صعوبة في فرض ذاته داخل الفريق الوطني؟
رونار: وليد يتميز بشخصية هادئة، لكنه يحاول دوما الإجتهاد، عندما إستعنت به ضد المنتخب التونسي قدم مباراة جيدة، وأمام مالاوي قدم مردودا لا بأس به، فوق أرضية صعبة.
إنه شخص لا يحدث ضجيجا كثيرا مع المنتخب المغربي، من أهم مميزاته أنه متعدد الإختصاصات في الدفاع، وأنا أبحث دوما عن لاعبين من هذه الطينة، لاعبون لا يخلقون المشاكل، كما تعرفون الهدوء داخل المجموعة نحاول بناءه ولا يمكن لأي مدرب أن يشتريه.

ــ المنتخب: الكل في المغرب يتحدث عن غياب عبد الرزاق حمد الله، ماذا يحدث في موضوع مهاجم النصر الذي يقدم موسما رائعا في البطولة السعودية؟
رونار: قبل أن أقدم على إستدعاء عبد الرزاق حمد الله، تواصلت مع أخ اللاعب ليكون صلة وصل، رغم أني أفضل التواصل مع اللاعبين مباشرة.
معادلة حمد الله بسيطة، اللاعب سبق وأن لعب داخل المنتخب المغربي، هل كان بنجاعة كبيرة؟ وهل يستحق العودة للمنتخب؟ هذه هي الأسئلة التي يجب أن نطرحها.
عندما قمت بإستدعائه في المرة الأخيرة، نعم كان يستحق ذلك، هل بعد شهرين سيكون جاهزا للعب معنا أم لا؟ لا يمكن أن أجيب عن هذا السؤال في الفترة الحالية، لأنه غير مطلوب مني أن أحدد لائحة اللاعبين الذين سيلعبون كأس إفريقيا من الآن.
حمد الله يقدم موسما جيدا رفقة النصر، وهناك أيضا لاعبون غيره يقدمون مواسم رائعة رفقة أنديتهم، ولا يتم إستدعاؤهم لصفوف منتخباتهم الوطنية، رأيتم كريم بنزيمة لم يحضر مع فرنسا ورغم ذلك فازت فرنسا بكأس العالم، يجب دوما أن نقوم بإختيارات، قبل 3 أسابيع كان سيكون ضمن لائحة الأسود إلا أنه لم يحضر لم لأسباب مختلفة .

ــ المنتخب: ولكن هناك أخبار راجت حول تحدثك مع نورالدين أمرابط بخصوص عبد الرزاق حمد الله، قبل إستدعائك للأخير، وهو ما لم يعجبه؟
رونار: تحدثت مع نورالدين أمرابط حول مواضيع مختلفة وبعدها إتصلت باللاعب، أظن بأن الصحفيين يحبون إضفاء لمستهم الخاصة على مثل هكذا مواضيع من أجل رفع مبيعات صحفهم، أعتقد بأن هذا يدخل في صلب عملكم، وبالمناسبة أنا لست ضده.
ــ المنتخب: وسائل الإعلام الإيرانية، تواصل الحديث بإسهاب عن تفاوض يجري بينك وبين الجامعة الإيرانية لكرة القدم؟
رونار: لحد الآن أنا  أحترم عقدي مع المغرب، ومقبل على خوض نهائيات كأس إفريقيا للأمم بمصر بعد شهرين، لا يمكن أن أقول شيئا آخر، هل تعرفون ماذا سيحدث خلال مبارياتنا في «الكان»؟ أنا أيضا لا أعرف ولا قدرة لي على قراءة الفنجان لمعرفة المستقبل الذي هو في علم الغيب.