رغم ولوج الكرة المغربية زمن الاحتراف على امتداد 8 سنوات كاملة، ورغم الطفرة التي حققتها على مستوى الألقاب والمشاركات القارية، سواء على مستوى المنتخبات أو الأندية. فإن سمعة الكرة المغربية في المسافات الأخيرة من البطولة دائما تنزف فسادا. وليس مردّ ذلك حتما وبالمطلق إلى كون منظومة الكرة بشكل عام فاسدة، وأن هياكل ولجن الجامعة والعصبة الاحترافية منخورة بالارتشاء والزبونية والمحسوبية، أو محكومة بالمصالح الضيقة على حساب سمعة الكرة. بل،لأنه بكل بساطة، هناك أشخاص تسلقوا هرم الكرة بالقوّة وليس بالفعل، وأصبحوا يتمتعون بنفوذ خاص، نسجوا فيما بينهم علاقات شخصية، وأخرى ضمن بنيات وليدة موازية للأجهزة الرسمية، وقاموا بتشبيك هذه العلاقات لتعمّ أشخاصا آخرين يتدخلون بشكل مباشر في اللعبة وتنظيمها. وأصبح هذا التشبيك سلطة قائمة بذاتها، قوتها النفوذ الخاص، والمال والعلاقات الحميمة الشخصية، وقاعدتها ذمم منتفعة تنفذ الأهواء والرغبات وتجبر الخواطر، في انتهاك سافر لقيم الرياضة وأخلاقها، وضد مبادئ التنافس الشريف، وتكافؤ الفرص.
الخطير، أن تمثلات الرأي العام، تكاد تجمع على أن سمعة الكرة المغربية في المسافات الأخيرة من البطولة تفوح تلاعبا وتهاونا وفسادا. والأدهى من ذلك أن قطاعا واسعا من الإعلام تقمص دور الشيطان الأبكم، وتخلّى عن سلطته هو الآخر في المراقبة وفي كشف هذه العلاقات الملتبسة المتشابكة، التي تسعى أن تتكرّس كظاهرة راسخة في المراحل الأخيرة من سباق البطولة. 
وازع السلطة الرابعة في ذلك كما صمت حكماء الجامعة، أنّ إثارة هذه العتمات يسيء لسمعة الكرة المغربية في المحافل وفي المنتديات، ويغري انتقادات المتربصين من الجيران بنهضتها وإنجازاتها.   
وما دمنا قد اخترنا أن نودع زمن هواية الكرة إلى غير رجعة، وأطّرنا ممارساتنا بالقوانين الدولية، وقطعنا أشواطا في بناء المؤسسات والهياكل، وتسيّدنا المنتديات والمحافل، لماذا نسمح لنفوذ أشخاص أن يعبث بتطلعاتنا؟ لماذا نبيح لثلة من المسيرين أوسماسرة، أوحكام، أوبعض من اللاعبين المتهاونين أو بعض من المدربين المتواطئين على الوضع، المنتفعين من لقاءات رياضية إفساد القيم، وتنشئة أجيال من المجتمع على قبول تخريب القيم الأخلاقية ضدا على نبل الكرة؟ لماذا نحوّل جماهير عريضة إلى كائنات دون أخلاق، تناصر فرقها في شراء آخر لقاءات المسافات الأخيرة من البطولات؟؟
غيرنا، لا يفصل الارتشاء والفساد والتهاون وشراء الذمم وبيعها واستعمال الشطط في السلطة، واستغلال المواقع والنفوذ في الكرة عن القوانين التي تؤطر الحياة العامة وشؤونها. لا يفرق بين ارتكاب هذه الجنايات في الكرة عن القوانين الجنائية في البلد. غيرنا لا يسمح بتنشئة مجتمع على التواطؤ والمؤامرات والتخريب والعبث من أجل عيون كرة تنافسها زائف وعبث.
غيرنا في بطولاته المحترفة، يقف عند كل شبهة أو قرينة إفساد، مهما كان موقع مرتكبيها، غيرنا يتنصت على الهواتف النّافذة والمنفّذة، يفتح تحقيقاته القضائية، وإن تعلق الأمر كما يعتقد البعض بمجرد لعبة، يصدر أحكاما رياضية قاسية بالتوقيف والحرمان من الممارسة، وأخرى قضائية بالسجن وبالغرامات المالية القاسمة، وبتنحية أبدية للأشخاص عن مواقع النفوذ من أجل تحصين الفضاء والشأن العامّين .. غيرنا لا يهتم بكون هذا الفريق من فلك الأمير، أو على صلة بالوزير أو من وحي السفير، أو كونه علامة مسجلة لرجل أعمال، أو مملكة لبورجوازيين طفيليين أو نبلاء، أو خلفه ساسة محنّكون.