بعد التعادل الإيجابي هدف لمثله داخل القواعد في ذهاب نهائي العصبة الإفريقية، تنقل الوداد البيضاوي يوم أمس الأربعاء للديار التونسية، حيث سيدافع هناك بملعب رادس عن حظوظه لنيل اللقب القاري في القمة التي تجمعه بالترجي، إذا كانت مباراة الذهاب لم تبح بكل أسرارها ولم تقدم ما كان منتظرا منها، بقدر ما أثارت الكثير من البوليميك بسبب المجزرة التحكيمية التي كان بطلها الحكم المصري جهاد جريشة، فإن كل الأنظار ستتجه هذه المرة للعاصمة التونسية، حيث كل آمال الجماهير المغربية معلقة على فرسان الوداد لإنتزاع اللقب الإفريقي، المهمة لن تكون سهلة أمام أشبال المدرب البنزرتي، لكنها ليست مستحيلة، وثقتنا كبيرة في هذه العناصر التي استطاعت إحراج أندية كبيرة بميدانها وآخرها التأهل على حساب صنداونز الجنوب إفريقي، إلا أن الإنجازات لا تتحقق بالتمني، بل بالجدية والحضور القوي، والقتالية داخل رقعة الميدان، ما يتطلب من الإطار التونسي إعداد الكوموندو القادر على انتزاع اللقب من قلب ملعب رادس دون اكتراث لباقي الظروف التي ستحيط بالمباراة.
تجاوز مخلفات الذهاب
مباراة الذهاب أصبحت جزء من الماضي، ومن دون شك فإن الفريقان قد طويا تلك الصفحة بسلبياتها وإيجابيتها، لكن الضرورة تفرض استخلاص الدروس والإستفادة من الأخطاء التي ارتكبت بالمركب الأميري و حرمت الفريق الأحمر من حسم المواجهة لصالحه بحصة عريضة، منها التي يتحمل فيها المدرب جزء من المسؤولية وتخص الإختيارات وعدم جاهزية بعض العناصر التي اعتمد عليها، وكذا النهج التكتيكي الذي راهن عليه، إضافة للتايمينغ على مستوى التغييرات، ومن خلال مباراة الذهاب تأكد جليا بأن فريق الترجي لم يكن ذلك البعبع المخيف بدليل العودة القوية للفريق الأحمر في الشوط الثاني بالرغم من النقص العددي، كما اتضح بأن لدى أبناء باب السويقة الكثير من نقط الضعف التي كان يمكن استغلالها، وبالتالي يمكن القول بأن لاعبي الفريق الأحمر قد بالغوا في احترام الخصم التونسي.
مباراة فاصلة في الإنتظار
حتى قبل خوض مباراة الذهاب بمركب مولاي عبد الله، كان هناك شبه إجماع على أن حسم اللقب سيكون بملعب رادس، وهذا ما تأكد اليوم، فبالرغم من امتياز الهدف الذي سجله الترجي خارج قواعده، فإن كل الإحتمالات تبقى واردة في مباراة الإياب، حيث سيخوض الطرفان مباراة فاصلة و حاسمة، ومن دون شك فإن العناصر الودادية تعرف جيدا ما ينتظرها بتونس، حيث امتياز الملعب والجمهور سيكون في صالح المكشخين، لكن الفرسان سبق لهم أن مروا بنفس الظروف، واستطاعوا تجاوزها بتجربتهم وقتاليتهم، وكما أظهروا رد فعل قوي في مباراة الذهاب، واستطاعوا العودة في النتيجة بنقص عددي فبإمكانهم مرة أخرى إحراج الترجي داخل قلاعه، لأن المباراة حاسمة ولا تقبل بأنصاف الحلول.
نتيجة الذهاب ملغومة 
يبدو بأن نتيجة التعادل في مركب مولاي عبد الله قد أسعدت كثيرا مكونات فريق الترجي، بل إن الغالبية منهم وضعوا اللقب في جيبهم وسلخوا جلد الدب قبل قتله، وهذا ما قد يخدم مصالح الفريق الأحمر فهذه النتيجة لم تتحقق عن جدارة واستحقاق، بل ساهم فيها الحكم المصري جريشة بقراراته التي حرمت الوداد من فوز مستحق برفضه هدف صحيح، وتغاضيه عن ضربة جزاء، إضافة لمجموعة من الأخطاء الأخرى، ولا خيار أمام المجموعة الودادية سوى لعب الكل للكل، وقد نتابع خطورة الوداد التي ظهرت ملامحها في آخر اللحظات من مباراة الذهاب بعد الإنتفاضة التي جاءت متأخرة والتي مكنت من تسجيل هدف التعادل مع ضياع فرص أخرى لقتل المباراة.
إعداد التكتيك المناسب
باستثناء غياب الثنائي نقاش وداري، فإن صفوف الفريق الأحمر ستكون مكتملة، بحضور غالبية الثوابت الأساسية التي حضرت مباراة الذهاب، وهذا ما يمثل نقطة إيجابية بالنسبة للمدرب البنزرتي، الذي سيكون عليه اختيار التشكيل المناسب لمثل هذه المباريات، وكذا النهج التكتيكي الذي يتلاءم مع خصوصية المباراة، فمثل هذه المباريات تقتضي حضور التوازن بين الدفاع والهجوم، ومن دون شك فإن الإطار التونسي لن يركن للدفاع، وسيظل وفيا لأسلوبه الهجومي، لكن هذا لا ينفي ضرورة إلتزام الحذر وتفادي الأخطاء الدفاعية المكلفة، وفي حال لعب الفريق الأحمر بنفس الطريقة التي واجه بها صنداونز ببريطوريا وبنفس القتالية والحماس فبالإمكان العودة باللقب من ملعب رادس.
ويبقى الأهم الإعتماد على العناصر الجاهزة بدون عاطفة، لتفادي ظهور اختلالات في خطوط الفريق كما حدث في الذهاب.
البحث عن الأهداف
التعادل السلبي لا يخدم مصالح الوداد، لذلك من الواجب البحث عن تسجيل الأهداف، كما أنه من الصعب جدا أن يحافظ الفريق الأحمر على نظافة شباكه طيلة 90 دقيقة من اللعب، لذلك لا يجب السقوط في الفخ الذي سقط فيه الفريق البركاني في المواجهة الأخيرة التي جمعته بالزمالك المصري حين خسر بالضربات الترجيحية، ذلك لأنه فشل في تسجيل هدف خارج قواعده كان كفيلا بأن يمنحه اللقب القاري، والهاجس الأول الذي سيكون أمام العناصر الودادية هو الوصول لمرمى المكشخين، وحينها سيتحول الضغط لضفة الفريق التونسي، صحيح أن التعادل السلبي يخدم مصالح أشبال معين الشعباني لكن تخوفهم من قبول هدف مباغث، ومعرفتهم الجيدة بخطورة مهاجمي الوداد وقدرتهم على صنع الفارق في أية لحظة، كلها عوامل ستدفع الفريق التونسي بدوره للبحث عن تأمين النتيجة، وهنا ستكمن المعادلة الصعبة بالنسبة للفريقين. 
التركيز والفعالية
مثل هذه المباريات النهائية عادة ما تحسمها جزئيات بسيطة، وغالبا ما تنتهي بحصص متقاربة، وتأكد هذا في مباراة الذهاب التي انتهت بتعادل إيجابي، و كذا في نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية الذي حسم بالضربات الترجيحية، وسيفتقد فريق الترجي لخدمات ثلاثة عناصر وازنة، في حين سيعاني الوداد كثيرا من غياب مدافعه داري لعدم توفره على بديل في هذا المركز، وإن كانت هناك بعض الحلول التي عادة ما يلجأ إليها المدرب البنزرتي، وفي ظل هذه الغيابات ستمنح الفرصة لعناصر بديلة ستحظى بشرف المشاركة في مباراة نهائية وهي فرصة لا تتكرر كثيرا، وأهم ما يوصي به المدربون في مثل هذه المواقف هو التركيز طيلة دقائق المباراة، وكذا حضور الفعالية و استغلال أنصاف الفرص التي يمكنها أن تتاح للمهاجمين، ولتحقيق هذه الغاية يجب أن يكون الإعداد الذهني في القمة، وعلى رأس أولويات الطاقم التقني.
كلنا وراء الفرسان
أعداد مهمة من الجماهير الودادية حجزت تذكرتها و ستتنقل عبر رحلات جوية من الدار البيضاء نحو تونس، وهناك أفراد من عشاق الحمراء من الجالية المغربية المقيمة بالخارج سيشدون الرحال بدورهم للعاصمة التونسية، إضافة لحضور أعضاء المكتب المسير للوداد، وأعضاء جامعيين، والجميع سيكون وراء الفرسان من أجل هدف واحد هو انتزاع هذا اللقب القاري من قلب ملعب رادس، المجموعة لا تمثل الوداد فقط، بل تمثل الكرة المغربية وتدافع عن سمعتها، ولنا ثقة في قدرة هذا الجيل الحالي على إعادة كتابة تاريخ جديد للفريق الأحمر، ويوم غد الجمعة ستكون قلوب الجماهير المغربية وعقولها بتونس في انتظار العودة بلقب يؤكد العودة القوية للكرة المغربية للريادة القارية.. ديما ديما وداد الأمة.
البرنامج
إياب نهائي عصبة أبطال إفريقيا
الجمعة 31 ماي 2019
بتونس: ملعب رادس: الساعة 21: الترجي التونسي ــ الوداد البيضاوي