لم تترك السلطات المصرية اي شيء للصدفة من خلال التعزيزات الامنية الكبيرة التي جندتها و سخرتها بالعاصمة القاهرة التي تستضيف حاليا ثلاث مجموعات من الست المنشطة للدور الاول لكأس امم افريقيا في كرة القدم (21 يونيو الى 19 يوليوز). فمنذ انتخابها من قبل الكونفدرالية الافريقية لكرة القدم لخلافة الكامرون التي كان من المقرر ان تستضيف فعاليات النسخة 32, لم ترفع مصر تحدي ضمان التنظيم الجيد للمنافسة فقط, بل رفعت معه تحدي اهم و اصعب يتمثل في ضمان سير المنافسات في ظروف امنية جيدة بالنظر الى حالة عدم الاستقرار التي تعيشها في السنوات الاخيرة. 
وفي هذا الاطار, شهد مدخل ملعب "30 يونيو" بالقاهرة يوم الاحد تحسبا لمقابلتي المجموعة الثالثة (الجزائر-كينيا 2-0 و السنغال- طانزانيا 2-0), تعزيزات امنية كبيرة لدرجة ان حتى الاعلاميين المعتمدين لتغطية المنافسة لم يستثنوا من هذه الاجراءات وخضعوا لعملية تفتيش صارمة مشابهة لتلك المطبقة في المطارات الدولية, بل اكثر, حيث يتعين على الراغب في دخول الملعب المرور بثلاث نقاط تفتيش, اثنين منهم مزودان بجهاز ماسح ضوئي ("سكانير"). ويبدو ان هذه النسخة الافريقية التي تلعب لأول مرة من قبل منتخبات 24 دولة افريقية, تثير توجس و خوف السلطات المصرية من اي انزلاقات بالنظر الى توفر عامل التجمهر في المقابلات, وهو القلق المبرر بعد الاحداث الأخيرة في البلاد, آخرها تلك التي عاشتها محافظة سيناء (حوالي 270 كم عن القاهرة) والتي عرفت يوم 22 يونيو مقتل أربعة عمال و إصابة 6 آخرين في هجوم مسلح قرب مطار العريش الدولي. ويمكن القول انه بالإضافة الى هاته المعطيات الامنية, فإن قلق وخوف السلطات المصرية ازداد حدة بعد وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي اياما قليلة قبل انطلاق العرس القاري, يوم الجمعة الفارط. وكشهادة حية على هذا الخوف, اكد زياد, احد السائقين المعتمدين لدى شركة "اوبر" لنقل الخواص : "بعد وفاة الرئيس السابق محمد مرسي, اتخذت السلطات اجراءات امنية غير مسبوقة, باعتبار ان اي حادث او انزلاق من شأنه التأثير سلبا على مجريات المسابقة وصورة البلد". وقبل انطلاق فعاليات النسخة 32, كان وزير الداخلية المصري محمود توفيق قد اعطى ضمانات "كبيرة" بخصوص الجانب الامني, مؤكدا ان بلاده ستوفر "أقصى درجات الامان للمشاركين و ستحرص على ضمان السير الحسن للمنافسات". 
وأفادت وسائل اعلامية محلية انه تم تجنيد ما لا يقل عن 120 الف شرطي للسهر على أمن البعثات الرياضية وآلاف المناصرين الذين توافدوا بأعداد كبيرة على القاهرة. ومن بين الصور المعبرة عن هذه الاجراءات الامنية الصارمة, تواجد فرقة شرطة مكونة من سيارتين و عون تدخل مدجج بالأسلحة عند مدخل كل الملاعب المخصصة للتدريبات, مثل ما هو عليه الحال عند مدخل ملعب "بيترو سبورت" الذي يتدرب عليه "الخضر" و الذي يستحيل على اي كان التسلل اليه خاصة اذا كان المدرب قد اعطى تعليمات بإجراء الحصة بعيدا عن اعين الصحافة و الجمهور. وتشكل النسخة الحالية من المنافسة الافريقية تحديا كبيرا بالنسبة لمصر التي تملك خبرة كبيرة في مجال تنظيم هذا العرس بعد احتضانها لدورات 1959 و 1974 و 1986 و 2006, باعتبار ان نسخة 2019 تأتي في ظروف مغايرة وهي الاولى التي تقام ب"أرض الكنانة" بعد ثورة 2011 التي وضعت حدا لنظام الرئيس السابق حسني مبارك والتي تبعتها مستجدات سياسية غيرت كثيرا يوميات المواطن المصري.