جاءت ودية الأسود أمام فهود الغابون، كأقوى أربع وديات خاضها الفريق الوطني منذ وصول وحيد خاليلودزيتش، ولعلها الأكثر شراسة والأكثر  كشفا لنواحي القصور الموجودة داخل هذا الفريق الوطني، بل إن وحيد خاليلودزيتش لابد وأن يكون سعيدا بكل الحقائق الفنية والتكتيكية التي أفرزتها ودية الغابون، صحيح أن الهزيمة توجع القلب والرأس، ولكن ما استخلصه من معطيات هي ما سيكون معينا له في تقرير ما سيأتي.
لنتجاوز كل حديث عن الغيابات الإرادية والإضطرارية، فقد أصبح حديثا غير ذات قيمة، ولنركز على ما أتاحته وديتا ليبيا والغابون من فرص لعرض مجموعة من اللاعبين على امتحان الدولية، لرصد ردات الفعل ومدى قابليتهم ليكونوا ضمن التشكيل الأساسي، ولنعمل بعدها على رصد نواحي القصور.
كانت كل الشكوى التي صدرت عن وحيد بعد مباراة ليبيا، أن الفريق الوطني تخونه النجاعة في إنهاء البناءات الهجومية، وهذا أمر تكرس أيضا في ودية الغابون، إلا أن ما برز في مباراة الفريق الوطني أمام الفهود، بعد ضحالة الخواتيم على مستوى البناء الهجومي، هو التهاوي الفظيع للمنظومة الدفاعية، الأخطاء الفادحة المرتكبة سواء في التمرير في المنطقة المحظورة أو في مراقبة المنطقة.
أمام منتخب ليبيا سجل علينا من خطأ في التقدير للحارس ياسين بونو، وأمام منتخب الغابون سجلت علينا ثلاثة أهداف من خطأين في التمرير وضبط الكرة من بوربيعة ويميق وخطأ المراقبة والتقدير من خط الدفاع برمته وبخاصة من عصام شباك.
وغير الأهداف الثلاثة التي كتبت في سجلات التاريخ الخسارة الأولي لوحيد خاليلودزيتش، كانت هناك أخطاء أخرى جرى التستر عليها أو تداركها بخاصة من الرائع منير المحمدي.
إن استقبال الفريق الوطني لثلاثة أهداف دفعة واحدة وهو يلعب على أرضه، وكون مصدر هذه الأخطاء سوء التقدير وسوء التغطية، يمثلان بالفعل مصدر خوف لنا جميعا.
لقد حاول وحيد في إطار ما هو متاح له من عناصر أن يحترم الضوابط في توزيع المهام، إلا أن ما ظهر واضحا هو اهتزاز المنظومة الدفاعية، الإرتباك الذي ظهر فجأة على يميق وهو الذي كان عنصرا مميزا في ودية ليبيا، ابتعاد حمزة منديل عن أساسيات وظيفة الظهير، اختناق الوسط الدفاعي المشكل من بوربيعة والمسعودي وهدر الطاقة لغياب الإنسجام، والشرود الكبير أو الخرس الذي يضرب متممي العمليات، سواء عليوي أو حتى النصيري الذي انضم إليه في الشوط الثاني.
عموما ما شاهدناه في الوديات الأربع، تصدع كبير حجب كل العمل الذي ينجز لوضع أساسات منظومة اللعب الجديد، والأمل أن تزول كل هذه الأعراض السيئة خلال المباراة الرسمية أمام منتخب موريتانيا الشهر القادم، طبعا بعودة الأساسيين الذين بغيابهم تضيع الهوية.