أول إبحار رسمي بعد 4 وديات سجلت فيها العديد من المؤخذات على الأداء وعديد الأشياء المرتبطة بمقاربة الإختيارات البشرية وحتى التواصل.
هذه المرة يمكن أن نطلق على مباراة موريتانيا محطة الحسم من أجل تقييم حقيقة ما جاء به وحيد وكذا لقراءة أفكاره قراءة واقعية بعيدا عن سياق التجريبات والإختبارات الودية.
المرابطون بالرباط هو المحك الرسمي الأول، وأول الغيث حين يكون قطرات فإن المحصول يكون في النهاية وفيرا، وهو ما نأمله جميعا عبر هذا الإستهلال صوب التواجد في الكامرون بعد عامين إن شاء الله.
فلاش باك
قبل هذه المباراة يكون وحيد خاليلودزيتش قد خاض 4 مباريات ودية رفقة الأسود تفاوت فيها المردود التقني، لكن المحصلة في المجمل كانت سلبية.
إنتصار واحد ومن دون إقناع أمام منتخب النيجر المتواضع بأقدام الغائب وليد الكرتي، وتعادلان منجزان بمعاناة أمام بوركينافاسو والهدف المتأخر على ملعب مراكش للاعب زهير فضال وبعدها تعادل في وجدة أمام ليبيا، وهزيمة أمام منتخب الغابون على ملعب طنجة الكبير بشكل أثار العديد من علامات القلق بشأن غياب الإقناع هجوميا ودفاعيا وتباعد الخطوط.
من أصل 4 مباريات سجل الفريق الوطني مع وحيد 5 أهداف واستقبل مثلها والتنقيط مع الميزة لا يتجاوز المتوسط.
لذلك سيكون الناخب الوطني وهو يؤكد بعد كل تلك الإطلالات مطالبا بتقديم نفسه هذه المرة بالشكل الذي يليق به والإنتظارات التي رافقت استقدامه.
55 لاعبا تحت المجهر
في فترة وجيزة وضع وحيد كما لم يضع ناخب قبله لوائح مختلفة شملت في المجموع 55 لاعبا، منهم من حالفه الحظ في الحضور لمعسكرات الأسود ومنهم من تعذر عليه ذلك وظل في لائحة الطوارئ وطابور الإنتظار.
هذا الكم الكبير والهائل من اللاعبين يعكس سعي وحيد كما ظل يصرح لمنح الجميع فرصتهم لتجريب حظهم والإيمان بحقهم في تمثيل الفريق الوطني.
إلا أنه في نهاية المطاف تمثل هذه اللائحة المرجع المنطقي والواقعي في قراءة الإختيارات ولو مع تسجيل العديد من الملاحظات كي لا نقول مؤاخذات على الناخب.
كل ذلك الرواج وبما رافقه من معسكرات وكذا تنقل المدرب في عدد من الملاعب الوطنية لتتبع لاعبي البطولة، أفضى للإختيار الحالي والذي عاد فيه وحيد نسبيا لرشده كونها اللائحة التي اقتربت بشكل كبير من النواة السابقة التي خلفها غير المأسوف على ذهابه رونار.
سايس وزياش
ولأننا قبل كل مباراة نحاول أن ننفذ ونتوغل في أفكار الناخب الوطني كي نستبين التشكيل والمجموعة المراهن على ظهورها مع الإنطلاقة، فإن ذلك لا بد وأن يمر أساسا عبر استحضار الأسماء المدعوة والتي تسجل هذه المرة عودة كلا من درار وزياش وسايس، وهم من ثوابت العهد السابق.
لذلك يمكن القول أن عودة هذين اللاعبين الهامين والمحوريين وفي مركزين هامين، من شأنها أن تشيع نوعا من الإرتياح، ليس للمدرب فحسب بل حتى لجماهير الأسود لما للعنصرين من قيمة وتأثير ووزن داخل المجموعة، وإن كان استبعاد لاعب بقيمة أمين حارث يبدو غريبا في ظاهره.
لذلك  يمكننا التكهن بالأسماء التي ستنطلق والتي لن تخرج عن اللتشكيلة التالية، المحمدي في المرمى إن احترم منطق التنافسية وليس قيمة الفريق الذي يلعب له بونو، والمزراوي وحكيمي على الأطراف مع ثنائية سايس وعبد الحميد في عمق الدفاع.
على أن الوسط في ارتداده سيتشكل من سفيان أمرابط وفجر وأمامهما زياش للربط كلاعب متحرر ونور الدين أمرابط وبوفال على الأطراف مع تواجد يوسف العرابي كرأس حربة صريح.
غير هذا لا يمكن أن نتوقع مثلا المجازفة بدرار مكان المزراوري والدفع بلاعب أجاكس لخط الوسط أو التضحية بأمرابط الكبير في الإحتياط.
كيف ننهي الإحتباس؟
هو واقع ومؤسف لم يشهده الفريق الوطني في السابق ويتعلق الأمر بحالة الإحتباس الهجومي التي يعرفها، والتي ترتب عنها التسجيل بالقطارة والتقسيط غير المريح منذ 7 مباريات لم يتجاوز فيها السجل التهديفي هدفا واحدا قبل أن يدرك ثنائية منها ضربة جزاء أمام الغابون.
وحين يعود لاعب من قيمة زياش للوسط على أمل أن يتخلص من الإحباط الذي لازمه منذ "الكان" الأخير في مصر ومعه سفيان بوفال الأريحي والذي يمكنه أن يتيح حلولا كبيرة على الأطراف وبالإختراقات من العمق، إضافة لما يمكن أن  تمثله عودة اللاعب العرابي للتنشيط الهجومي داخل الصندوق، فهنا يمكننا أن نتفاءل خيرا بأن تنتهي حالة الإستعصاء التي لازمت الخط الأمامي للفريق الوطني لينفجر في وجه المرابطين.
كما أن المنظومة الهجومية لا يمكن حصرها في لاعب أو لاعبين، وإنما شاكلة وتكتيك فهنا سيكون معولا بشكل كبير على القادمين من الخلف وفي مقدمتهم أشرف حكيمي المتوجه مع دورتموند.
إحذروا "المرابطون"
غير أنه وقياسا بالمعاناة التي ظل الفريق الوطني ومنذ فترة طويلة يتحملها أمام المنتخبات الصغيرة أو لقل المتوسطة كي لا نبخس المنتخب الموريتاني حقه في التطور، باستحضار هزيمة بنين في الكان وغامبيا في مراكش وبينهما زامبيا والكونغو وبوركينافاسو والغابون وليبيا، وجميعها لم يقو الأسود على الفوز أمامها، فهنا لا بد وأن نستحضر بكل توجس ما يمكن أن يمثله المرابطون الذين انتعشوا في "الكان" الأخير بمصر من منافس يصعب قهره.
منتخب موريتانيا بلمسة إسبانية وبفيلق من المحترفين بين ديارا لاعب سودان الفرنسي وحتى أداما با لاعب نهضة بركان والمدافع أجاي لاعب الدفاع الجديدي وعديد الأسماء القادمة من بطولات أوروبية ولو في درجات دنيا.
لكل هذا وجب الحذر من ردة فعل المنتخب الموريتاني المنتشي أصلا بتفوق منتخب ناشئيه أمامه في تصفيات "الكان" المنصرم و المراهن على روح "الكان" الأخير بمصر ليفجر مفاجأة عملاقة أمام الأسود.
الزمن: الجمعة 15 نونبر 2019
المكان: المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط (س20)
الحكم: لويس هاكيزيمانا (رواندا)