أيام ونطوي آخر صفحات سنة 2019، بكل الذي عشناه من لحظات أمل ويأس، فرح وحزن، ما بين آهات وأنين، بين ما هو مضحك ومبك، هذه الأوراق التي سنودعها عن قريب في مفكرة الزمن الرياضي المغربي، تستحق منا أن نعود لمطالعتها، لعل ذكراها تنفعنا في بنائنا للمستقبل القريب.

• الأسود في ثوب المرشح
لم يحدث منذ زمن طويل أن دخل الفريق الوطني نهائيات كأس إفريقيا للأمم في ثوب المرشح للظفر باللقب القاري، أكثر من هذه المرة وهو يتأهل مع 23 منتخباً إفريقيا لتأثيث النسخة 32 لكأس إفريقيا للأمم التي تم نقلها لمصر بعد أن تأكدت عدم جاهزية مصر لاستضافة النسخة الأولى ل"الكان" التي تلعب ب24 منتخبا.
كانت الصورة الرائعة التي خلفها الفريق الوطني بكأس العالم قبل سنة بروسيا، برغم أنه تذيل مجموعته ولم يكسب سوى نقطة من تعادله أمام الماتادور الإسباني، قد حفزت الكثيرين على وضع الأسود في ثوب المرشح للفوز باللقب إلى جانب منتخبات مصر، السنغال، نيجيريا والكامرون، وحفز على ذلك أيضا، وجود لاعبين مهاريين بصفوفه من أمثال بنعطية، حكيمي، زياش وبوصوفة، وعلى الخصوص مدرب بتجربة وثعلبية هيرفي رونار.

صدارة للمجموعة بالعلامة الكاملة
وتأكد للكل أن المراهنة على الفريق الوطني للذهاب لأبعد نقطة في المونديال الإفريقي، ليست مقامرة ولا مغالاة، فبرغم أن الأسود لم يقدموا مستويات فنية قوية، إلا أنهم سينجحون في التأهل للدور الموالي، متصدرين مجموعتهم بالعلامة الكاملة، بعد الفوز على منتخبات ناميبيا، كوت ديفوار وجنوب إفريقيا بالحصة ذاتها، هدف للاشيء، وهو الأمر الذي لم يتحقق في كل النسخ التي شارك فيها الفريق الوطني قبل نسخة مصر 2019.
كان من الضروري أن يمر الأسود للسرعة القصوى، وهم يلاقون في الدور ثمن النهائي سناجب البنين الذين عبروا دور المجموعات باحتلالهم المركز الثالث في مجموعتهم بتحقيقهم لثلاثة تعادلات من دون فوز ومن دون هزيمة أيضا.

• سناجب ستطول مخالبها
بلغة التاريخ، لم تكن كفة منتخب البنين راجحة بالمرة بالعودة للنزلات المباشرة مع الفريق الوطني، إلا أنه كان من الضروري أخذ الحذر الكامل من سناجب لم تعد تهاب أحدا وتستطيع الإجهاز على أي فريق حتى لو كان أسدا لا يروض.
وما كنا نخافه، هو الذي حدث بالفعل، فقد واصل الفريق الوطني أداءه الجماعي المرتجف، وجاءت المباراة أمام سناجب البنين متلفة للأعصاب، فبرغم السيطرة الميدانية المطلقة وبرغم عديد الفرص التي لاحت للأسود، إلا أنهم سيبرزون ذات الضعف في النجاعة الهجومية، ليتمكن السناجب من بلوغ مرمى الأسود من مرتد خاطف، وبعد جهد جهيد سيتمكن يوسف النصيري من معادلة النتيجة، وكاد الأسود أن يقبضوا على بطاقة الترشح لدور الربع، عندما تصيدوا ضربة جزاء في الوقت بدل الضائع من المباراة، إلا أن حكيم زياش الذي ساء أداؤه في "الكان" سيهدر فرصة حسم مباراة ستمتد للشوطين الإضافيين، ومنها للضربات الترجيحية التي سترسل الأسود لغياهب الإقصاء، وتلك كانت واحدة من أكبر مفاجآت الكان في دور الثمن الذي شهد أيضا إقصاء الفراعنة من منتخب البفانا بافانا.

• نهاية عهد ونهاية مرحلة
خرج الفريق الوطني من مونديال إفريقيا يجتر خيبة الأمل ووجع الإقصاء، ليؤشر ذلك على نهاية مرحلة وبداية أخرى، فقد حكم الخروج من الدور ثمن النهائي على يد السناجب بنهاية عهد هيرفي رونار وبخروج بعض من الأعمدة من عرين الأسود، وليؤجل حلم الفوز بلقب أفريقي ثان بعد الأول الذي تحقق سنة 1976، إلى نسخة أخرى من "كان" العجائب.