هدف حمان التاريخي وأول إطلالة عالمية للمغرب
خصصت مجلة "فرانس فوتبول" عددها ليوم الثلاثاء الأخير، لسرد نوسطالجيا كأس العالم 1970 بالمكسيك، وأبرز اللحظات التي شهدها العرس المونديالي المثير، والذي عرف أول إطلالة لمنتخب أسود الأطلس في النهائيات، مع دخول المهاجم محمد جرير الملقب ب"حمان" التاريخ بتوقيعه أول هدف للمغرب في المونديال.
صفعة للألمان مع ضربة البداية
المكان ملعب نيو كامب ليون بالمكسيك، الزمان 3 يونيو 1970، الحدث أول مباراة للمنتخب المغربي في نهائيات كأس العالم، والخصم ألمانيا الغربية وصيف بطل العالم لنسخة 1966.
على الورق بون شاسع بين المنتخبين والكفة تميل دون نقاش للألمان، لكن سيناريو المباراة أبى إلا أن يخلق المفاجأة، حينما باغث المهاجم المغربي محمد جرير "حمان" الخصم بتسجيل الهدف الأول في الدقيقة 21، العميد والمايسترو ادريس باموس يرسل كرة في العمق للجناح النفاتة موهوب الغزواني، هذا الأخير يمرر ومدافع ألماني يخطئ في إعادة الكرة لحارسه سيب مايير لتجد حمان وحيدا وبهز الشباك ويفاجئ جميع الحضور، في لقطة لم يصدق فيها الهداف الماكر وبقية لاعبي المغرب، أنهم يتقدمون على ألمانيا الغربية بهدف نظيف، ليخرجوا فائزين في الشوط الأول 1-0 مع تسجيل تألق لافت للحارس علال بنقصو، الذي صد تهديدين خطيرين للمهاجم جيرد مولر، الشيء الذي أربك أوراق الألمان بقيادة بيكنباور، أوفيراث، مولر والذين دخلهم الشك وأصابهم الخوف.
الزميل بدري يروي التفاصيل
يستحضر الزميل مصطفى بدري المدير المسؤول عن جريدة "المنتخب" الحدث واليوم التاريخي بكثير من الفخر والأحاسيس، ويتحدث ل"فرانس فوتبول" عن المباراة وكيف تابعها بشغف وحماس كالعديد من الجماهير المغربية، ويقول: "كنت حينها أقطن في مدينة القنيطرة شمال العاصمة الرباط وعمري لا يتجاوز 20 ربيعا، أتذكر الأفراح والصخب وتفاعل ساكنة الحي مع المباراة، والتي تابعتها عبر أثير الإذاعة، كون جهاز التلفاز لم يكن متاحا سوى للعائلات الغنية، ورغم أن اللقاء أقيم في ساعة متأخرة من الليل نظرا لفارق التوقيت مع المكسيك، إلا أن الكثيرين أصروا على أن يعيشوا فصول هذا الموعد الإستثنائي."
ويتابع الزميل بدري أحد المصوتين الدائمين على جائزة الكرة الذهبية ل"فرانس فوتبول قائلا: "المغرب كان أول منتخب إفريقي يتأهل لكأس العالم بعد تصفيات حقيقية وطويلة، صحيح أن مصر شاركت في مونديال 1934 لكنها لم تلعب سوى مباراة فاصلة ضد فلسطين سحقتها ذهابا وإيابا 7-1 و4-1، في وقت خاض فيه أسود الأطلس ثلاث مراحل للتصفيات في ظرف سنة كاملة، إذ تجاوزوا السينغال 1-0 و1-2، ثم تونس بالقرعة بعد إنتهاء ثلاث مباريات بالتعادل 0-0، 0-0، 2-2، وفي الختام لعبوا بطولة مصغرة إلى جانب نيجيريا والسودان، ولن أنسى ذلك اللقاء الرائع الذي فاز فيه المغرب على السودان بثلاثية نظيفة، والذي شهد توقيع حمان لثنائية، بكل رشاقة وذكاء وحس هجومي في معترك الخصم."
حمان يدخل التاريخ
دخل محمد جرير "حمان" التاريخ المغربي والعربي والإفريقي بل والمونديالي، لكونه أول لاعب مغربي يسجل في نهائيات كأس العالم، والثاني عربيا وإفريقيا بعد المصري عبد الرحمان فوزي الهداف في مونديال 1934، ليدون نسر الرجاء البيضاوي إسمه عالقا للأبد في جدار الكرة المغربية وسجل كأس العالم.
حمان الذي عُرف بنضجه وموهبته وتميزه كقائد وسط ميدان دفاعي، فاجأ الجميع وهو يدخل كمهاجم ضد ألمانيا الغربية في المباراة الإفتتاحية للأسود في كأس العالم 1970، ويظهر مؤهلات هجومية جيدة أقلقت وصيف بطل العالم وأسقطت الحارس الشهير سيب مايير.
يقول الزميل بدري في حديثه للمجلة الفرنسية عن حمان: "كان لاعبا خلوقا ومتواضعا، ولم يتباه ولم يتبجح قط بإنجازه وهدفه التاريخي، لقد دخل التاريخ وسجل هدفا في مباراة غير عادية، ورغم ذلك لم يبحث أبدا على العيش على هذا الحادث، علما أنه كان على وشك الإحتراف بفريق ميتز الفرنسي قبل بداية المونديال، ومن سوء حظه أيضا أنه إعتزل كرة القدم مبكرا وفي سن 31 بعد إصابة بليغة في الركبة، وذلك عقب 10 سنوات كعميد متميز للرجاء البيضاوي، ليتحول بعدها إلى العمل كمفتش للضمان الإجتماعي."
هذا وسيتذكر المغاربة والأفارقة والعالم هدف حمان رغم الهزيمة في النهاية ضد ألمانيا 2-1 بهدفي سيلير ومولر، في دورة سقط فيها الأسود أيضا ضد بيرو 3-0 وتعادلوا أمام بلغاريا 1-1 في لقاء سجل فيه موهوب الغزواني الهدف الوحيد لأسود الأطلس في تلك المباراة التي منحت منتخبا إفريقيا أول نقطة له في نهائيات كأس العالم.