أنا سعيد بتنظيم مونديال الأندية على أرض المغرب ومتأكد من نجاحها

زرت مراكش سائحا وأعجبت بها وتعرفت على كرة القدم المغربية من خلال نجومها ومبدعيها

نعرف أن أتلتيكو مينيرو سيكون منافسا قويا ولكننا نفكر أولا في مباراة النصف

لا يختلف بيب غوارديولا الذي تنقلنا الكاميرات إلى سحنات وجهه وتقاسيم محياه عند إدارته للمباريات من دكة البدلاء، لا يختلف كثيرا عن غوارديولا الذي يطل عليك في قاعة الندوات الصحفية، فالرجل لا يبتسم إلا عند الضرورة، ولكنه يحتفظ بجدية تبرز قوة الشخصية والثقة بالنفس التي لا تعني الإعتداد.

بيب غوارديولا هو من العلامات الفارقة في تاريخ كرة القدم الحديث، فقد كان وراء ملحمة التيكي تاكا التي صدرتها برشلونة إلى العالم لتحاكي نماذج قديمة من الإعجاز الكروي، ولئن كان ذلك قد حدث في بيت الطفولة والشباب برشلونة فإن غوارديولا أكد جدارته الفكرية عندما جاء لباييرن ميونيخ الفريق المؤمن بعراقته ليبحث عنه ولينصبه أمينا على أحلام الحاضر والمستقبل.

«المنتخب» عندما كانت بمعية العشرات من وسائل الإعلام العالمية في محاورة مباشرة لغوارديولا المدرب المعجزة وقفت على مكامن القوة والإبداع في فكر الرجل، تعالوا نبحر إلى عالم غوارديولا الجميل من خلال سلاسة التفكير ووضوح الرؤية وتواضع عند إبداء الرأي.

ــ لتكن البداية من كأس العالم للأندية التي سيدخلها باييرن ميونيخ بالمغرب كبطل لأوروبا وكمنافس قوي على لقبها، أين تضع مونديال الأندية في سلم أولوياتك؟

غوارديولا: عندما يتعلق الأمر بفريق بقيمة باييرن ميونيخ الذي يحمل علامة العالمية كاملة وعندما يتعلق الأمر بحدث مهم مثل كأس العالم للأندية برغم ما يروج له من فوارق، فإننا سنتوجه إلى هذه المنافسة بكامل إمكاناتنا البشرية والفنية وبكامل تركيزنا أيضا لنفوز بها ولنحصل على درجة العالمية ونضيف اللقب لخزانة النادي.

بالقطع المواجهة ستكون شرسة وقوية لأننا سنوضع أمام أندية توجت بألقاب بطولاتها القارية وتختلف في طبيعة الأداء وأيضا في الحوافز النفسية عنا، لذلك لن نترك شيئا للصدفة.

بهذا المعنى تصبح كأس العالم للأندية حدثا إستراتيجيا ومهما سيتصدر بلا شك الأولويات لأنه سينهي سنة رياضية تقول الأرقام أنها كانت سنة قوية لباييرن ميونيخ.

ــ كأس العالم للأندية التي تنقلت بين الإمارات واليابان تحط الرحال هذه المرة بالمغرب، هل تعتقد أن تنظيمها على بعد ثلاث ساعات أو أقل بالطائرة من ميونيخ سيكون أمرا مفيدا للباييرن؟

غوارديولا: هذه أمور نفكر فيها دائما ونوليها كثيرا من الإهتمام، لذلك نرى أن من حظنا أن تقام البطولة ببلد مثل المغرب الذي أعرفه جيدا وأعرف على أنه بلد عاشق لكرة القدم، ويتوفر على طبيعة ومناخ رياضي سيساعدنا كثيرا على الحضور بقوة في هذه المنافسة العالمية.

ــ الكثيرون يعتقدون أنكم ستكونون في منافسة مباشرة مع أتلتيكو مينيرو البرازيلي بطل أمريكا اللاتينية، فهل تعدون العدة لمواجهة هذا الإحتمال؟

غوارديولا: هناك في بداية الأمر مباراة أولى سنخوضها عن دور نصف النهائي وستكون أمام الفائز في مواجهة بطل إفريقيا وبطل آسيا، وهي مباراة لا بد أن نضعها في الإعتبار لنتخطاها، وبعد ذلك نفكر في المباراة النهائية التي ستضعنا في مواجهة أتلتيكو مينيرو إن هو نجح أيضا في عبور حاجز نصف النهاية.

عندما نلقي نظرة على سجل أبطال كأس العالم للأندية سنجد على أن اللقب كان دائما مقتسما بين أندية أوروبية وأخرى من أمريكا اللاتينية، وبحسب تجربتي المتواضعة أقول بأن الأندية الأمريكية الجنوبية قوية جدا بتنظيمها أولا وبأنساقها التكتيكية التي تتغير بشكل فجائي، لذلك أعتبر أن طريقنا نحو لقب كأس العالم للأندية لن يكون مفروشا بالورود.

ــ هذه الدورة تقام بالمغرب كما أسلفنا، فهل يلعب ذلك في صالح باييرن ميونيخ؟

غوارديولا: بحكم أنني زرت المغرب سائحا وتحديدا أقمت بمدينة مراكش التي هي بالمناسبة مدينة جميلة وأخاذة فإنني موقن أن شكل المنافسة سيختلف لأن هناك طقوسا جديدة، كما أنني أعتبر خروج هذه المنافسة من الإمارات واليابان ونزولها إلى إفريقيا وإلى المغرب تحديدا فكرة جيدة لا بد أن تهنأ عليها الفيفا.

ــ ستكون بدايتكم خلال كأس العالم للأندية بمواجهة الفائز في مباراة الربع نهائي التي ستضع في المواجهة بطل إفريقيا وبطل آسيا؟

غوارديولا: إلى الآن لا نعرف مع من سنتقابل في الدور نصف النهائي (الحوار بالطبع أجري قبل معرفة المتأهل عن القارة الإفريقية)، وعندما نتأكد من ذلك سنتابع عن قرب الفريقين معا لنتعرف على خصوصياتهما، فليس من السهل أبدا أن يتوزع التفكير بين مناطق كثيرة من المنافسة، اليوم ننافس على الواجهة الألمانية وعلى الواجهة الأوروبية وتركيزنا كله على المباريات التي نجريها هذه الأيام، ولكن عندما نقترب من منافسات كأس العالم للأندية بالطبع سنركز على الأندية التي سنواجهها، عموما أنا أحترم كل الفرق ولا أبخس أحدا حقه، وسنعمل على التحضير للمباريات بوضع كل المنافسين في نفس الدرجة من الإهتمام.

ــ أنتم تخوضون اليوم منافسات عصبة الأبطال الأوروبية مدافعين عن لقب هو بحوزتكم، هل يمكن أن تعقد مقارنة بين عصبة الأبطال وبين كأس العالم للأندية؟

غوارديولا: من الصعب جدا أن توضع المقارنات، فعصبة الأبطال هي منافسة قارية نلتقي فيها بأندية لها قواسم مشتركة كثيرة ومعروفة عند بعضها البعض، أما كأس العالم للأندية فهي منافسة تضعك في مواجهة أندية قادمة من قارات أخرى لها بالتأكيد هوية مختلفة ولكن عندما تكون في الباييرن كفريق يملك ثقافة الفوز بالألقاب فإنه من الطبيعي أن ندخل كأس العالم للأندية بهدف الفوز بلقبها.

ــ يقولون أن تنظيم كأس العالم بالمغرب سيجعل منكم فريقا مدعوما من الآلاف من الجماهير باعتبار أن مدينة أكادير هي بالأساس قبلة مفضلة للسياح الألمان، هل هذا الأمر سيرجح كفتكم؟

غوارديولا: عندما تقام كأس العالم للأندية باليابان أو حتى بالإمارات العربية المتحدة فإن الأمر يحتاج إلى ساعات طويلة من السفر وإلى ظروف إقامات مختلفة، وعندما تقام هذه الكأس بالمغرب وهي على بعد ثلاث ساعات بالطائرة من ميونيخ وبمدينة محببة للألمان فإن هذا سينعكس على الحضور المكثف لمناصري باييرن ميونيخ، بالطبع نتمنى أن يكون الحضور نوعيا وأن نحصل على قدر كبير من المساندة وأن ننجح في النهاية في إسعاد كل هذه الجماهير بإهدائها اللقب العالمي.

ــ ما رأيك بخصوص أتلتيكو مينيرو البرازيلي الذي يعيش معه رونالدينيو شبابه الثاني؟

غوارديولا: أتلتيكو مينيرو عندما يتوج وصيفا لبطل البرازيل أولا وعندما يحصل على لقب الليبرتادوريس ثانيا متفوقا على أندية أمريكية لاتينية كبيرة جدا، فهذا دليل على قوته وعلى

 جدارته ودليل أيضا على أنه سيحضر إلى المغرب بهدف الفوز بكأس العالم للأندية، أما ما يتعلق برونالدينيو فهو لاعب مهاري ويملك الكثير من القدرات التي يبرزها بشكل فجائي تضرب دفاعات الخصوم، لقد كان لاعبا بصفوف برشلونة وأعطى للفريق الكاتالاني الشيء الكثير.

ــ هل بدأتم فعلا في إعداد لاعبيكم لمونديال الأندية؟

غوارديولا: من الصعب أن نقفز على الأحداث، هناك اليوم مباريات كثيرة في إنتظارنا عن البوندسليغا التي لا نريد إهدار الفرص والنقط في أي من مبارياتها، وعن عصبة الأبطال الأوروبية التي نريد أن نحسم فيها الأمور مبكرا لنضمن البقاء في الصدارة قبل حلول الدور ثمن النهائي، وبعد أيام سيحين موعد كأس العالم للأندية وعندها سنتحول بكامل تركيزنا النفسي والعملي أيضا لنحضر للبطولة ولنستعد لكل الإحتمالات، عموما هذه البطولة ندخلها مراهنين على الفوز بلقبها.

ــ ولكنكم أصلا مرشحون فوق العادة للتتويج أبطالا للعالم؟

غوارديولا: من عادة الترشيحات أن تصب في مصلحة الأندية الأوروبية والأندية الأمريكية الجنوبية، وإن دخلنا كأس العالم للأندية في ثوب المرشح فعلينا أن نتحمل ضغط الترشيحات وأن نضع في الإعتبار أنه بإمكاننا ملاقاة نادي أتلتيكو مينيرو أو نادي مونتيري أو فريق آخر، وأنا الذي قدت برشلونة في مونديال الأندية بالإمارات أجزم بأن هناك على الدوام صعوبات نستشعرها عند ملاقاة فرق أمريكا الجنوبية لأن لها طبيعة مختلفة ومعقدة أحيانا.

ــ قلت بأنك زرت المغرب كسائح، هل أنت سعيد بالعودة إليه مدربا للباييرن ومنافسا على لقب كأس العالم للأندية؟

غوارديولا: نعم زرت المغرب كسائح في مناسبتين وكانت وجهتي مدينة مراكش الجميلة ووقفت هناك على شغف المغاربة بكرة القدم، ثم إن للمغرب تاريخا كبيرا في كرة القدم فهو من الدول الإفريقية الراقية التي كان لها حضور قوي على الساحة الدولية، ثم إن مشواري كلاعب مكنني من الإحتكاك بالعديد من اللاعبين المغاربة الذين أجدهم مبدعين وموهوبين أيضا، لذلك لا أجامل إن قلت بأنني أسعد الناس بالعودة للمغرب وأتمنى أن الإنطباعات الجميلة التي حملتها ذات يوم كسائح تكون هي إنطباعات الفرح بالعودة من المغرب ونحن متوجون بلقب كأس العالم للأندية.

ــ فرانك ريبيري سيكون منافسا قويا على الكرة الذهبية العالمية، هل تعتقد أنه سيربح الرهان أمام الكبار الآخرين، ميسي، رونالدو وإبراهيموفيتش؟

غوارديولا: بالقطع لا أريد أن أتحدث كثيرا في هذا الأمر ولو أنني في قرارة نفسي أتمنى أن يكون ريبيري هو صاحب هذه الكرة الذهبية فهو واحد من اللاعبين الممتازين، وعندما نطالع الإنجازات الكبيرة التي حققها باييرن ميونيخ سنة 2013 بفوزه بأربعة ألقاب فإننا سنجد على أن فرانك ريبيري كان صاحب فضل كبير في تحقيق هذه الإنجازات، فإذا كان من ضرورة للإحتكام للإنجازات كقاعدة للحكم

، فإن فرانك ريبيري مرشح كبير للفوز بالكرة الذهبية لسنة 2013.

ــ إلى جانب أنك تثوق للفوز بكأس العالم للأندية لا بد وأنك تثوق أيضا لتقديم كرة قدم جميلة لجماهير هذا الحدث بالمغرب؟

غوارديولا: في اعتقادي أن كل من يلعب جيدا يفوز بنسبة عالية جدا، فليس هناك على الأقل في كرة القدم الحديثة من يلعب سيئا ويفوز، لذلك سنحاول أن نكون في كأس العالم للأندية باييرن ميونيخ الذي يملك هوية تكتيكية وشخصية قوية يفرضها بفضل سلاسة أدائه الجماعي، بها فاز بكل الألقاب التي يتحدث عنها اليوم، لذلك أنا موقن من أننا سنمتع الجماهير وستساعدنا الأجواء بأكادير على تقديم أداء راق، ثم إن اللعب على واجهة كأس العالم للأندية يكسر أحيانا من قاعدة الملل التي يستشعرها اللاعبون عندما يحصرون في مناخ واحد وفي أجواء تنافسية واحدة، لذلك أقول أن هذه البطولة مليئة بالحوافز ولاعبو باييرن ميونيخ متشوقون لها.

ــ عندما نسمعك تتحدث عن مراكش وعن أكادير بلهجة المعجب نتساءل، هل بالإمكان أن ينظم باييرن ميونيخ معسكراته الصيفية أو الشتوية بالمغرب عوضا عن السفر إلى أماكن بعيدة؟

غوارديولا: مناسبة كأس العالم للأندية بأكادير ومراكش ستكون لنا فرصة لنقيم الأشياء رياضيا، أنا شخصيا تحدث عن الجانب الكوني الذي له علاقة بأشياء وجدانية يبحث عنها السائح والزائر، لقد قلت بأنني أعجبت بمدينة مراكش ولست أنا وحدي من يقول هذا الكلام فللمدينة ملايين من الزوار، ولكن عندما يتعلق الأمر بمعسكر رياضي يجب أن نحتكم فيه لمعايير الإحترافية والجودة لتحقيق أكبر قدر من الإستفادة فإن ذلك يحتاج إلى معاينة مباشرة، لذلك سنحاول تقييم الأمور بشكل موضوعي عندما ننتهي من مشاركتنا في كأس العالم للأندية، أنا كمدرب متحفز لإقامة معسكرات هناك، لطالما أن إسناد تنظيم كأس العالم للأندية للمغرب لم يكن من فراغ، فالفيفا درس الأمر جيدا وأيقن أن هناك ملاعب ومرافق من الطراز الرفيع لإحتضان أندية من كل القارات.

في النهاية الأمر كله سيكون متروكا لإدارة النادي للحسم فيه.

ــ ما هو الأهم بالنسبة إليك أن تفوز بلقب عصبة الأبطال أو بلقب كأس العالم للأندية؟

غوارديولا: (ضاحكا) هما معا بالطبع، في النهاية الأهم هو أن نلعب جيدا في كل وقت وإن كان هذا الأمر صعبا على اعتبار أن الظروف تختلف من مباراة إلى أخرى، وعندما تلعب جيدا فإنك تفوز وشهيتك تظل على الدوام مفتوحة لحصد الألقاب.

ــ هل جئت إلى باييرن ميونيخ لتنقل إليه طريقة لعب برشلونة؟

غوارديولا: أنا جئت إلى باييرن ميونيخ في إطار توافق على مشروع بعينه، لا يمكن بالقطع أن يكون منتهاه هو نقل طريقة لعب برشلونة، فبرشلونة هو برشلونة بإمكاناته البشرية وبثقافته الرياضية وباييرن ميونيخ هو باييرن ميونيخ بتاريخه الكبير وبثقافته الموغلة في القدم، نحن نحاول أن نعطي للأداء الجماعي شكلا متطورا يساعد على تحقيق الإنتصارات وعلى ربح كل الرهانات، وأعتقد أنكم بدأتم تلمسون في أسلوب باييرن ميونيخ ما يعطي للفريق مناعة تكتيكية وما يضع اللاعبين في وضع مريح ليقدموا أفضل ما لديهم، ولو أن الأمر كان صعبا في بداية الأمر، وهنا أهنئ اللاعبين على أنهم إجتهدوا كثيرا في إختصار زمن التطابق مع المنظور التكتيكي، فقد كنت أظن أن الوقت سيطول حتى يتحقق الإندماج الكامل مع المنظومة التكتيكية.

ــ ما هو أكثر شيء تتخوف منه كمدرب؟

غوارديولا: أن لا يصل الخطاب التكتيكي سريعا وواضحا إلى اللاعبين، وأعتقد أنني نجحت في هذا الأمر إلي حد كبير، لأن اللاعبين كما أنهم رحبوا بالمشروع إستوعبوا بشكل جيد خصوصياته، وما أخافه أكثر ويخافه غيري من الزملاء المدربين هو العياء الذي يصيب اللاعبين جراء المباريات الكثيرة التي يلعبونها مع أنديتهم ومع منتخبات بلادهم، العياء المرادف للإرهاق النفسي والذهني والذي قد يصيب بالملل إن لم نتمكن نحن المدربون من مواجهة الأمر بالتنويع في التداريب والمداورة في لعب المباريات واستخدام ما يلزم من أساليب لمصادرة هذا العياء.

ــ هل من كلمة أخيرة لجماهير كرة القدم المغربية؟

غوارديولا: أنا سعيد بأن أكون بينكم وأعرف جيدا أن لنادي باييرن ميونيخ ولغوارديولا مكانة في قلوب المغاربة، وأتمنى صادقا أن نسعد هذه الجماهير بأن نقدم لها كرة قدم جيدة ونسهم بقدر ما نستطيع في إنجاح بطولة تقام لأول مرة على أرض إفريقية.

حاوره بميونيخ: بدرالدين الإدريسي