قضت بعثة نهضة بركان أوقاتا عصيبة في الجزائر، على هامش مباراة إتحاد الجزائر التي كان مقررا أن تجرى برسم ذهاب الدور نصف النهائي لكأس الكونفدرالية، غير أن السلطات الجزائرية كان لها رأي آخر، إذ في شرخ سافر للأخلاق الرياضية، ومن دون أدنى احترام لمبادئ اللعبة، أبت السلطات الجزائرية إلا أن تفسد العرس الكروي القاري وتلطخ سمعة الكرة الإفريقية، بعد أن احتجزت أقمصة الفريق البركاني في المطار بدعوى وجود خريطة المغرب عليها.

الحارس المتألق حمزة الحمياني وفي حواره مع (المنتخب) يسلط الضوء على الرحلة المثيرة وما عاشه منذ السفر إلى لجزائر إلى حين عودة البعثة لأرض الوطن.

• المنتخب: كيف عشت مع زملائك لاعبي النهضة البركانية، التجربة المريرة في الجزائر؟

ــ حمزة الحمياني: كانت تجربة صعبة ومليئة بالضغوطات والأحداث المثيرة، في الواقع ما كنا ننتظر ما عشناه منذ أن وطأت أقدامنا الجزائر، لأننا سافرنا من أجل خوض مباراة في كرة القدم والعودة بعدها للمغرب للإستعداد لمباراة الإياب، قبل أن نفاجأ بمسلسل يشبه أفلام الرعب. كنا ندرك أن المباريات خارج القواعد في المنافسة الإفريقية، دائما ما تكون صعبة ومحمولة على المفاجآت، لذلك وبحكم تجاربنا في هذه المنافسة، فإننا استعددنا جيدا للمباراة من جميع المستويات ولم نترك أي شيء للصدفة.

• المنتخب: ماذا وجدتم عند وصولكم لمطار الهواري بومدين بالجزائر؟

ــ حمزة الحمياني: الأمور كانت في البداية هادئة، لكننا استغربنا من معطى مهم، تمثل في أن مسؤولي إتحاد الجزائر سبقوا الأحداث واستقبلونا بالورود قبل الشروع في الإجراءات الإدارية، لأنه عادة ما نلتقي مع ممثلي الفرق المضيفة عند إنهاء الإجراءات الإدارية، بخاصة الختم على الجوازات، لكن هذه المرة كان الأمر مختلفا. لقد آدركنا بعدها، أن كل شي كان مخططا له، وقد سارع مسؤلو إتحاد العاصمة إلى استقبالنا بالورود وتوثيق ذلك بالفيديو والصور، بهدف التأكيد على حسن الإستقبال والضيافة، والغاية من ذلك التمويه والتغطية على ما سيحدث لاحقا..

*المنتخب: وماذا حدث بعد ذلك؟

ــ حمزة الحمياني: بعد أن إنتهينا من الإجراءات الإدارية، صعدنا للحافلة بغرض التوجه للفندق، لكننا انتبهنا إلى أن المكلف بالأمتعة تأخر في الخروج لأكثر من ساعة، قبل أن يتناهى لنا أن مسؤولي المطار قرروا الحجز على الأقمصة الرياضية، بدعوى أن بها خريطة المغرب، بعد ذلك طلبوا منا العودة للمطار للخضوع للتفتيش والتأكد من أننا لا نحمل قميصا به خريطة المغرب.

بدأت الأمور تتطور بعد أن قرر المسؤولون في المطار الحجز على الأقمصة ورفضوا تسليمها لنا وطلبوا من المغادرة، لكن ردنا كان واضحا، بأننا لن ندخل أراضيهم دون أمتعتنا الرياضية وأقمصتنا الخاصة بالمباراة.

• المنتخب وكيف غادرتم المطار للتوجه نحو الفندق؟

ــ حمزة الحمياني: الأمور لم تكن سهلة على الإطلاق، بل تطورت للأسوأ، لأن الجزائريين كانوا يحاولون استفزارنا بشتى الطرق لكنهم لم يفلحوا في ذلك، لأن قرارنا كان لا نقاش فيه في موضوع أقمصتنا المحتجزة، وكنا في بعض الفترات مرغمين للتصعيد لأنهم حاولوا استفزارنا أكثر من مرة، لذلك فطنوا أن لدينا كلمتنا وشخصيتنا، ولا مجال للتأثير على قرارنا أو استفزازنا.

• المنتخب: قضيتم 12 ساعة من الجحيم في المطار؟

ــ حمزة الحمياني: فعلا لأن قرارنا من الجانب الإداري كان واضحا، بفضل حنكة مسؤولي نهضة بركان واحترافية الجميع، حيث تسلحنا بضبط النفس وعدم الإنسياق لنزواتهم الرعناء وحماقاتهم، حيث أصرّ مسؤولو النهضة على أخذ أي قرار إلا بحضور ممثل الكاف لتسجيل واقعة احتجاز الأمتعة وأخذ ضمانات رسمية، لذلك مكثنا لمدة 12 ساعة في المطار، كانت الأمور خلالها صعبة، ونحن نفترش الأرض طوال هذه المدة، لأننا لم نتوقع أن نعيش تلك الوضعية لأن هناك من افترش سجادة الصلاة، وهناك من اكتفى بالجلوس فوق الكرسي، شعرنا بعياء كبير، واضطررنا لنقوم ببعض التمارين الرياضية لتذويب العياء.

• المنتخب: غادرتم بعد ذلك المطار واتجهتم للفندق لأخذ قسط من الراحة؟

ــ حمزة الحمياني: فعلا غادرنا المطار بعد ضمانات من الكاف، وخضنا الحصة التدريبية بطريقة عادية يوم السبت وكان هناك تركيز كبير من الجميع.

لقد أكدنا أن نهضة بركان فريق محترف وله خبرة وتجارب، لذلك لم نتأثر باستفزازهم، وكان تركيزنا كبيرا على المباراة التي ستجرى، وخضنا الحصة بكل جدية. ذهبنا للملعب يوم المباراة بنفس التركيز والمسؤولية، لكن في الأخير تهور مسؤوليهم وخروجهم عن دائرة الأخلاق الرياضية، فرض إلغاء المباراة بعد أن واصلنا تتبع كل المساطير القانونية إلى جانب حكام المباراة الذين نفذوا قرار الكونفدرالية الإفريقية، التي انتصرت للكرة المغربية وأحبطت كل المحاولات البائسة للجزائريين.

• المنتخب: هل كان لكم أي تواصل مع العائلة والأقرباء؟

ــ حمزة الحمياني: الأمور كانت صعبة خاصة بعد أن بدأت السلطات الجزائرية تضغط بعد احتجاز الأمتعة الرياضية، كنا نعرف أنهم يبحثون عن جزئيات لاستفزازنا على غرار مراقبتنا ومنعنا من ربط الإتصال أو التصوير بالفيديو، ثم لا ننسى أيضا مناوراتهم بالتشويش على مكالماتنا بقطع الأنترنت والتشويش على المكالمات العادية.

طبعا كنا نعرف قلق أقاربنا وكل المغاربة الذين تابعوا أخبارنا بالتفصيل، من جانبنا حاولنا بين الفينة والأخرى أن نتواصل رغم أن الأمور لم تكن سهلة.

• المنتخب: الإستقبال الذي تمّ تخصيصه لكم بعد العودة إلى المغرب رفع من معنوياتكم، وأنساكم اللحظات العصيبة التي عشتم في الجزائر؟

ــ حمزة الحمياني: فعلا كانت لحظات مؤثرة من خلال الإستقبال الذي لقيته بعثتنا بمطار وجدة أنكاد، والأكثر من هذا تفاعل ساكنة بركان في الشوارع، حيث تؤكد كل هذه الخطوات تضامن المغاربة معنا، ولو أن ذلك لم يكن غريبا، لأننا كنا نعرف أننا لا نمثل فقط مدينة بركان فقط في هذه القضية، بل كل المغرب من طنجة إلى الكويرة، وهي مناسبة لأشكر كل المغاربة على تضامنهم ومساندتهم لنا.