• كسبناه بالإصرار، ننظمه باقتدار ومن المشككين ننتظر الإعتذار..
• كافة المنتخبات تخشى الخصم التاجي قبل حلمها ب»التاج العاجي»

عند الإمتحان يعز المرء أو يهان.. وها هو امتحان التنظيم قد حل فعلا ومعه انتهى مخاض ولادة هذا الكان، الذي كان بالفعل قيصريا، وخلاله تجندت دولة الكامرون عن بكرة أبيها من أجل تنظيم «نسخة العناد انتصارا لكرامة البلاد».
الكان بالكامرون هذه المرة، نسخة لن تكون تقليدية بالمرة بل استثنائية في كافة تجلياتها..
نسخة يحمل من خلالها صامويل ايطو العراب الجديد للكرة الكامرونية تحديات جمة، يقصد بها رأسا وبالمباشر «الفيفا»، كما كشف عن ذلك مؤخرا في عديد خرجاته، موقنا أن الأخيرة اجتهدت أو كافحت كي لا ينظم هذا الكان في موعده، أو أن ينفى من مكانه، في التقرير التالي نعرض بشكل مفصل لما يمثله «كان الكامرون» في تاريخ المسابقة من أهمية بالغة:

• تنظيم بإيعاز من حياتو
كثيرون هم من عابوا على حياتو، وقد كان الرجل يجلس على كرسي رئاسة الكاف، 3 مقاربات رأوا فيها في تقديراتهم الخاصة وهم في صف المعارضة استبدادا بالرأي وتجاوزا لحدود الصلاحيات وتسرعا على مستوى اتخاذ القرارات، وقد كانوا يقصدون بطبيعة الحال ما يلي: أولا إناطة تنظيم  الكان ل3نسخ مقبلة ومعها الشان بشكل متسرع، فقد منح بلاده شرف نسخة 2019 وكوت ديفوار  2021 وغينيا 2032 وبينهما شان كينيا 2019 الذي تحول للمغرب والكامرون 2021، وقد حدث هذا سنة 2015 أي في السنة التي شهدت انتخابات الكاف ورأت هذه الفئة أنه كان يتوجب على حياتو تكليف بلدين فقط «الغابون 2017 والكامرون 2019» وبعدها انتظار الإنتخابات كي يكون للرئيس الجديد موقفه.
ثاني المؤاخذات كانت استئثاره بقرارات مالية كبيرة وعظيمة، تمثلت في بيع كافة حقوق البث التلفزيوني لهذه النسخ لغاية عام 2027، بغلاف مالي رأت فيه الفئة المناوئة له أنه ليس من حقه التصرف في إيرادات كافة هذه السنوات وقد لا يكون رئيسا للكاف، وكان عليه التريث أيضا، فكان هذا واحدا من أسباب ملاحقته وطعن المكتبين التنفيذين اللاحقين للكاف، فترتي أحمد أحمد وموتسيبي فيه.
وثالثا، تأكيده على عدم أحقية الإتحادات الكروية المحلية في نقل مباريات تصفيات كأس العالم على محطاتها الداخلية، فقام بتوزيع 50 ألف دولار على كل اتحاد، وهو ما تسبب في انتفاضة ضده من جنوب افريقيا، المغرب ومصر ثم الجزائر وتونس بعدما قبلت الجامعات الأخرى بذلك، فكسبت التمرد لتنقل مبارياتها داخليا وخارجيا كيف أرادات مناقشة رفضها لنصيبها من الكعكة كما فرضها الرئيس السابق، لذلك كان لزاما تذكير القارئ الكريم بهذه التوطئة كي تتجلى أمامه لاحقا ماهية الصراعات التي رافقت هذه النسخة ومسبباتها.
• قضية دولة
أظهرت الكامرون أريحية كبيرة لما طلب منها أحمد أحمد قبل عامين ودون أن يزور هذا البلد بعدما أطاح بحياتو من قمرة قيادة الكاف، أن تقبل بسحب التنظيم ترجمة لما وصفه نونبر 2018 بالعجز الكبير في الإستجابة لمقتضيات دفتر التحملات الجديد بشروطه القاسية التي بالكاد تطابق إمكانيات 5 بلدان إفريقية كما أكد مكتب أبحاث دولي تابع للجان التفتيش.
قبلت الكامرون، لأنها كانت يومها معترفة أمام مرآة المكاشفة أنها فعلا أبعد ما تكون عن الإستجابة لتنظيم عرس افريقي يضم 24 منتخبا، ليتحول الإتجاه وللمرة الثانية في غضون فترة قصيرة من البلد المعني لتكليف التنظيم صوب بلد «متطوع» بعدما حدث الأمر مع المغرب نسخة 2015 تحت إكراه جائحة «ايبولا» حيث استقر التنظيم في غينيا الإستوائية.
تقدمت مصر متطوعة، فكسبت رهان التنظيم لتنقذ الكاف، لكن بعد نفي النسخة من فصلها الشتوي لتجمع صيفي حارق وبشكل غير مسبوق مكسرا تقاليد عريقة لكأس ارتبطت بفصلي «الشتاء والربيع» تاريخيا.
لذلك تجندت الكامرون لاستعادة ما سلب منها، وقد أصرت على أن تبقي «الشان» على أراضيها ليمثل للكاف والعالم دليلا واعدا على حسن النوايا وجاهزية البلد لاستضافة الكان بعدها بأشهر معدودات.
لذلك حين بدأت تربيطات سحب تنظيم الكان من الكامرون في الكواليس تظهر جليا، حدثت انتفاضة داخلية بهذا البلد، ليخبر الرئيس بول بيا حكومته بأن تتعبأ خلف صامويل ايطو رئيس الجامعة الكامرونية الجديد، ليجعلا من هذه النسخة قضية دولة لا تقبل أي نوع من المزايدات ولو كلف ذلك الكامرونيين ما كلفهم.

• الكامرون تتحدى أوميكرون
في حروف بلد التنظيم وحروف طفرة الجائحة تشابه كبير «الكامرون وأوميكرون» لكن هما ضدان وليس إلفان، فالكامرون وبعد أن كسبت وهذا واقع، معركتها مع جياني اينفانتينو ومن سخرهم في الكواليس لتنفيذ مخطط التأجيل، وبعدها مخطط إبادة الكأس بإهانة واضحة تمثلت في تحويل المحترفين الأفارقة في كبريات الأندية الأوروبية لرهائن لم يتم إطلاق سراحهم إلا مؤخرا، وقد تغيبوا عن فترات التحضير، إلى إقرار تنظيم نسخة مونديال الأندية بتزامن صريح مع  لهيب منافسة الكان، فإن الكامرونيين وقد أيقنوا أنه صودر حلمهم لإنجاح نسختهم غير ما مرة، فإنهم   هذه المرة وبعد مواجهة منافس على المكشوف  متمثلا في «الفيفا»، سيواجهون منافسا افتراضيا اسمه «أوميكرون « المتحور الذي لا يرى ولا يلمس ولا يجارى إلا ببروتوكولات صارمة ومحاذير قد تخفف، لكنها لا تقدم ضمانات من حدوث انتكاسة.
فلئن كانت أمريكا اللاتنية قد نظمت نسخة «كوبا أمريكا» بالبرازيل وقد انسحبت الأرجنتين من التنظيم المتناصف، بإيعاز من ضغوطات شعبية لتقام النسخة على ملاعب ماراكانا المهجورة من الجماهير فترة «الدلتا»، ومعها نجاح 12 بلدا أوروبيا، من المشرق حيث المجر لغاية غرب أوروبا حيث ألمانيا، في تحدي الجائحة ونظمت «اليورو» بحضور قياسي للأنصار بالملاعب، فإنه لأول مرة ومنذ تفشي كورونا، إفريقيا كقارة والكامرون كبلد أمام هذا التحدي الضخم، كي تبرز لنا قدراتها في التنظيم بأخف الأضرار الممكنة وسط تحور  للفيروس التاجي تحت مسمى «أوميكورن الزئبقي» سريع الإنتشار.
هنا لم نتحدث عن مقاربة اليابان وقد طارت بتنظيم تاريخي للأولمبياد في زمن الجائحة لكن بمدرجات فارغة  في ملاعب  طوكيو، لتكون كافة منتخبات النسخة الحالية وإن اختلفت طموحاتها وخططها وتكتيكات مدربيها داخل المستطيل الأخضر لملامسة «التاج العاجي» ب البوديوم، فهي ستتوحد هنا خارج مدارات هذا المستطيل لهزم منافس واحد اسمه «الفيروس التاجي» خشية حدوث انتكاسة لا أحد يرجوها، وإن كان هناك متربصون شامتون في فشل الدورة يترقبونها.

• الراءات الثلاثة
هي راءات التحدي التي تختتم بها بعض الكلمات و«الشالانج» الكبير لكل الكامرونيي، أول راء هي «الإصرار» الذي كان عنوانا كامرونيا، إصرار لربح الكبرياء والكرامة برفض مناقشة كافة مفترحات إينفانتينو السرية، إصرار التنظيم رغم زيارة موتسيبي شخصيا لحمل بعض الضمانات والوعود شريطة قبول مبدأ التأجي، والإصرار على التنظيم في الزمان والمكان المحددين أيا كانت الفاتورة، إصرار أكسب إيطو شعبية جارفة ليتحول في بلاده وهذه المرة في جبة المسؤول، لبطل قومي بعدما رفع على الإكتاف وهو لاعبا ب«صفة الأسطورة».
الراء الثانية راء «الإقتدار والإبهار»، إذ أنه إن كان الإصرار مقدمة وماضيا، فإن الإقتدار هو المضارع والحاضر وخلاله تعهدت الكامرون وهي تمنح الضوء الأخضر ل»الماسكوت» أو تميمة الدورة كي تجول بين باقي مدن هذا البلد، بأن تقدم ليس لإفريقيا فحسب، بل للعالم نسخة فريدة تبدد جبال الخوف وإرهاصات القلق التي سبقتها.
ونأتي للراء الثالثة وهي»راء المستقبل الإعتذار» وفيها سيعجن الكامرونيون الإصرار بالإقتدار والإبهار لينتج عنهما الإعتذار، أي أنهم يترقبون اعتذارا من الفيفا، ومن بقية من ركبوا سفينتها ومن آمنوا ودعموا طرح التأجيل في حال نجحوا في سل شعرة التنظيم بنجاح باهر. هنا سيطالب الكامرونيون كل من عاندوا التنظيم أو مارسوا الفيطو في حقهم، باعتذار صريح مرهون بطبيعة الحال، وأخيرا ليس بزخم تهديفي ولا أداء فرجوي رفيع ولا ملاعب مملوءة عن آخرها، فأكبر نجاح لهذه النسخة هو أن تمر بسلام، دون حدوث انتكاسة وبائية ودون تحايل على المسحات مثلما حدث في الشان ونسخة الشبان وأن تكاثف جهود كافة المنتخبات والمخالطين ومن يدور في فلك هذه «الفقاعة» كي يهزم الجميع «أوميكرون من أجل انتصار الكامرون»، نسأل الله السلامة للجميع..