لم يشكل خبر إنفصال جامعة الكرة، عن البوسني وحيد خليلودزيتش، مفاجأة لفئة واسعة من الجماهير المغربية، فغالبية عشاق "أسود الأطلس"، ظلوا ينادون في الآونة الأخيرة، بضرورة ترك إبن مدينة موستار يرحل غير مأسوف عليه، بعدما ظل يتعنت في طريقة تعامله مع نجوم الفريق  الوطني.

" المنتخب" تعود بكم للوراء، للحديث عن كواليس خروج خليلودزيتش، من عرين الأسود، وكيف بدات الخلافات معه داخل المنتخب المغربي، ومن جنى عليه حتى وجد نفسه يحزم حقائبه ليغادر المغرب قبل خوض مونديال قطر.

 

• بداية الخلاف 

رغم أن الناخب الوطني السابق، وحيد خليلودزيتش، ظل حرا في  الإختيارات التي يقوم بها، دون أن يتدخل في عمله فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم،إلا أن أولى مؤشرات الخلاف الذي نشب بين التقني البوسني والمسؤولين عن قطاع الكرة بالمغرب، إستفحل بعدما قام الأخير، ببعض الإختيارات الغريبة على تشكيلته، وحرصه على إستبعاد الأعمدة الأساسية للمنتخب المغربي.

خليلوديزيتش ومنذ أن قرر إبعاد الثنائي حكيم زياش ونصير مزراوي، عن عرين "أسود الأطلس، والمشاكل تلاحقه في صفوف المنتخب المغربي، فخلال كل الندوات الصحفية التي كان يعقدها، كان ممثلو الصحافة الوطنية، يحاصرونه بالسؤال حول سبب إخراج لاعبين بارزين من مفكرته، وهو الأمر الذي ظل يحاول إبن البوسنة إيجاد تفسير له في أكثر من مناسبة، دون أن يقنع الإعلاميين، وعبرهم الجماهير المغربية، وبخاصة مع إقصاء زملاء الحارس ياسين بونو من ربع نهائي كأس أمم إفريقيا التي أقميت في الكاميرون.

ورغم أن خليلودزيتش، تمكن من قيادة منتخب المغرب، لنهائيات كأس العالم 2022 بقطر، إلا أن ذلك لم يشفع له لدى مسؤولي الجامعة، من أجل الإستمرار في مهمته، فرغم محاولته طي الخلاف مع نصير مزراوي، اللاعب الحالي لبايرن ميونيخ، إلا أن إعلان زميله حكيم زياش الإعتزال الدولي، بسبب الإحباط الذي سببه له الربان البوسني، وتشبت العديد من الجماهير المغربية، بضرورة خوض لاعب تشيلسي الإنجليزي للمونديال المقبل بقطر، جعل شبح زياش يلاحق إبن مدينة موستار البوسنية أينما حل وإرتحل بالمغرب.

• نقطة أفاضت الكأس 

رغم إبعاد وحيد خليلودزيتش، للاعبين بارزين عن صفوف المنتخب المغربي، وإستدعائه أحيانا عناصر لا يكون عليها إجماع النقاد الرياضيين، إلا أن رئيس الجامعة فوزي لقجع، لم يكن قط يتدخل في عمل التقني البوسني، تاركا له كامل الحرية في طريقة إشتغاله.

وكانت النقطة التي أفاضت الكأس، وجعلت علاقة خليلودزيتش ومسؤولي الجامعة تسوء، بعدما تراجع أداء لاعبي المنتخب المغربي، ولم يعد المردود التقني لزملاء أشرف حكيمي مقنعا، ورغم أن أصحاب القرار داخل الجامعة، لم يرغبوا في التسرع بإقالة المدرب وحيد، لاسيما وأنهم ظلوا ينتظرون أن يتطور مردود "أسود الأطلس"، إلا أن لا شيء من ذلك حصل، لتأتي بعض المباريات الودية الأخيرة، التي خاضها الفريق الوطني، لتشعل شرارة القلق في نفس فوزي لقجع، وبالأخص بعد الخسارة في الولايات المتحدة الأمريكية، أمام أبناء "العم سام" بثلاثية، ليعيد رئيس الجامعة حساباته ويقتنع بأن الربان وحيد، لن يسير بسفينة المنتخب المغربي إلى بر الأمان، ما جعل القناعات الإيجابية التي ترسخت في ذهنية مسؤولي الجامعة عن كل الأمور الإيجابية التي قدمها وحيد، منذ توليه الإشراف عن الفريق الوطني تندثر في رمشة عين.

• غضب جماهيري 

بعدما لم يتحسن أداء المنتخب المغربي، ولم يتطور للأفضل، وفي ظل الإحتقان الذي عاشه الشارع الرياضي المغربي، لم يجد فوزي لقجع، أي مسلك من أجل الحفاظ على المدرب وحيد خليلودزيتش في منصبه.

وفي كل مرة كان يحضر فيها التقني البوسني، ليكون موضوعا للنقاش بين الجماهير المغربية، كان هناك شبه إجماع بين المغاربة، حول ضرورة إبعاد المدرب عن قيادة المنتخب الوطني، ورغم ذلك لم يتسرع فوزي لقجع، في إتخاذ قرار إقالة الرجل الذي كان يراهن عليه للتتويج ب"كان" الكاميرون فخذله، قبل أن يبتسم له الحظ بتأهيل رفاق سفيان أمرابط لكأس العالم، بعدما إستقبلوا كل المباريات داخل أرضهم، وهو المعطى الذي ساعدهم على التواجد لثاني مرة على التوالي، في أبرز حدث كروي بالعالم.

ولم يكن الغضب الجماهيري العارم، الذي ظهر واضحا في مواقع التواصل الإجتماعي، بعدما ظل وحيد خليلودزيتش، المطلوب الأول لأنصار الفريق الوطني من أجل إقالته، كافيا من أجل أن يحسم فوزي لقجع، في إبعاد المدرب بشكل متسرع، بل ظل المسؤول الأول يتريث، وفي كل مرة يتحدث الإعلام عن طلاق وشيك بين ربان المنتخب والجامعة، يخرج مسؤولو الأخيرة لنفي الخبر، مادام أنه لم يتخذ مسار الرسمية، لتستمر الأيام وتسوء العلاقة بين خليلودزيتش ومشغله المغربي، قبل أن يتم الحسم في مستقبله. 

• لا نار دون دخان 

"اللاعبون والجمهور" لم يفهموا سبب إستبعاد لاعبين شاركوا مع المنتخب خلال 6 أو 7 أعوام، وحرمانهم من تمثيل المنتخب، كان هناك إهمال في تعزيز ارتباط اللاعبين بفريقهم التقني وتحفيزهم على تقديم افضل ما لديهم، وهو الدور الأساسي للمدرب، كل هذا ولد شعورا باللامبالاة، كان من الضروري أن نوضح لوحيد ان المغاربة قد بدأوا يتعبون من فلسفته، كان من الضروري أن يسير كل واحد في طريقه ورأسه مرفوعة في هاته الفترة التي تم فيها تحقيق إنتصارات مهمة".. بهاته الكلمات تحدث فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وهو يتحدث لوكالة الأنباء الإسبانية، عن أسباب إنفصال الجامعة عن التقني البوسني.

ويبقى الضغط الجماهيري، بعد إبعاد حكيم زياش ونصير مزراوين ونجوم المنتخب المغربي، من الأشياء التي عجلت بضرورة ترك إبن البوسنة يرحل عن عرين "أسود الأطلس"، فالأخبار التي تسربت حول قرب رحيله عن الفريق الوطني منذ وقت طويل، لم تكن سوى دخانا يمهد لإشتعال النار، التي أحرقت ربان المنتخب المغربي، الذي رحل مع رسالة شكر من الجامعة على الأيام التي قضاها بالمغرب، بعدما قاد زملاء الحارس ياسين بونو لمونديال قطر 2022.